لماذا لا نرجع إلى مرجعية «عابرة للأديان»؟!

سمعت أحد المحاضرين ممّن يتكلّم ويكتب بشأن الدين بآراء حديثة؛ يقول: ليس من الضروري الإسلام والإيمان للفقيه الذي نأخذ منه أحكامنا الشرعية؛ فالمرجعية يمكن أن تكون عابرة للأديان!

ما هو رأيكم؟

تخيّلوا أن تأخذوا أحكامكم الشرعية من بوذي أو مسيحي أو وهابي، ما هو رأيكم؟! 

من المتفق عليه لدى أعلامنا اشتراط الإسلام والإيمان في المجتهد الذي يراد تقليده، وقد استدلوا على اعتبارهما بأدلّة منها:

الأول: مقبولة عمر بن حنظلة حيث ورد فيها: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا، وإن كان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى: " يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ".

قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران [إلى] من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله".

ومعتبرة ابي خديجة: "إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فأجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا إليه"؛ فأمر الإمام (عليه‌السلام) بلزوم كون التحاكم الى القاضي الشيعي، يتعدى إلى المفتي بقياس الأولوية أو المساواة. 

 الثاني: ما ورد في رواية علي بن سويد السايي؛ قال: كتب إلي أبو الحسن (عليه‌السلام) وهو في السجن: وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك، لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين، الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، إنهم ائتمنوا على كتاب الله، فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته، ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة.  

وكذا ورد في رواية أحمد بن حاتم بن ماهويه قال: كتبت إليه - يعني أبا الحسن الثالث (عليه‌السلام) - أسأله عمن آخذ معالم ديني؟ وكتب أخوه أيضا بذلك، فكتب إليهما، فهمت ما ذكرتما، فاصمدا في دينكما على كل مسن في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى.  

وصحيحة محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول كل من دان الله عز و جل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من الله، فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و الله شانئ لأعماله... و إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا‌ محمد إن أئمة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلوا و أضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرمٰاد اشتدت به الريح في يوم عاصف لٰا يقدرون مما كسبوا على شي‌ء، ذلك هو الضلٰال البعيد .  

وكيف نقلِّد من كان ضالاً متحيرًا بل كافرًا منافقًا معزولاً عن دين الله؟! 

 الثالث: قصور المقتضي للحجية في مثل هذا المدعى؛ وهو بحث تخصصي لا يفيد ذكر تفاصيله هنا.  

الرابع: العلم بمذاق الشارع من عدم رضاه بتصدّي غير المسلم أو غير المؤمن لغير الشيعة فإنّ في ذلك وهنًا عظيمًا عليهم، وهو تام جدّا، ويساعده الارتكاز القطعي المتشرعي على ذلك.