الصدقة تدفع البلاء.. هل تشمل هذه القاعدة ’صدقة الكافر’؟

الظاهر من الروايات التي جاءت في استحباب الصدقات وما يترتب عليها من أثار في الدنيا والآخرة جاءت كخطاب للمؤمنين، مثل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته).

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 وقوله (صلى الله عليه وآله): (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب). وقول الإمام علي (عليه السلام): (الصدقة جنة من النار). وفي نفس هذا السياق جاءت روايات دفع الصدقة للبلاء، مثل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد ابرم إبراما، ولا يذهب بالأدواء إلا الدعاء والصدقة). وقوله (صلى الله عليه وآله): (الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص)، وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر، ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء).

وعلى هذا النحو لا يمكننا الجزم بأن ذلك يشمل صدقة الكافر أيضاً؛ لأن لسان تلك النصوص خاص بالمؤمنين وحدهم، وبالتالي لا يمكن تعميمها لتشمل الكافر أيضاً، فعندما يكون الكلام في مقام نسبة أمر معين لله وللرسول وللأئمة يجب التقيد بلسان النصوص، وما جاءت به نصوص الصدقة خاص بالمؤمنين دون غيرهم، بمعنى لا يمكننا أن نقول إن نصوص الإسلام بشرت الكافر المتصدق بدفع البلاء كما بشرت المؤمن، فلا سبيل لنا لذلك طالما لم نجد ذلك في النصوص.

 فلو افترضنا أن التأمل والاجتهاد يقودنا إلى القول بأن الروايات تتحدث عن الصدقة بوصفها سبب لدفع البلاء، وبالتالي هي قاعدة عامة حالها حال كل الأسباب التي يتوسل بها المؤمن والكافر، فحتى لو صح هذا الاجتهاد إلا أن ثبوته لا يخولنا للحديث عنه بلسان الله ورسوله، لأنه يظل اجتهاد له علاقة بتنقيح المناط، الأمر الذي لا يمكن الجزم به، فلعل المناط ليس مجرد دفع الصدقة، وإنما المناط هو دفع الصدقة مع قصد القربى، وحينها يستحيل على الكافر تحقيق شروط هذا السبب.

وفي الخلاصة إذا وقفنا عند ظاهر النصوص فهي خاصة بالمؤمنين، إلا أن ذلك لا يمنع أن يدفع الله البلاء في الواقع عن الجميع بصداقاتهم حتى وإن لم يكنوا مؤمنين، فالأمر علمه عند الله تعالى.