من سكن في الأرض قبل آدم (ع)؟!

كما ورد في الروايات المعتبرة المعتمدة عند الفريقين، شيعة وسنة، ولا يسعنا سردها الآن، كان يسكن الأرض، قبل خلق آدم من طين نوعان من المخلوقات، هما: الجن، والنسناس، وقد كان إبليس خليفة الله عليهم جميعاً في الأرض، وقد كان هذا قبل آدم عليه السلام بآلاف مؤلفة من السنين.

قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ) أوّل (خَلِيفَةً) عاقل من البشر (قَالُوا) الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) كما فعل الجن والنسناس؟!!.

وهيهنا حسد إبليس آدم؛ لأنّ الله انتزع سلطان الخلافة في الأرض من إبليس لآدم .

مما يدل عليه تقديم الجن على الإنس في كل القرآن؛ كقوله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا...) وهو صريحٌ، والوجه فيه ما قلناه من أنّ الجن سبقوا الإنس في خلافة الأرض.

الجن كائن عاقل مكلف، مخلوق مادياً من نار، وأمّا النسناس، فمخلوق مادياً، من مجموع الطين والنّار، غير عاقل ولا مكلف كالجن والإنسان..

إذ لا ينبغي الشك أنّ النسناس كالنياندرتال، كائنٌ ليس بعاقل كالجن والإنسان، وإنّما هو قبل آدم، مسخّر للجن المكلف العاقل، كما سخر الله لنا الحمار والحصان والجمل للزينة، والكلب والفأرة والخنزير لتطهير الأرض... .

حسبنا قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) جن وإنس فقط، بلا نسناس .

وقوله تعالى: (يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) جن وإنس فقط، بلا نسناس .

ويمكن أن يقال: الجنّ إذا تجسد بجسد طيني، ألحق بالنسناس؛ كالكلب البهيم، وبعض الأفاعي و...، وهذا لا يسقط عنه التكليف .

وأياً كان فالنسناس مع الإلحاق على أصناف، منهم: الكلب البهيم، ومنهم: السعلية، ومنهم: الغول، ومنهم: المارد، ومنهم: يأجوج ومأجوج، ومنهم التمساح والأفعى الطائرين، ومنهم: الديناصور الذي يخرج من فمه ناراً، وأصناف أخرى لا يسعنا ذكرها هيهنا، وأغلبها (انقرض) أفناها الله بحكمته.

وقد يصنف بعض العلماء، وكما ورد في الأخبار، بعض أصناف النسناس، أنّها من الجن، ولا مشاحة لأنّها مخلوقة من مجموع النّار والطين؛ كقول النبي: (الكلب البهيم من الجن) على الأصل ولا ينافي كونه نسناساً إلحاقاً، إذا تجسد طينياً ..

ومن النسناس: ما يشبه الإنسان كالنياندرتال أو غيره فيما زعموا، وهذا ليس بإنسان بشر وإن تشابها شكلاً، فهما كالثعلب والذئب نوع أحدهما غير نوع الآخر ..

الحفريات، لو ثبتت، فهي تتحدث عن نسناس ليس بعاقل، فشكله وإن كان مشتركاً ما بين القرد والبشر، بيد أنّه ليس ببشر آدمي خالص عاقل تماماً مكلفاً كالإنسان والجن؛ إذ لم يثبت التكليف بنحو الجزم إلّا للجن الخالص والإنس الخالص لا غير .