استنفار نسوي: أزواج يطالبون زوجاتهم بالتشبّه ببطلات ’المسلسلات المدبلجة’!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

 

المسلسلات المدبلجة.. ثقافة دخيلة إلى مجتمعنا

بين الحين والآخر تظهر على الفضائيات العربية مسلسلات تخل بمبادئنا الإسلامية وحتى العربية بحيث أصبح التلفزيون عبئاً يقع على عاتق الآباء والمربين بينما القائمون على هذه الفضائيات لا يكترثون بما ستؤول إليه الأمور بعد عرض تلك المسلسلات.

 [اشتراك]

والملفت للنظر أنّ القناة الواحدة تعرض أكثر من مسلسلة بالتتابع بحيث لا تسمح بالمشاهد ببرمجة أفكاره والتمييز بين الصالح والطالح المعروض، حيث تزق للمشاهد الأفكار بشكل تدريجي ويكون تقبلها للشباب أكثر من غيرهم خاصة المراهقين فضلاً عن إن بعض الأزواج أصبح يتحجج ويطلب من زوجته أن تكون نسخة طبق الأصل من بطلات المسلسلات المدبلجة بحيث جعل الزوجة بحالة استنفار عام لتلبي احتياجات زوجها المغتر بالظواهر الخداعة وترك المضمون الأساس للحياة الزوجية.

 أم رفاه شابة لم تتجاوز العشرينات من عمرها تتصف بالكياسة والعفاف تتلفت يميناً ويساراً وكأنها تبحث عن شيء ثمين فقدته في زحمة ممرات المحكمة المكتظة بالمراجعين عندما اقبلنا لسؤالها عن نوع معاملتها أجابت: لدي معاملة للطلاق حيث رفعها زوجي ولأسباب واهية لم يعلن عنها صراحة أمام القاضي لكنه تلونه بألوان عديدة وتعذر بحجج واهية حتى يضع اللوم علي ثمّ يقوم بتطليقي، وتضيف أم رفاه: إنّ السبب الرئيس وراء وصول علاقتنا إلى هذا المستوى هي بطلة إحدى المسلسلات المدبلجة، وتستدرك قولها: كان زوجي كلما يشاهد هذه المسلسلة اللعينة يبدأ بالشجار والبحث عن مشاكل من تحت الأرض وأكثر الأحيان يتركني وابنته الصغيرة للمبيت خارج المنزل لافته إلى إنني لم أترك المنزل قط بل بدأت أسايره لمعرفة السبب حتى صارحني بأنّه يريدني أن، أصبح مثل تلك البطلة. وتضيف أم رفاه: عندما ذهبت إلى أهلي وطلبت من والدتي مرافقتي إلى أحد مراكز التجميل تذمرت والدتي كثيراً وقالت لي: أنّه أفقد علاقتكما الزوجية الثقة ماذا يفعل إذا تقدم السن بك؟ هل يتزوج بأخرى ويتركك أم ماذا؟ وتقول أم رفاه: وبالرغم من معارضة أمي الشديدة لمركز التجميل إلا إنها رافقتني والمفارقة التي حدثت أن طبيب التجميل رفض ذلك وقال: إنّ عمليات التجميل لا تعمل إلى السليمات أو تغير الأشكال وإنما لاستئصال الزوائد الحمية، أو اعوجاج الأنف بسبب التعرض للحوادث، أو معالجة مناطق الحروق وغيرها، وتضيف أم رفاه: أن رد الطبيب كان وقعه قاسياً على زوجي لذا تركني ورفع عليّ قضية طلاق ليتسنى له الزواج بشبيهة البطلة أو الذهاب إلى تركيا والزواج بها أفضل! أما أم زينب تقول: لم يعطني زوجي فرصة الذهاب إلى طبيب تجميل أو حتى صالون تجميل وإنما اكتفى برفع دعوى طلاق وتركني مع ثلاثة أطفال والفخر يعود إلى بطلات المسلسلات المدبلجة، وتضيف: لقد تحجج بعدم تركي للوظيفة وعدم إطاعته في التصرف براتبي الشهري أو مصوغاتي الذهبية أو ممتلكاتي الأخرى لا لحاجته وإنما لإلقاء اللوم عليَّ.

 في صالونات التجميل: مالكة إحدى صالونات التجميل تقول: لقد تضاعف عدد النساء اللواتي يطالبن بتغيير أشكالهنّ والتشبه بإحدى بطلات المسلسلات المدبلجة بشكل كبير جدّاً بحيث بعض النساء بدأن يغيرن أشكالهنّ كل أسبوع تقريباً، والأخريات فقدن نظارة وجوههنّ وتلف جلودهنّ وتساقط الشعر بسبب الأصباغ الكثيرة والضارة ومواد التجميل الكيميائية فضلاً عن عمليات التاتو وغيرها، وتضيف إنّ عمل صالون الحلاقة لا يتعدى أكثر من قص الشعر، أو صبغه، أو إزالة الشعر غير المرغوب به ولا تستطيع عاملة الصالون إلى إزالة أعضاء وتبديلها بأخرى لأنّ هذا من اختصاص طبيب التجميل فضلاً عن إن خلقة الله سبحانه وتعالى لا يستطيع الإنسان تغيرها مهما فعل (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم).

إحدى الجالسات في صالون الحلاقة أم عذراء تقول: إنّ أغلب ما تقوم به المرأة من مسايرة الموضة وحداثتها بسبب المعروض من المسلسلات المدبلجة بحيث تضع المرأة أهمية كبيرة حتى ترضي زوجها الباحث عن الحداثة والتغيير وتضيف إنّ هذا العمل لا ضير فيه لو كان معقولا لأنهما بحاجة إلى إدخال التجدد على الحياة الزوجية إلا أنّ الضرر الذي يحدث هو لهث الرجال المفرط وراء كل بطلات المسلسلات المدبلجة حيث جعل الزوجة في هاجس خوف وقلق على الاحتفاظ بزوجها كذلك تزعزع الثقة بينهما لأنّه بتصرفه هذه يجعل زوجته تضع في بالها وباستمرار تركها في أي لحظة لافتة إلى أنّ المهم هو اهتمام المرأة بنفسها كذلك اهتمام الزوج بها وبأطفاله وببيته وترك المظاهر الكاذبة والسموم التي تبثها هذه المسلسلات، وتضيف: باعتقادي مجتمعنا يكتض بمشاكل كثيرة فلا يمكن زيادتها بتوافه مثل المسلسلات المدبلجة وغيرها، أم فاتن تقول: إنّ المجتمع التركي أصلا متذمر من تلك المسلسلات واعترض على التشويه الذي تعرضه هذه المسلسلات للواقع الحقيقي التركي حيث هناك الكثير من الالتزام والأعراف الاجتماعية والتقاليد التي تحصن المجتمع من الوقوع في أحضان الرذيلة إلى هذه الحد، وتضيف أم فاتن: إن أحد التقارير التلفزيونية أكدت إن رواج المسلسلات التركية في تركيا نفسها قليل جدّاً واشتهار تلك المسلسلات في الفضائيات العربية فقط وهذا يعود باللائمة على القائمين على تلك القنوات الذين لم يضعوا المصلحة العامة فوق كل المردودات المادية أو اعتباراتهم الشخصية الأخرى.

للقانون رأي: المحامية ليلى قيس تقول: إنّ أغلب قضايا الطلاق التي تعرض علينا تكون أسبابها المبطنة هي المسلسلات المدبلجة ولا يفصح بها الزوج علانية خاصة أمام القاضي لأنّه في هذه الحالة ستحصل المرأة على حكم بالطلاق المتعسف أي يخسر الزوج كل حقوقها فضلاً عن موقفه الضعيف جدّاً أمام القاضي ولا يسمح له بإلحاق مزيداً بالأذى على زوجته لأنّه أصابها بضرر فادح لأنها غير مسؤولة عن شكلها، وتضيف: كذلك ينظر القاضي إلى الحالة الإنسانية للمدعي عليها (الزوجة) إضافة إلى سؤال (المدعي) عن سبب زواجه بتلك المرأة إذا لم يكن مقتنعاً تماماً بها وهل هي في سلعة بمقدوره انتقائها بين الحين أو تركها في حين آخر؟ لذا نجد الزوج يتحجج بالكثير من الحجج ويلفق في أوقات أخرى الكثير من القصص الكاذبة لتبرئة نفسه.

وللدين رأي: وعن حكم مشاهدة المسلسلات التركية المدبلجة والتي فيها من اللقطات الفاضحة والغير أخلاقية فقد ورد في الاستفتاء الصادر عن سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) تحرم مشاهدة الأفلام المذكورة ونحوها إذا كانت تؤثّر على المُشاهد وتوجب انحرافه أو إثارته، بل الأحوط لزوماً ترك مشاهدتها مطلقاً إن كانت تتضمّن مشاهد خلاعيّة، كما يجب على المؤمنين وأولياء الأمور أن يجنبوا أنفسهم وأهليهم ذلك وأن يحولوا دون توفر أسبابه قال تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم/ 6).

في غرفة الباحثة الاجتماعية.. تقول الباحثة الاجتماعية وسن عبد الأمير: لا توجد إحصائيات دقيقة عن هذه الموضوع بسبب إنّ القضايا التي تصل إلى المحكمة من هذا النوع تكون المسلسلات المدبلجة من الأسباب الخافية أو المبطنة وهي بذلك تتفق مع المحامية ليلى وتضيف الباحثة وسن: إن عمل الباحثة الاجتماعية يأتي متأخراً جدّاً كما في قضايا الطلاق العادية إلا إننا نحاول قدر الإمكان هو الجمع ما بين الزوجين وسماع الأسباب والمبررات وفي الكثير من الأحيان يعترف الزوج أنّه يريد أن تصبح زوجته مثل بطلات المسلسلات المدبلجة أمام الباحثة الاجتماعية فقط بحيث تتفاجئ الزوجة باعترافه الذي قلب كل حياتهما لافتة إلى إننا نقول بإبداء النصائح لكلا الطرفين والتركيز على الزوجة على الاهتمام أكثر بنفسها ومحاولة إصلاح بعض ما أفسده الزمن لأنها معرضة للتعب أكثر من الرجل بسبب الحمل والولادة وتربية الأبناء وبما أنها ملاذ الرجل الأخير لذا عليها أن تلبي جميع طلباته المعقولة، وتشير الباحثة وسن: إنّ للرجل حصة في النصائح بأن تكون طلباته معقولة تستطيع المرأة أن تلبيها فضلاً عن إنّ الزواج رابط مقدس لا تقطعه بطلات المسلسلات المدبلجة وغيرها وإنّ الجمال الحقيقي هو الجمال الداخلي بالإضافة إلى الحب والاحترام والألفة فهذه من مقومات هذا الرابط وتزيد من أواصره ويمكن بها التغلب على متقلبات الحياة بخيرها وشرها.

نقلاً عن بشرى