جواب صادم لمنكري «القرآن» و «النبوّة»!

أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْ‌ءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّـهِ سُبْحانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣).

‏هذه الآيات تواصل البحث الاستدلالي السابق- كذلك- وهي تناقش المنكرين للقرآن و نبوّة محمّد صلّی اللّه عليه و آله و سلّم و قدرة اللّه سبحانه.

‏وهي آيات تبدأ جميعها ب «أم» التي تفيد الاستفهام و تشكّل سلسلة من‌ الاستدلال في أحد عشر سؤالا متتابعا (بصورة الاستفهام الإنكاري)، و بتعبير أجلی: إنّ هذه الآيات تسدّ جميع الطرق بوجه المخالفين فلا تدع لهم مهربا في عبارات موجزة و مؤثّرة جدّا بحيث ينحني الإنسان لها من دون إختياره إعظاما و يعترف و يقرّ بانسجامها و عظمتها. فأوّل ما تبدأ به هو موضوع الخلق فتقول: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْ‌ءٍ أَمْ هُمُ‌ الْخالِقُونَ‌١.

‏وهذه العبارة الموجزة و المقتضبة في الحقيقة هي إشارة إلی «برهان العليّة» المعروف الوارد في الفلسفة و علم الكلام لإثبات وجود اللّه، و هو أنّ العالم الذي نعيش فيه ممّا لا شكّ- فيه- حادث (لأنّه في تغيير دائم، و كلّ ما هو متغيّر فهو في معرض الحوادث، و كلّ ما هو في معرض الحوادث محال أن يكون قديما و أزليّا).

‏و الآن ينقدح هذا السؤال، و هو إذا كان العالم حادثا فلا يخرج عن الحالات الخمس التالية:

‏١- وجد من دون علّة!

٢- هو نفسه علّة لنفسه.

‏٣- معلولات العالم علّة لوجوده.

‏٤- إنّ هذا العالم معلول لعلّة اخری و هي معلولة لعلّة اخری إلی ما لا نهاية.

‏٥- إنّ هذا العالم مخلوق لواجب الوجود الذي يكون وجوده ذاتيا له.

‏و بطلان الاحتمالات الأربع المتقدّمة واضح، لأنّ وجود المعلول من دون علّة محال، و إلّا فينبغي أن يكون كلّ شي‌ء موجودا في أي ظرف كان، و الأمر ليس كذلك! و الاحتمال الثاني و هو أن يوجد الشي‌ء من نفسه محال أيضا، لأنّ مفهومه أن‌ يكون موجودا قبل وجوده، و يلزم منه اجتماع النقيضين [فلاحظوا بدقّة].

‏و كذلك الاحتمال الثالث و هو أنّ مخلوقات الإنسان خلقته، و هو واضح البطلان إذ يلزم منه الدور!.

‏و كذلك الاحتمال الرابع و هو تسلسل العلل و ترتّب العلل و المعلول إلی ما لا نهاية أيضا محال، لأنّ سلسلة المعلولات اللّامحدودة مخلوقة، و المخلوق مخلوق و يحتاج إلی خالق أوجده، تری هل تتحوّل الأصفار التي لا نهاية لها إلی عدد؟! أو ينفلق النور من ما لا نهاية الظلمة؟! و هل يولد الغنی من ما لا نهاية له في الفقر و الفاقة؟

‏فبناء علی ذلك لا طريق إلّا القبول بالاحتمال الخامس، أي خالقية واجب الوجود [فلاحظوا بدقّة أيضا].

‏و حيث أنّ الركن الأصلي لهذا البرهان هو نفي الاحتمال الأوّل و الثاني فإنّ القرآن اقتنع به فحسب.

‏و الآن ندرك جيّدا وجه الاستدلال في هذه العبارات الموجزة! الآية التالية تثير سؤالا آخر علی الادّعاء في المرحلة الأدنی من المرحلة السابقة فتقول: أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‌.

‏فإذا لم يوجدوا من دون علّة و لم يكونوا علّة أنفسهم أيضا، فهل هم واجبو الوجود فخلقوا السماوات و الأرض؟! و إذا لم يكونوا قد خلقوا الوجود، فهل أو كل اللّه إليهم أمر خلق السماء و الأرض؟ فعلی هذا هم مخلوقون و بيدهم أمر الخلق أيضا!!.

‏من الواضح أنّهم لا يستطيعون أن يدّعوا هذا الادّعاء الباطل، لذلك فإنّ الآية تختتم بالقول: بَلْ لا يُوقِنُونَ‌! أجل، فهم يتذرّعون بالحجج الواهية فرارا من الإيمان! ثمّ يتساءل القرآن قائلا: فإذا لم يدّعوا هذه الأمور و لم يكن لهم نصيب في‌ الخلق، فهل عندهم خزائن اللّه‌ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ‌٢ ليهبوا من شاؤوا نعمة النبوّة و العلم أو الأرزاق الآخر و يمنعوا من شاؤوا ذلك: أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ‌ علی جميع العوالم و في أيديهم امور الخلائق؟! انّهم لا يستطيعون- أن يدّعوا أبدا أنّ عندهم خزائن اللّه تعالی، و لا يملكون تسلّطا علی تدبير العالم، لأنّ ضعفهم و عجزهم إزاء أقل مرض بل حتّی علی بعوضة تافهة و كذلك احتياجهم إلی الوسائل الابتدائية للحياة خير دليل علی عدم قدرتهم و فقدان هيمنتهم! و إنّما يجرّهم إلی إنكار الحقائق هوی النفس و العناد و حبّ الجاه و التعصّب و الأنانية!.

‏و كلمة: «مصيطرون» إشارة إلی أرباب الأنواع التي هي من خرافات القدماء، إذ كانوا يعتقدون أنّ كلّ نوع من أنواع العالم إنسانا كان أمّ حيوانا آخر أم جمادا أم نباتا له مدبّر و ربّ خاصّ يدعی بربّ النوع و يدعون اللّه «ربّ الأرباب» و هذه العقيدة تعدّ في نظر الإسلام «شركا» والقرآن في آياته يصرّح بأنّ التدبير لجميع الأشياء هو للّه وحده و يصفه بربّ العالمين.

‏وأصل هذه الكلمة من «سطر» و معناه صفّ الكلمات عند الكتابة، و «المسيطر» كلمة تطلق علی من له تسلّط علی شي‌ء ما و يقوم بتوجيهه، كما أنّ الكاتب يكون مسيطرا علی كلماته (و ينبغي الالتفات إلی أنّ هذه الكلمة تكتب بالسين و بالصاد علی السواء- مسيطر و مصيطر- فهما بمعنی واحد و إن كان الرسم القرآن المشهور بالصاد «مصيطر»).

‏و من المعلوم أنّه لا منكرو النبوّة و لا المشركون في العصر الجاهلي و لا سواهما يدّعي أيّا من الأمور الخمسة التي ذكرها القرآن، و لذلك فإنّه يشير إلی موضوع آخر في الآية التالية فيقول: إنّ هؤلاء هل يدعون أنّ الوحي ينزل عليهم‌ أو يدعون أنّ لهم سلّما يرتقون عليه إلی السماء فيستمعون إلی أسرار الوحي: أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ‌.

‏و حيث إنّه كان من الممكن أن يدّعوا بأنّهم علی معرفة بأسرار السماء فإنّ القرآن يطالبهم مباشرة بعد هذا الكلام بالدليل فيقول: فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ‌.

‏و من الواضح أنّه لو كانوا يدّعون مثل هذا الادّعاء فإنّه لا يتجاوز حدود الكلام فحسب، إذ لم يكن لهم دليل علی ذلك أبدا٣.

‏ثمّ يضيف القرآن قائلا: هل صحيح ما يزعمون أنّ الملائكة إناث و هم بنات اللّه؟! أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ‌؟! و في هذه الآية إشارة إلی واحد من اعتقاداتهم الباطلة، و هو استياؤهم من البنات بشدّة، و إذا علموا أنّهم رزقوا من أزواجهم «بنتا» اسودّت وجوههم من الحياء و الخجل! و مع هذا فإنّهم كانوا يزعمون أنّ الملائكة بنات اللّه، فإذا كانوا مرتبطين بالملإ الأعلی و يعرفون أسرار الوحي، فهل لديهم سوی هذه الخرافات المضحكة .. و هذه العقائد المخجلة؟! و بديهي أنّ الذكر و الأنثی لا يختلفان في نظر القيمة الإنسانية .. و التعبير في الآية المتقدّمة هو في الحقيقة من قبيل الاستدلال بعقيدتهم الباطلة و محاججتهم بها.

‏و القرآن يعوّل- في آيات متعدّدة- علی نفي هذه العقيدة الباطلة و يحاكمهم في هذا المجال و يفضحهم‌!! ثمّ يتنازل القرآن إلی مرحلة اخری، فيذكر واحدا من الأمور التي يمكن أن تكون ذريعة لرفضهم فيقول: أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ‌.

‏«المغرم»- علی وزن مغنم و هو ضدّ معناه- أي ما يصيب الإنسان من خسارة أو ضرر دون جهة، أمّا الغريم فيطلق علی الدائن و المدين أيضا.

‏و «المثّقل» مشتقّ من الأثقال، و معناه تحميل العب‌ء و المشقّة، فبناء علی هذا المعنی يكون المراد من الآية: تری هل تطلب منهم غرامة لتبليغ الرسالة فهم لا يقدرون علی أدائها و لذلك يرفضون الإيمان؟! و قد تكرّرت الإشارة في عدد من الآيات القرآنية لا في النّبي فحسب، بل في شأن كثير من الأنبياء، إذ كان من أوائل كلمات النبيين قولهم لأممهم: لا نريد علی إبلاغنا الرسالة إليكم أجرا .. ليثبت عدم قصدهم شيئا من وراء دعوتهم و لئلّا تبقی ذريعة للمتذرّعين أيضا.

‏و مرّة اخری يخاطبهم القرآن متسائلا أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ‌ فهؤلاء يدّعون أنّ النّبي شاعر و ينتظرون موته لينطوي بساطه و ينتهي كلّ شي‌ء بموته و تلقی دعوته في سلّة الإهمال، كما تقدّم في الآية السابقة ذلك علی لسان المشركين إذ كانوا يقولون .. نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ‌.

‏فمن أين لهم أنّهم سيبقون أحياء بعد وفاة النبي؟! و من أخبرهم بالغيب؟! و يحتمل أيضا أنّ القرآن يقول إذا كنتم تدّعون معرفة الأسرار الغيبية و أحكام اللّه و لستم بحاجة إلی القرآن و دين محمّد فهذا كذب عظيم‌٤.

‏ثمّ يتناول القرآن احتمالا آخر فيقول: لو لم يكن كلّ هذه الأمور المتقدّمة، فلا بدّ أنّهم يتآمرون لقتل النّبي و إجهاض دعوته و لكن ليعلموا أنّ كيد اللّه أعلی‌ و أقوی من كيدهم: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ‌٥.

‏و الآية الآنفة يطابق تفسيرها تفسير الآية (٥٤) من سورة آل عمران التي تقول: وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّـهُ وَ اللَّـهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ‌.

‏و احتمل جماعة من المفسّرين أنّ المراد من الآية محلّ البحث هو: «انّ مؤامراتهم ستعود عليهم أخيرا و تكون وبالا عليهم ...» و هذا المعنی يشبه ما ورد في الآية (٤٣) من سورة فاطر: وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ‌.

‏و الجمع بين التّفسيرين الآنفين ممكن و لا مانع منه.

‏و يمكن أن يكون لهذه الآية ارتباط آخر بالآية المتقدّمة، و هو أنّ أعداء الإسلام كانوا يقولون: ننتظر موت محمّد. فالقرآن يردّهم بالقول بأنّهم ليسوا خارجين عن واحد من الأمرين التاليين .. أمّا أنّهم يدّعون بأنّ محمّدا يموت قبل موتهم حتف أنفه. فلازم هذا الادّعاء أنّهم يعلمون الغيب، و أمّا أنّ مرادهم أنّه سيمضي بمؤامراتهم فاللّه أشدّ مكرا و يردّ كيدهم إليهم، فهم المكيدون! و إذا كانوا يتصوّرون أنّ في اجتماعهم في دار الندوة و رشق النّبي بالتّهم كالكهانة و الجنون و الشعر أنّهم سينتصرون علی النّبي فهم في منتهی العمی و الحمق، لأنّ قدرة اللّه فوق كلّ قدرة، و قد ضمن لنبيّه السلامة و النجاة حتّی يبلغ دعوته العالمية.

‏و أخيرا فإنّ آخر ما يثيره القرآن من أسئلة في هذا الصدد قوله: أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّـهِ‌؟! و يضيف- منزّها- سُبْحانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ‌.

‏فعلی هذا لا أحد يستطيع أن يمنعهم من اللّه و يحميهم، و هكذا فإنّ القرآن يستدرجهم و يضعهم أمام استجواب عجيب و أسئلة متّصلة تؤلّف سلسلة متكاملة مؤلّفة من أحد عشر سؤالا! و يقهقرهم مرحلة بعد مرحلة إلی الوراء!! و يضطرهم‌ إلی التنزّل من الادّعاءات ثمّ يوصد عليهم سبل الفرار كلّها و يحاصرهم في طريق مغلق!.

‏كم هي رائعة استدلالات القرآن و كم هي متينة أسئلته و استجوابه! .. فلو أنّ في أحد منهم روحا تبحث عن الحقّ و تطلبه لأذعنت أمام هذه الأسئلة و استسلمت لها.

‏الطريف أنّ الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث لا تذكر دليلا لنفي المعبودات ممّا سوی اللّه، و تكتفي بتنزيه اللّه‌ سُبْحانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ‌.

‏و ذلك لأنّ بطلان الوهية الأصنام و الأوثان المصنوعة من الأحجار و الخشب و غيرهما مع ما فيها من ضعف و احتياج أجلی و أوضح من أي بيان و تفصيل آخر، أضف إلی كلّ ذلك فإنّ القرآن استدلّ علی إبطال هذا الموضوع بآيات متعدّدة غير هذه الآية.

‏١ هناك تفسيرات أخر و احتمالات متعدّدة في وجوه هذه الآية، منها أنّ مفادها: هل خلقوا بلا هدف و لم يك عليهم أيّة مسئولية؟! .. و بالرغم أنّ جماعة من المفسّرين اختاروا هذا الوجه إلّا أنّه مع الالتفات لبقيّة الآية: أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ يتّضح أنّ المراد هو ما ذكر في المتن، أي خلقوا من دون علّة. أم هم علّة أنفسهم؟!.

‏٢ الخزائن جمع الخزينة و معناها مكان كلّ شي‌ء محفوظ لا تصل إليه اليد و يدّخر فيه ما يريد الإنسان يقول القرآن في هذا الصدد وَ إِنْ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ‌[ الحجر الآية ٢١].

‏٣ سلّم يعني« المصعد» كما يأتي بمعنی أيّة وسيلة كانت و قد اختلف المفسّرون في المراد من الآية فأيّ شي‌ء كانوا يدعونه؟! فقال بعضهم: ادّعوا الوحي و قال آخرون هو ما كانوا يدّعونه في النّبي بأنّه شاعر أو مجنون أو ما كانوا يدّعون من الأنداد و الشركاء للّه ... و فسّر بعضهم ذلك بنفي نبوّة محمّد صلّی اللّه عليه و آله و سلّم« و لا مانع من الجمع بين هذه المعاني و إن كان المعنی الأوّل أجلی».

‏٤ قال بعض المفسرين أنّ المراد بالغيب هو اللوح المحفوظ، و قال بعضهم: بل هو إشارة إلی ادّعاءات المشركين و قولهم إذ كانت القيامة فسيكون لنا عند اللّه مقام كريم. إلّا أنّ هذه التفاسير لا تتناسب و الآية محلّ البحث و لا يرتبط بعضها ببعض.

‏٥ الكيد علی وزن صيد نوع من الحيلة و قد يستعمل في التحيّل إلی سبيل الخير، إلّا أنّه غالبا ما يستعمل في الشرّ، و تعني هذه الكلمة المكر و السعي أو الجدّ كما تعني الحرب أحيانا.

*مقتطف من تفسير الأمثل

الهوامش:

‏١ هناك تفسيرات أخر و احتمالات متعدّدة في وجوه هذه الآية، منها أنّ مفادها: هل خلقوا بلا هدف و لم يك عليهم أيّة مسئولية؟! .. و بالرغم أنّ جماعة من المفسّرين اختاروا هذا الوجه إلّا أنّه مع الالتفات لبقيّة الآية: أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ يتّضح أنّ المراد هو ما ذكر في المتن، أي خلقوا من دون علّة. أم هم علّة أنفسهم؟!.

‏٢ الخزائن جمع الخزينة و معناها مكان كلّ شي‌ء محفوظ لا تصل إليه اليد و يدّخر فيه ما يريد الإنسان يقول القرآن في هذا الصدد وَ إِنْ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ‌[ الحجر الآية ٢١].

‏٣ سلّم يعني« المصعد» كما يأتي بمعنی أيّة وسيلة كانت و قد اختلف المفسّرون في المراد من الآية فأيّ شي‌ء كانوا يدعونه؟! فقال بعضهم: ادّعوا الوحي و قال آخرون هو ما كانوا يدّعونه في النّبي بأنّه شاعر أو مجنون أو ما كانوا يدّعون من الأنداد و الشركاء للّه ... و فسّر بعضهم ذلك بنفي نبوّة محمّد صلّی اللّه عليه و آله و سلّم« و لا مانع من الجمع بين هذه المعاني و إن كان المعنی الأوّل أجلی».

‏٤ قال بعض المفسرين أنّ المراد بالغيب هو اللوح المحفوظ، و قال بعضهم: بل هو إشارة إلی ادّعاءات المشركين و قولهم إذ كانت القيامة فسيكون لنا عند اللّه مقام كريم. إلّا أنّ هذه التفاسير لا تتناسب و الآية محلّ البحث و لا يرتبط بعضها ببعض.

‏٥ الكيد علی وزن صيد نوع من الحيلة و قد يستعمل في التحيّل إلی سبيل الخير، إلّا أنّه غالبا ما يستعمل في الشرّ، و تعني هذه الكلمة المكر و السعي أو الجدّ كما تعني الحرب أحيانا ..