فقه وسياط.. هل تحققت أمنية الإمام الصادق (ع)؟!

عاصر الإمامُ الصادقُ عليه السلام أفول شمس الدولة الأمويَّة في سماء الزوال، وشروق فجر الدولة العبَّاسيَّة على أفق الظهور، فنشَرَ ما بين أفولِ تلك وشروق هذي من خزانة علمه ما ذاع في الخافقين بالحكمة والرَّشاد، ونثَر من كنانة معارفه ما أصاب شاكلة الصواب بسهم العصمة والسداد.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ودالت الدولتان بجيوشهما، وصولجان حكمهما، وكبرياء غطرستهما وبقي علمُ الإمام الصادق عليه السلام وفقهه ومناظراتُهُ مع قاطعي الطريق إلى الله من أئمَّة المذاهب وأشياع الضلال.

وهنا نقف عند أمنيةٍ من أمنيات الإمام الصادق عليه السلام وهي قوله: "ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقَّهوا في الحلال والحرام" و "ليت" للتمنّي، والحديث كنايةٌ بليغة عن أهميَّة التفقّه، وليس المراد منه ضرب السياط حقيقةً، بل الأخذ بالشدَّة – لو استلزم الأمر – في سبيل الفقاهة.   

وأراد – عليه السلام – بالأصحاب عموم الشيعة لا خصوص تلامذته ومريديه، فالجميع مبتلون بالحلال والحرام ويلزمهم التفقه في الأحكام.

وبحمد الله تعالى صارت الكتب في متناول اليد، وشروح المسائل في النَّت بضغطة زر، والسؤال – إن تعذر الحضور عند المرجع – يكون عن طريق المراسلة على موقعه، فلا عذر في عدم التفقّه في الدين.

حينما ارتقى السيد الخوئي – قُدّس سره – وعدلتُ – في المسائل المستحدثة إلى سماحة السيد السيستاني – دام ظله – وابتليت بمسألةٍ فقهيَّةٍ عرضت لي، بقيت سنةً كاملةً بالضبط ابحث عنها، حتى وجدت كتاب المسائل المنتخبة لسماحته مستنسخة محليَّاً عند جيراننا من بيت الشيبانيّ فراجعتها هناك بعد أن أخذوا عليَّ تعهداً بعدم إذاعة هذا الأمر خوفاً من بطش النظام البائد.

ولقد كان السلف الصالح من الشيعة يسافرون إلى بلدانٍ بعيدة لطلب الحديث للتفقّه في الدين، وفي الحلال والحرام في ذلك العصر الذي كان السفر فيه يصدق عليه فعلاً أنه قطعةٌ من العذاب؛ لصعوبة الطريق ووعورته.

فأيُّ نعمةٍ نعيشها اليوم ببركة انتشار معارف آل محمدٍ – عليهم السلام – وفقههم على مواقع التواصل الاجتماعيّ؟ فالحمد لله.