السيد السيستاني ومكافحة الفساد

استغرقت خطب الجمعة في تشخيص الخلل في الحكومات المتعاقبة، وكان محورها الفساد، الذي تشعب منه جميع مشاكل البلد. لو تصفحّنا بعض المقتطفات من بيانات وخطب الجمعة سنعلم بوجود ضعف في رؤساء الحكومات في محاربة الفساد، مع وجود دعمٍ واضحٍ وغير محدود لتلك الحكومات من مرجعية النجف الاشرف في محاربة الفساد.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

بيان المرجعية العليا موجّه الى دولة رئيس مجلس الوزراء، نوري المالكي، بتاريخ ٢٧ نيسان ٢٠٠٦:

"وأوضح سماحته أنّ من المهام الأخرى للحكومة المقبلة التي تحظى بأهمية بالغة مكافحة الفساد الإداري المستشري في معظم مؤسسات الدولة بدرجة تنذر بخطر جسيم، فلا بدّ من وضع آليات عملية للقضاء على هذا الداء العضال وملاحقة المفسدين قضائياً أياً كانوا."

في خطبة الجمعة بتاريخ ٧ آب ٢٠١٥، وجِّه الحديث الى دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور حيدر العبادي:

"المطلوب ان يكون أكثر جرأة وشجاعة في خطواته الاصلاحية ولا يكتفي ببعض الخطوات الثانوية التي أعلن عنها مؤخراً بل يسعى الى ان تتخذ الحكومة قرارات مهمة واجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية فيضرب بيد من حديد من يعبث بأموال الشعب".

في خطبة الجمعة بتاريخ ٢٢ كانون الثاني ٢٠١٦ في محاربة الفساد، وايجاد سبل كفيلة لمواجهته:

"عدم مكافحة الفساد بخطوات جديّة …، وقد بُحّت اصواتنا بلا جدوى من تكرار دعوة الاطراف المعنية من مختلف المكونات الى رعاية السِلم الاهلي والتعايش السلمي بين ابناء هذا الوطن وحصر السلاح بيد الدولة ودعوة المسؤولين والقوى السياسية التي بيدها زمام الامور الى ان يَعوا حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وينبذوا الخلافات السياسية التي ليس وراءها الا المصالح الشخصية والفئوية والمناطقية."

حتى قال "هذا كله ذكرناه حتى بُحّت اصواتنا ..."

في خطبة الجمعة في ١٠ أيلول ٢٠١٨، حيث وجّه الخطاب الى دولة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي:

"ويكون حازماً وقوياً ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والاداري – الذي هو الاساس في معظم ما يعاني منه البلد من سوء الاوضاع- ويعتبر ذلك واجبه الاول ومهمته الاساسية، ويشن حرباً لا هوادة فيها على الفاسدين وحماتهم."

ذر الرماد في العيون لن يجدي نفعاً، فمن السهولة جداً تشكيل هيئات ولجان عليا لمحاربة الفساد، لكن من الصعوبة تطبيقها، فلا توجد إرادة سياسية لذلك. الضعف لا يمكنه يوماً لأن يكون منقذاً للحالة المتردية التي وصل لها العراق، فرؤساء الوزراء السابقين شكلوا هيئات ولجان لمكافحة الفساد:

أعلن دولة رئيس مجلس الوزراء السابق، حيدر العبادي، عن تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد بتاريخ ١٢ آب ٢٠١٥.

أعلن دولة رئيس مجلس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، عن تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في ٢٥ تشرين الاول ٢٠١٩.

أعلن دولة رئيس مجلس الوزراء السابق، مصطفى عبد اللطيف مشتت، عن تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد بتاريخ ٣٠ آب ٢٠٢٠.

واليوم يعلن دولة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد في ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٢.

خطوة الأخير، بكل تأكيد، نحو الاصلاح ومحاربة الفساد. لكن هل سيكون ديدنه كسابقيه؟

وهل سيستمر تشكيل لجان وهيئات لمحاربة ومكافحة الفساد، لإشغال الشعب العراقي بالشعارات، وإعطاء صبغة الإصلاح لعملها؟

أم ستكون هناك خطوات عملية من الحكومة الوليدة لمحاربة الفساد، بدءً بكابينته الوزارية والمقربين منه؟

ينتظر الشعب الحرب على رؤوس الفاسدين بلا هوادة وبيد من حديد.

المصدر: kitabat