الانتماء لـ ’الوطن’ أم لـ ’العقيدة’؟!

الانتماء إلى الأرض حاجة عاطفية وأمر عقلائي ويمكن التماس بضعة نصوص دينية تصب في صالحه فهو لا يتنافى مع التشريع الدينيّ، ولكن للإنسان انتماءات أخرى كثيرة تقع تارة في طول وأخرى في عَرض هذا الانتماء.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فالإنسان كما أنّه ابن الأرض هو ابن الأخلاق والقيم، كما أنه ابن الفكر والعقيدة التي يتبناها، وابن مجتمعه الخاص، وغيرها من الانتماءات.

ونظراً لطبيعة هذا العالم الماديّ الذي لا ينفكّ عن التزاحم قد يقع أحياناً التدافع والتعارض بين هذه الانتماءات فهل يصحّ تقديم الوطن في جميع الحالات وبلا استثناء كما يحاول التثقيف له بعضهم؟

في الواقع وبعيدا عن جميع الاعتبارات الدينية إذا لاحظنا سيرة العقلاء نجد هذه الفكرة في غاية الوضاعة ولا تخدم الواقع إطلاقاً، فكم من مفكر هاجر هرباً بفكره؟ وكم من حرفي هاجر هرباً بحرفته؟ وكم وكم..

إنّ استقراء واقع العقلاء يكشف لنا أنّ مقولة تقديم الوطن على حساب الفكر والعقيدة في جميع الظروف أمراً مخالفا للمباني العقلائية وإنمّا لكلّ واقعة جزئية من الموارد التي تتعارض فيها مقتضيات هذه الانتماءات ظرفها واعتباراتها الخاصة التي على ضوئها يمكن للإنسان أن يحدد ما يستحقّ التقديم من بينها.