كيف نستثمر موسم عاشوراء في تربية أطفالنا؟

عندما يطل شهر محرم الحرام وشهر صفر بأحزانه و دموعه، ويبعث في القلوب تلك الشرارة العاطفية التي توقد شعلة العقل والفكر بأهداف نهضة الامام الحسين عليه السلام، والتي هي نهضة الاسلام و امتداد النبوة المحمدية.

فـ(الحسين مني و أنا من حسين) ليست مقولة عاطفية تعبر عن محبة الجد لسبطه بل هي إشراقة الحسين في ضمير الأجيال، فالحسين يحيي الصلاة والحجاب والصدق وبر الوالدين، بأسلوب يفوق أسلوب الأهل لسنوات من التربية والتنشئة الدينية، وفي موسم الأربعين الحسيني تستطيع الأسر المؤمنة أن تحصد من القيم والفضائل والأخلاق والالتزام الديني لدى أبنائها بأضعاف ما تحصده في غيره من أيام السنة، فيغدو هذا الفصل محطة عبادية إيمانية تربوية لا نظير لها، وليس فقط محطة ثورية مخضبة بالدماء الزكية.

تتميز أيام شهر محرم وشهر صفر أنها تبث العِبرة من خلال العَبرة، لتنشئ جيلا حسينيا من أبنائنا وبناتنا، الذين سرعان ما يتحمسون للمشاركة في مراسم العزاء، سواء من خلال لبس السواد وحضورهم المجالس أو المشاركة في المسيرات أو اللطميات وأداء الزيارة أو إعداد الطعام، وكل ما ذكرناه من مراسم يتفاعل معها الكبير والصغير باندفاع وحماس كبيرين، في مشهد رائع من الاندفاع الذاتي الذي يشكل بحد ذاته عاملا أساسيا في التأثير التربوي، فكم نصرف من الجهد في إيجاد الدافع والحافز لدى أبنائنا في الممارسات العبادية أو الالتزامات الاخلاقية؟ ولكن في هذا الموسم المبارك سترى ولدك يستيقظ باكرا ليؤدي المراسم وليتواجد مع زملائه في مجموعات تؤدي الصلاة وتقرأ الأدعية والزيارات وتقيم المجالس وتقوم بترتيب وتنظيف الأماكن لتهيئتها لإقامة الشعائر الحسينية وتنتظم في صفوف مرتبة ما كنت لتراها لولا هذا العشق الحسيني الذي يفعل فعله في النفوس والعقول !!!

نستثمر هذا الموسم الكربلائي الحافل بالعطاء، بما يعود بالمنفعة التربوية والاخلاقية والسلوكية على أبنائنا، فربط الصلاة بالأمام الحسين من أكثر الوسائل نفعا في تحفيز الأبناء على الالتزام بالصلاة و إقامتها بكمالها في وقتها والمشاركة في صلاة الجماعة، فالثورة الحسينية قامت للحفاظ على هذه الصلاة والإمام (ع) صلى صلاة الظهر بأصحابه قبل شهادته المباركة رغم الرماح و السهام التي كانت تتساقط على مخيم الإمام الحسين (ع).

وكذلك يحاول بعض الأطفال إبراز مواهبهم فتراهم تارة يقلدون قارئ عزاء وتارة يرفعون أصواتهم بالندبيات وأحيانا يرتقون ما يشبه (المنبر) لقراءة السيرة الحسينية، من المناسب جدا تحفيزهم و مواكبتهم في هذه الممارسات وأخذها على محمل الجد، فلعل الله تعالى قدّر له أن يكون خادما حسينيا فهل تبخلون على الإمام (ع) بخدمته عبر أبنائكم؟ طبعا القارئ الحسيني يحتاج إلى إعداد و تأهيل من هذه المرحلة.

وأيضا أن موسم عاشوراء الحسين عليه السلام هو موسم مفعم بالروحيات الإيجابية العالية فالجدير بعاشق الحسين (ع) أن يعيد حساباته بعلاقاته بأهله وذويه وأرحامه وجيرانه، ومن الرائع أن يشاهد أبناءنا هذا الاقبال الروحي و العاطفي ذو الطابع الاجتماعي، وأن نحيي بهم هذا الحس الاجتماعي في صلة الارحام والاحسان للجيران

المصدر: واحة المرأة