السكن المنفرد: لم يكن حلاً للخلافات الزوجية

تنويه: يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب وليس بالضرورة عن رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»

كتبت حنين الربيعي:

الزواج أهم مؤسسة في المجتمع كونها البذرة الرئيسة فهي من تشكل إفراده عن طريق بناء الاسرة، ولكي يكون المجتمع متقدما يجب ان تكون العلاقات الزوجية المنتج للأسر علاقات ناجحة، وذلك بأن تبنى على اساس التعاون والتوافق الفكري والتكافؤ بين الطرفين وليس فقط الحب رغم الجمعاء على وجوده بين الزوجين!، كذلك يعد السكن المنفرد في الزواج شيئا مهما، لكن ما قيمته اذا كان بين اربعة جدار مع شخص يسخر من طموحاتك، ويهزأ بما تؤمن، ما قيمة الزواج والحب حين ينعدم الاهتمام وما قيمة الزواج اذا لم يتحلى بالصبر وتنجب الخلافات الزوجية قد المستطاع، الحياة الزوجية السعيدة لم تخلق بالسكن المنفرد وانما بالصبر والتكاتف والمسؤولية التكاملية بين الزوجين يصنع النجاح المبتغى.

الكثير من الناس يفهمون بيت الطاعة (المسكن الشرعي) بالصورة غير صحيحة ومفهومه مختلفاً من الناحية القانونية، أذ يعرف بيت الطاعة، المسكن الشرعي هو عنصر من عناصر النفقة التي اقرها قانون الأحوال الشخصية في المادة ٢٤ أ. ش، اما دعوى المطاوعة، هي دعوى يقيمها الزوج لإرجاع زوجته عند حدوث خلاف بينهم في المحكمة.

ويضع المختصون بالشأن القانوني مجموعة من الشروط لبيت الطاعة وكما يأتي:

١/ان يكون ملائماً لحالة الزوجين المالية ومكانتهم الاجتماعية.

٢/ يجب ان يشتمل كل ما يلزم السكن من أثاث وفراش ومواد منزلية (اي ليس الاثاث الذي تم الزواج عليه) ويكون الاثاث ملكاً للزوج، ولم يمنع القانون اذا كان البيت ايجار لكن يجب ان يكون عقد الايجار بأسم الزوج.

٣/ يجب ان يكون خالياً من سكن الغير.

٤/ يجب ان يكون في مكان مؤنس تأمن فيه الزوجة على نفسها وشرفها ودينها.

يعد بيت الطاعة حلاً للكثير من الخلافات الزوجية، لكنه ليس كل حل نهايته سعيدة بالأصل السعادة لم تكن وتخلق في مسكن منفرد وانما تنبع من حب فطري ونقي مع شخص تم اختياره لإكمال الدين معه حب لم تهدمه مشاكل عائلية، علاقة زوجية يسودها الصبر والتضحيات من الطرفين.

نعم جميعاً ندرك ان المسكن الشرعي حق شرعي وقانوني ومن حق كل زوجة ان تستقل ببيت يليق بها وايضاً يعد في صالح الطرفين، لكنه في نفس الوقت هناك الكثير من الحالات ادت الى الطلاق بسبب عدم تمكن الزوج من توفير المسكن حسب الشروط المنصوص عليها في الشرع والقانون نحن في مجتمع تسوده صعوبة العيش لدى اغلب الرجال، فرفقاً يا حواء بــ ادم حتى وان كان حقكِ شرعاً وقانوناً لكن يجب ان تسندي زوجكِ لكي يتوفر هذا المسكن بعيداً عن الخلافات وحتى ان كانت هناك خلافات فالبيوت اسرار لم يخلو اي بيت من سوء الفهم والمشاكل ولكن المرأة القوية الصبورة من تحتوي هذه الخلافات وتتحلى بالصبر والهدوء لان الرجال في وقت الغضب يشتعلون كالنار والنار لم يطفأها الا ان تعاملنا معها بهدوء وبرود وادراك.

موقف القانون

ذكر القانون في المادة ٢٤ أ. ش السكن ويجب ان يكون سكن يلائم حياة الزوجين ومستقلاً، لكن هناك أمور أخرى تترتب على الزوجة عند امتناعها من الانتقال الى بيت زوجها ويترتب على ذلك اثأر معينة، فتسقط نفقتها المستمرة أضافة الى ذلك يستطيع الزوج عند اكتساب الحكم الدرجة القطعية من ان يجعل زوجته ناشزا.

وأما بخصوص مهر الزوجة فإذا كان امتناعها من الانتقال الى بيت زوجها قبل الدخول فيجب عليها إعادة المهر المقبوض من قبلها ويسقط مهرها المؤجل وإذا كان امتناعها بعد الدخول فيسقط مهرها المؤجل فقط وإذا كانت قد استلمت المهر كاملا فعليها إعادة المهر المؤجل ويستطيع الزوج بعد اكتساب الحكم درجة القطعية ان يطلق زوجته فورا ولا تستطيع ان تطالب بتعويض عن الطلاق التعسفي كما يحصل في الطلاق العادي لكونها ناشزا.

أما بالنسبة للزوجة لا تستطيع ان تنفصل عن زوجها بعد اكتساب الطلاق الدرجة القطعية ويجب عليها ان تنتظر سنتان بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية كي تستطيع المطالبة بالانفصال ويكون نفس الحكم بالنسبة للمهر فانها تعتبر ناشز ويسقط جميع المهر وإعادة ما تم قبضه اذا كان قبل الدخول، واذا كان بعد الدخول تستحق مهرها المعجل ويسقط المهر المؤخر.

يؤيد اغلبية الباحثون في الشأن الاجتماعي ان السكن مع اهل الزوج يفجر الخلافات الزوجية ولا يوجد خصوصية للزوجين في امورهم، لذا تلجأ اغلبية الزوجات عند حدوث خلافات تذهب الى بيت اهلها ولكن هذا ليس الحل الامثل لأنه اثاره ستظهر مستقبلاً على علاقة زوجكِ باهلكِ ويزول الاحترام احيانا بين الطرفين وتبث روح الكره بينهم، لذلك احتوي تحدث معكِ، ونلاحظ الخلافات تصل الى المحاكم هنا يضطر الزوج الذي لا يريد ان بخسر اسرته الى قيام دعوى المطاوعة ولكن في نفس الوقت قد يلجأ اليها الزوج لإيقاع زوجته بخسارة حقها من نفقه وغيرها.

وحسب ما لاحظته من خلال عملي ومن خلال الاسئلة التي وجهت الي عن الخلافات الزوجية، أيقنتُ ان السعادة لم تكن في السكن المنفرد انما المسألة متعلقة بخصوصية الاسرة، اذا كانت لها خصوصية معينة اتجاه زوجة الابن وعدم وجود حزازيات ومعاملتها بأنها ابنتهم قلباً ولساناً لم نجد هذه الخلافات تكتسح المحاكم وهذا يشكل خطر كبير على حياة الاسرة.

وايضاً لم تخسر الزوجة اي شيء عندما تعامل اهل زوجها بحب واحترام وتعتبرهم اهلها تيقني بأنه ستكبرين بعين زوجكِ وسيرضى الله عنكِ ونحن جميعاً نريد طاعة الله ورضاءه ونعمل الخير لله ليس لبشر.

فرفقاً بعلاقتكم حاربوا كل عقبة بطريقكم لأنكم ان لم تسندوا بعضكم لم تخلق سعادتكم، لذلك ايتها الزوجة اسعدي نفسكِ بنفسكِ لانه عندما تسعدين نفس حتماً ستفعمين زوجكِ بالحب والاهتمام بعد يوم كامل من ضغوطات العمل فهو يحتاج لراحة يتكئ عليها وهذه الراحة لم يشترط ان تكون بالسكن المنفرد وانما بروح الزوجة الذكية المفعمة بالمشاعر النقية

نلاحظ الكثير من الزوجات تردد عبارة لو كنت بيت وحدي اسعد زوجي واكون سعيدة ومرتاحة، ليس كل ازواج يسكنون بمفردهم يعيشون حياة سعيدة متفاهمة لأنه لو الامر متعلق بالمسكن لماذا تَجد الآف من دعاوي الطلاق تكتسح المحاكم وفي مجتمعنا اصبحت احصائيات الطلاق تعلو على احصائيات الزواج.

فالأمر متعلق بمدى فهم الطرفين والتعاون والاحترام بينهم لذلك على الزوجين ان يقدرون بعضهم فأنت سند لها وهي سند لكَ ما عليكم الا ان تبث روح المحبة بينكم كلاكما تحتاجون بعضكم حافظوا على اسرتكم واسراركم.

لنقتدي بعلاقة النورين علي وفاطمة (عليهم السلام) ما اجملها من علاقة نقية فلنأخذ من صبرهم وتكاتفهم وحبهم الفطري، فلنصلح انفسنا ونقتدي بهم. يجب ان تبنى العلاقة الزوجية على التعاون والصبر فالمسكن يأتي بتعاونكم وتكاتفكم لأنه الصبر مفتاح النهايات الجميلة.