التصدّي لـ «كورونا».. عندما تغلق مساجد ومراقد الشيعة!

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع «الأئمة الإثني عشر»

ما إن بدأت جائحة كورونا بالانتشار ودخلت أرض العراق بعد ان غزت العالم بأسره، بادرت الجهات الحكومية باتخاذ تدابير احترازية لوقف الوباء وقدمت ارشاداتها وتوصياتها وكان من أهمها منع التجمعات بجميع أشكالها الاجتماعية والتجارية وحتى الدينية منها، إذ بادرت العتبات المقدسة وجميع المساجد بإغلاق ابوابها امتثالاً لتلك التوجيهات الصحية، حتى انبرى من يتصيد بالماء العكر إلى التسقيط والتشهير بتلك العتبات والمساجد مدعية ان القائمين عليها هجروا بيوت الله ودور العبادة وقطعوا سبيل اللوذ بساحة القدس الإلهي عبر منع الزيارات للمراقد المقدسة واقامت صلوات الجماعة والفعاليات الدينية الأخرى، حتى وصل الأمر إلى إصدار بيانات من بعض الجهات تندد بتلك الإجراءات التي هي لصالح حماية المجتمع والحفاظ على سلامتهم التي يعتبرها الله جل شأنه أعظم من حرمة الكعبة إذ روي عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏ أَنْهُ قالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: "مَرْحَباً بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَ مَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنْكِ وَاحِدَةً، وَ حَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ثَلَاثاً: دَمَهُ، وَ مَالَهُ، وَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ"(تنبيه الخواطر و نزهة النواظر1: 52).

هم إنما يريدون بذلك الطعن بالتشيع وقيادته التي وجهت بوقف أعظم شعيرة يجتمع فيها المئات ويستمع لنصحها الملايين والتي كانت عبارة عن صوت المرجعية الناطق التي ينتظرها الملايين ليستمعوا إلى ما يجري على لسان ممثليها وهم ينقلون كلامها المبارك وتوجيهاتها السديدة.

لقد أراد هؤلاء الضرب على أوتار الازمة ليصنعوا نصرا تخيلوا انه اداتهم الجارحة لقطع الوصل بين المرجعية الدينية وشعبيتها لكنهم سرعان ما باءوا بالفشل وتحطمت أحلامهم كل ذلك بعد أن فتحت تلك المراقد المباركة اذرعها لدعم الكوادر الصحية بما تحتاجه من دعم معنوي، بل تعدى إلى أن يصل إلى الدعم المادي.

إذ قدمت إدارات تلك المراقد جملة من الخدمات بإعداد مبانٍ مجهزة بأحدث ما تحتاجه من أجهزة التبريد والأسرة والخدمات التي تخدم المرضى فبأسبوعين فقط -لم يزد عليها شيء- أتمت العتبتان الحسينية والعباسية ردهتين لإنعاش المصابين بفيروس كورونا، وهما بناية الحياة في مدينة الإمام الحسين عليه السلام الطبية، ومركز الشفاء في معرض كربلاء الدولي.

 لم تقف العتبات عند هذا الحد من الدعم، بل تعدت بأنها اخذت على عاتقها تقديم المساعدة للمستشفيات في المحافظات العراقية الأخرى، وقد عدت بعض الفضائيات التي كان لها السبق بالتشهير بالعتبات في وقت سابق بتقرير مزيف جانب الحقيقة لتقر هي بهذه الخدمات التي تقدمها العتبات المقدسة اليوم، وأما المساجد التي أخذ المطبلون قرار اغلاقها هي الأخرى شماعة للتقسيط، لكن هي الاخرى بحقيقتها لم تغلق أبوابها بل فتحت ببادرة هي نواة فتوى التكافل الاجتماعي الذي اطلقتها المرجعية الدينية العليا لمعونة الفقراء ومن تضرر من قرار حظر التجول في عموم العراق، فهي تمتلئ اليوم بجنود لم تنم أعينهم وهم يقفون لتقديم الخدمات التكافلية لتلك العوائل المتعففة فتراها تزهوا بألوان تلك السلال الغذائية التي تُعد من قبل المؤمنين في أغلب مساجد الشيعة اليوم لتكون شاهداً على أنها لم تكن مساجد عبادية للصلاة فحسب، بل هي مساجد عبادية لكل ما يرتبط بالقرب الإلهي من أعمال عبادية صلواتية او خدمية تكافلية لرفع جائحة الجوع التي تضرب العوائل المؤمنة في ضل هذا الازمة الحالكة والعصبية.

فلم تغلق مساجدنا.. ولن تغلق!.