كوكب العراق يدور في فلك المرجعية العليا

أقبل وهو يخفي مشاعره خلف كمامته الطبية التي ابتل أعلاها بدموعه، وهو يحمل كيسا من عطاء طيب مبارك يكفي تلك الأنفس المتعففة العزيزة مؤونة البحث عن رزقها في زمن أصدرت الأرض فيه قرارا يحظر القانع والمعتر ومن يعمل لتحصيل قوت يومه من السعي فيها طلبا للمعاش حين حل البلاء بالوباء وارتحل الرخاء.

أقبل وهو ابن موكب حسيني عرفته مجالس العزاء وزيارة الأربعين وساحات الوغى عارفا للحق وأهله، يقضي أيامه وهو يعمل دون اصطناع في أداء أجر الرسالة وينصت بقلبه لزهراء الوجود تبارك له المواساة، ويترقب دون غفلة تلهيه (فتوى) تجعله المصداق لحسيني الانتماء.

ما أجمل تلك الاطلالة بعيون من مسهم الضر الذين كانوا ينتظرون عزيزا يوف لهم الكيل، فكان لهم ما أرادوا دون أن يقفوا بباب حاكم أو مسؤول أو أن يُرى عليهم ذل السؤال.. حين خطت يد السيد المرجع لأبناء الزهراء فتوى جديدة كالبلسم يشفي الجراح ويجيب استفتاء كأن الذي كتب فيه (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر..) فنطقت الفتوى وهي تشير الى عدم الاهتمام الكافي من قبل الجهات الحكومية: "إنّ توفير الحاجات الأساسية للعوائل المتضررة من الأوضاع الراهنة هو بالدرجة الأساس من مسؤولية الجهات الحكومية المعنيّة ولكن في ظل عدم الاهتمام الكافي منها بذلك لا مناص من التوجّه إلى سائر الأطراف القادرة على المساهمة في هذا الأمر المهم الذي هو من أفضل الخيرات والقربات والعمل بما يفي بالمقصود يتطلّب تعاوناً وثيقاً من عدّة أطراف ".

ثم فصلت الاطراف الى فئات ثلاث:

1 - أهل الخير من المتمكنين ماديا ...

2 - التجار أن يعرضوا بضاعتهم دون رفع سعرها ...

3 - مجاميع من الشباب الغيارى يتطوعون للتعرّف على العوائل المتعففة وإيصال المواد المخصّصة لها ...

أما اصحاب المواكب الحسينية فقد ذكًرهم السيد المرجع بدورهم المشرف في رفد المقاتلين بكل ما يحتاجونه أثناء حربهم مع داعش.

فكانت الاستجابة وانبرى كل من مكانه لتلبية النداء في واحدة من أروع الملاحم وأجمل الصور الانسانية التي دعت بعض اصحاب الضمائر الحية من محيطنا العربي أن ينقل هذه المشاهد عبر قنواته الاعلامية وهو يظهر الدهشة ويبدو عليه الذهول أمام تعدد هذه المشاهد دون ان يتمالك دموعه وهي تتجارى على تكافل وتراحم أهل هذا البلد الذي قال عنه (انه كوكب العراق) ولطالما تساءل عن الطينة التي خلق منها أهل هذه الأرض وهل هي طينة تختلف عن الطينة التي خلقت منها سائر شعوب؟ ربما هو لم يطلع على السر العظيم ولم يعلم أن هذه الأرض بعين سادات الأرض هي مدينتهم ومحلهم ومقر شيعتهم، وربما هو لم يعلم أن هذه الأنفس الطيبة خلقت من فاضل طينتهم عليهم السلام، ولا لوم عليه فما كل أحد عارف بما اصطفى الله به عباده.

نصر بفضل فتوى وتكافل وتراحم بفضل فتوى، وعين حراسة مهدوية ترعى شعب الحسين وهو يضع اللثام ويطرق خجلا من تقصير غير مقصود بحق عائلة يشعر أن ما يقدمه لها هو أقل من القليل لكنه بعين الله الذي يمحق ربا أنظمة الاقتصاد العالمية المغلفة بشعارات الانسانية ويربي صدقات رهبان الليل وأسود النهار جند المرجعية الدينية العليا في (كوكب العراق).