العمامة سور الدين والوطن

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع «الأئمة الإثني عشر»

مَن اكتنفته النجف أن يغادرها ساعة ويبتعد بجسده عنها ، فكلّ زاوية من زواياها تذكّرك بأنّك بين أساطين العلم وحملة الدين وأوتاد الارض، يدورون جميعا حول ضريح باب علم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلّم - فيجد الطالب نفسه أمام تحدٍّ كبير ومنعطف خطير، لا ينفع أمامه سهر الليالي ولا كثرة الانشغال بتحصيل العلوم، فإنّ الحمل ثقيل ، يكاد يكون أثقل من حمل الجبال.

فيجد المرء في نفسه عدّة تساؤلات يجمعها «هل سأحافظ على ما ضحّى من أجله أهل البيت عليهم السلام - وأصحابهم والموالون والعلماء منذ أكثر من ألف سنة تضحيات جسيمة ومواقف عظيمة أم سأجرّ الويلات على هذه المدرسة الشريفة ؟».

نعم، لا يمكنك أن تتصوّر حجم خطورة الموقف وصعوبة الطريق، والتحديّات المُستمرة وأنت ترى بعض المدعين وما جرّوه على المذهب من ويلات، ومع كلّ ذلك فقد أختار الله تعالى أناسا كانوا على قدر المسؤوليّة وأدّوا الأمانة بكلّ إخلاص وبذلوا ما وسعهم لتكون كلمة الله هي العليا. ولم يخلُ هذا الطريق من المُدّعين والمُتنفعين الذين لا حظّ لهم في سوق العلم ولا التُقى، سوى تلك العمامة المظلومة.

فمَن أبخس العمامة حقّها ولم يُنصفها ويميّز بين المُدّعي والعالم، ويفرز التصرفات الفردّية عن الاخلاق النوعيّة، فإنّما بخس الدين وأصاب الباطل -وإن طلب غيره- وأركس الجهود والتضحيات وأضاع المخلص في زحام التعميم.

فإن الدين إنما وصل بجهود العمامة والوطن باقّ ببقائها.

والله متمّ نوره ولو كره الكافرون.