هل سيعم الصمت يا كورونا؟

العالم يحبس أنفاسه، والكل حذر من الكل، لا تقترب أكثر.. لا تصافحني.. لا تلمس بيديك مساحة لم ترش بالمواد المعقمة.. ثم ماذا؟

أصبحنا نرى العالم من خلال (كمامة) البعض يظهر وجهها الأزرق والآخر يظهر وجهها الأبيض في لغة طبية بدأت تنتشر لتغني عن كل اللغات، ربما لن تجد كلام - في بعض بقاع الأرض - سوى (أنت مصاب بالوباء فابتعد ودعني أنتظر دوري)..

فرحة صغيرة تعم لتزيح بعضا من الهم أن دولة اكتشفت الترياق المجرب وأن الأمور ستؤول إلى خير وسلام.

الأخبار تتوالى تحمل مع عواجلها الاحصائيات، وحياة الشعوب أصبحت رهينة الأرقام فاسم الدولة يقابله عدد الاصابات والنتيجة شلل في مفاصل حياتها وإن لم يحصد الموت فيها أحد.

البعض يردد (لا عاصم اليوم..) وآخر يجزم أنها حرب بيولوجية وآخر يتهم الخفاش والأفعى ويلعن الثدييات والطفرة الوراثية والتعديل الجيني لهذا الفايروس السيء الصيت..

القلق من الإصابة هاجس البشرية جمعاء فهل هو القلق على الأنفس أم على الأبناء أم على المتعلقين والاقرباء والأصدقاء؟ هل تتباين الأولويات في ذلك؟

اللجوء إلى الحلول كيف سيكون - فالقضية عالمية، - هل ستلتجئ البشرية الى الحلول الطبية وتؤمن بها ذلك الإيمان المطلق مع استمرار الوفيات وتسارع الانتشار؟ هل سيكون للتوجه العقائدي نصيبه في نفوس البشر مع اختلاف عقائدهم، فغير المعتقدين بوجود الله تعالى شأنه سيتوجهون حتما لبوذا وللنار والفأر والبقر والطبيعة وطقوس تقديم القرابين للأنهار والبراكين.

هو دون البعوضة التي ضربها الله مثلا لا يرى ولايسمع له صوت سوى صوت نعي الأخبار العاجلة.

 (كورونا) ربما لن يمنح لكاتب ما الفرصة لأن يكتب فيه قصة قصيرة فضلا عن رواية ربما يعجبه أن يحاكي فيها رواية ماركيز فيكتب (الحب في زمن الكورونا)..

والهواء ذلك المخلوق المجاني الوحيد الذي تنعمت به البشرية منذ بدء نشأتها أصبح يستنشق بحذر من وراء الكمامات فأصبح يحمل إمارات الموت بل يحمل الموت بعينه.. وأخطر ما في الوباء أنه لا يعترف بأرض دون أرض ولا شعب دون شعب فهو السائح الذي تحمله الرياح حيث جرت لتصنع فوبيا من نوع جديد هي (فوبيا الهواء أو التنفس أو الزحام أو العطاس او السعال)..

لم يحدث جنون البقر ولا أنفلونزا الطيور والخنازير ما أحدثه كورونا حتى كأن العالم يقف عاجزا أمامه وهو فعلا لغاية اليوم أشبه بالعاجز.. فالقراءة للواقع مرعبة وأسوا ما فيها هو أن ينتشر وعندها سيكون الوضع في بلدان كثيرة غير ما نراه اليوم..

الأيمان بالله طوق نجاة ومن اعتقد بالفرج سيراه أما النظراء لنا في الخلق فسيرددون (هل سيعم الصمت يا كورونا؟)

لا نملك الا الدعاء..