العطلة الصيفية.. موسم استجمام أم فرصة للكسل والخمول؟

أيّها الإخوة والأخوات نشهد هذه الأيّام بدء العطلة الصيفيّة لطلبة الجامعات وطلبة المدارس، أو قرب انتهاء الامتحانات النهائيّة لبعضٍ آخر من هؤلاء الطلبة، وهذا يعني انتهاء موسم شهد فيه الأساتذة في الجامعات والمدرّسون والمعلّمون والمدرّسات والمعلّمات وطلبتنا الأعزّاء الذين يقدّر عددهم بالملايين، شهدوا انتهاء موسمٍ كانوا فيه في حالٍ من الجدّ والاجتهاد والسهر والمطالعة والكتابة، ليبدأوا رحلةً جديدة يشهدوا فيها قسطاً من الراحة والاستجمام العقليّ والنفسيّ والفكريّ، ليتهيّأوا ويستعدّوا لموسمٍ دراسيّ آخر أصعب وأشقّ.

أيّها الإخوة والأخوات ما هو موضع اهتمامنا وحديثنا بهذه المناسبة؟ كيف نستطيع أن نتعامل ونتعاطى مع هذا الموسم من التعطيل الصيفيّ بما يحقّق النتائج المرجوّة من أبنائنا الطلبة؟ هنا أيّها الإخوة والأخوات حتّى يتّضح لنا أهمّية ما سنذكره نبيّن النقاط التالية:

أوّلاً: عدد الطلبة بالملايين وهم يشكّلون نسبةً كبيرةً من أبناء مجتمعنا، هؤلاء الطلبة هم بناةُ المستقبل وهم أملنا في أن يُبنى مستقبلٌ ناجح وزاهر في قادم السنين، هؤلاء الطلبة هم في عمر الشباب ومرحلة الشباب تمثّل المرحلة الحيويّة والمزدهرة بالنشاط والتألّق والإبداع الفكريّ والعقليّ وغير ذلك من هذه المواصفات، فهي فرصةٌ ثمينة للبناء الصحيح والناجح، نحن كيف نستطيع أن نستثمر هذه العطلة الصيفيّة بما يحقّق النجاح والبناء الصحيح لجيل المستقبل، هؤلاء بالملايين وأعدادهم ليست قليلة، هم جيل المستقبل الذي نحن ننتظره، كيف نتعامل التعامل الذي ينظر اليه العقلاء والإسلام؟ نظرة الإسلام الى هذا الموسم من التعطيل، ما هي نظرةُ المجتمع أو المجتمعات التي تقدّمت وازدهرت، وكيف تعاملت وتعاطت مع هذا الموسم من التعطيل، بحيث حقّقت النجاحات لمجتمعها وخصوصاً لمجتمع الطلبة، من هنا تأتي أهمّية ما سنذكره من توجيهاتٍ وتوصيات لهذه المناسبة.

في الواقع نحن حينما ننظر الى كيفيّة تعاطي مجتمعنا مع هذا التعطيل الصيفيّ نجد تارةً هناك استخدامٌ صحيح واستخدامٌ عقلائيّ، وأحياناً هناك استخدامٌ ضارٌّ وسيّئ للطلبة في هذا الموسم أو تضييع لهذه الفرصة، بحيث نفوّت على مجتمعنا وطلبتنا أبنائنا الأعزّاء كيفيّة الاستثمار الصحيح العقلائيّ لهذه الفرصة التي تمرّ على الطلبة، تارةً لا ننظر الى الشيء بنفسه بل لابُدّ أن ننظر الى الشيء ضمن الإطار العامّ، نحن لو نحسب في حياة الطالب منذ الابتدائيّة الى المتوسّطة والإعداديّة والجامعة موسم التعطيل أربعة أشهر من بين ثمانية أشهر من الدراسة، مع وجود التعطيل في موسم الدراسة لا يصفى إلّا النصف من السنة موسم دراسة ونصفها تعطيل، نحسب هذا التعطيل الذي هو نصف سنة في عمر الطالب الذي هو ستّ سنوات دراسة ابتدائيّة ثمّ ستّ سنواتٍ بعدها ثمّ أربع سنوات في الجامعة، كم سيكون موسم التعطيل؟ نصف عمر الطالب في حياته الدراسيّة، ثمّ إذا نظرنا الى عددهم، ثمّ إذا نظرنا أنّ هؤلاء سوف يتولّون الوظائف المهمّة التعليميّة والثقافيّة والمجتمعيّة والخدميّة، في مستقبلنا هم من سيتصدّون للمسؤوليّة، لذلك ندرك أهميّة التعاطي مع هذا الموسم، نحتاج هنا الى مجموعة من التوصيات.

في الواقع نحتاج أوّل شيء -وهو الأساس- الى بناء الثقافة المجتمعيّة الصحيحة، ماذا نفهم من العطلة الصيفيّة؟ ماذا يُراد من العطلة الصيفيّة؟ نحتاج الى ثقافة مجتمعيّة، نظرة وفهم صحيح لما يُراد من المجتمع الصيفيّ ثمّ نحوّل هذه الثقافة المجتمعيّة العامّة الى منهج وتطبيق في الحياة، حتّى نستطيع أن نوظّف هذه الطاقة للطلبة في البناء الصحيح لهم ولمستقبلنا.

العطلة الصيفية.. موسم استجمام أم فرصة للكسل والخمول؟

في الواقع إنّ الطالب والأساتذة والمدرّسين كما بيّنّا يشهدون موسماً شاقّاً ومتعباً من الدراسة والتحصيل، هنا بحسب الطبيعة الإنسانيّة يحتاج هذا الإنسان أن يأخذ قسطاً من الراحة حتّى يستعدّ الى موسمٍ دراسيّ أصعب وأشقّ، (ابتدائيّة، متوسّطة، إعداديّة، ثمّ جامعة) ينتظره فصلٌ دراسيّ أصعب وأشقّ يحتاج بحسب طبيعته الإنسانيّة أن يأخذ قسطاً من الراحة، ولكن تارةً الراحة يُفهم منها موسمٌ للكسل والخمول والتعطيل للطاقات، وهذا فهمٌ لدى الكثير حتّى يجدّد طاقته، كما النوم يحتاج اليه الإنسان بحسب طبيعته لكي يجدّد الطاقة والحيويّة والنشاط حتّى يستمرّ بأداء وظائفه الحياتيّة في اليوم اللاحق، الطالب كذلك يحتاج الى هذا القسط من الراحة حتّى يستعدّ ويتهيّأ لموسمٍ أصعب وأشقّ، هل الاستعداد للموسم الأشقّ بالكسل والخمول والراحة؟ وتضييع هذا الوقت الثمين في أمورٍ ربّما ضارّة وغير نافعة على الأقلّ؟! في الواقع النظرة العقلائيّة -نظرة الإسلام- يُراد أن يكون هذا الموسم موسم الاستجمام، هناك فرقٌ -إخواني- بين الكسل والخمول وبين الاستجمام العقليّ والفكريّ والنفسيّ والجسديّ للطالب والمدرّس والأستاذ، كيف نحوّل هذا الموسم الى موسم استجمامٍ عقليّ وفكريّ ونفسيّ لنجدّد فيه طاقة الطالب وطاقة الأستاذ، هذا يتوقّف على مجموعةٍ من الأمور.

أوّلاً أن تكون لدينا توعيةٌ وفهم لنعمة الفراغ في حياة الإنسان، التفتوا الى هذا الحديث، كيف نتعامل مع الأحاديث؟ يحتاج الواحد أن يقرأ بدقّة ويتأمّل (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس....) لم يقل قليلٌ من الناس (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس، الصحّةُ والفراغ)، تأتي أحاديث أخرى تقول: (اغتنم خمساً قبل خمس...) يعني إن فاتتك خسرت كثيراً (...شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك) الطالب فارغٌ من المسؤوليّات والمهامّ فإذا تخرّج انشغل بمسؤوليّاتٍ كثيرة وظيفيّة واجتماعيّة وغيرها، الآن عنده فراغ وهذه نعمةٌ من الله تعالى، فاغتنمْ هذه النعمة بماذا نغتنمها؟ الاغتنام ما هو معناه؟ أن تُستثمر هذه الطاقة وهذه النعمة -عدم الانشغال بالمسؤوليّات- أن تُستثمر نعمةُ الفراغ فيما يؤدّي الى بناء الطالب بناءً صحيحاً، التفتوا إخواني كيف ذلك؟ الطالب خلال ستّة أشهر من الدراسة هو مشغولٌ بالبناء العلميّ الأكاديميّ التخصّصي، ماذا يدرس؟ يدرس اللّغة العربيّة واللغة الإنكليزيّة والفيزياء والكيمياء والحاسوب والرياضيات وغيرها من العلوم الأكاديميّة، هل هذا يكفي لوحده في بناء شخصيّة الطالب البناء المتكامل والناجح، بحيث يحقّق شخصيّة ناجحة في الحياة؟ لا، هذا مهمّ لكنّه لا يكفي لوحده، لأنّ الطالب سيتحمّل مسؤوليّةً بعد تخرّجه، مسؤوليّةً وظيفيّة وقياديّة واجتماعيّة وأسريّة، أو علاقات عمل وعلاقات اجتماعيّة، يتحمّل كثيراً من المسؤوليّات فإذا لم يُبنَ البناء المتكامل والصحيح لا ينجح في حياته، لا يكفي أن نبنيه بناءً علميّاً أكاديميّاً فقط مع أنّه مهمّ لكن هذا لا يكفي، الآن لديك فراغ، أيّتها العائلة أيّها الطالب استثمروا هذا الفرصة في استكمال بناء شخصيّة الطالب، كيف؟ الآن نحن سنبيّنها، يجب أن نلتفت ونحسبها، نصف عمر الطالب التعطيل في حياة الطالب نصف عمره ونصفه دراسة، كم هذا الوقت؟ ولدينا هذا العدد من الملايين من الطلبة، الآن نأتي لكيفيّة استثمار هذه الطاقات، لكن قبل ذلك أبيّن نقطة مهمّة وهذه خلل اجتماعيّ لدى الكثير، نحن نحتاج أيضاً أن نشيع ثقافة التشارك والتعاون والتآزر في تحمّل المسؤوليّة، ما هو معنى ذلك؟ كثيرٌ منّا يحمّل الآخرين عبء المسؤوليّات بتمامها، يقول: الآخرون هم مسؤولون عنّي تعليميّاً وتربويّاً اجتماعيّاً وظيفيّاً خدميّاً، هذا واقع الكثير منّا وهو يتهرّب من أداء ولو جزءٍ من هذه المسؤوليّة، ويطلب أن تُلقى المسؤوليّات على عاتق الآخرين بتمامها وبالمجّان وجاهزة، وهو لا يتحمّل جزءً من المسؤوليّة، هذا خطأٌ كبير لا يُبنى المجتمع هكذا أبداً، لابُدّ أن تُشاع عندنا مجتمعيّاً ومؤسّساتيّاً ثقافةُ التشارك والتعاون والتآزر في تحمّل المسؤوليّات بتمامها، كلٌّ بحسب طاقته، هذا الواجب الوطنيّ والتربويّ يقتضي هكذا، أنّ الجميع يتشارك وسأوضّح ذلك الآن.

بناء البعد الديني والأخلاقي لدى الطالب

نحن في بلدنا -في العطلة الصيفيّة- نحتاج أن نبني أبناءنا وبناتنا البناء الدينيّ الأخلاقيّ العقائديّ التربويّ النفسيّ الاجتماعيّ الصحيح، وهذه فرصةٌ في العطل هناك الكثيرُ من المراكز دينيّة وعقائديّة وتنمويّة ومهنيّة وغير ذلك، ولديها الإمكانات أن تُقيم دورات، هذا جزءٌ من كيفيّة استثمار العطلة الصيفيّة في بناء أبنائنا وبناتنا الطلبة البناء الصحيح، هناك الكثير من المراكز دينيّة وغير دينيّة لديها الاستعدادات الفنّية والمهنية أن تبني هؤلاء الشباب والشابّات البناء الدينيّ والعقائديّ والأخلاقيّ والتربويّ الصحيح، نحن علينا أن نبتدئ بالعوائل، قد الكثير من هذه المراكز لديها الإمكانات الفنيّة لكن ينقصها المال، غير صحيح إخواني أن نقول: إنّ على هذه المؤسّسات أن تتحمّل كلّ المسؤوليّة في بناء هؤلاء الطلبة والطالبات البناء الاجتماعيّ والتربوي والعقائديّ الصحيح وأنا ليس عليّ شيءٌ من المسؤوليّة، كما أنّنا -وهذا الشيء مطلوب- في أحد استثمارات هذه العطلة أن يدخل أبناؤنا وبناتنا دوراتِ التقوية في الدروس ونصرف الكثير من الأموال على ذلك -وهذا مطلوب-، أن يكون موسم العطلة الصيفيّة للتقوية في الدروس الخصوصيّة ونبذل جهودنا وأموالنا في بناء أبنائنا وبناتنا البناء الأكاديميّ العلميّ التخصّصي، ولكن أيضاً مطلوبٌ منّي أن أبني أبنائي وبناتي بناءً دينيّاً أخلاقيّاً تربويّاً، ليشعر بالمسؤوليّة ويبني شخصيّته البناء الناجح المتكامل للمستقبل، نحن أيضاً علينا مسؤوليّة كما أنّ العوائل تصرف الكثير من الأموال في هذا البناء عليها أيضاً أن تهتمّ وتصرف الكثير من أموالها في بناء أبنائها وبناتها هذا البناء المتكامل التربويّ والأخلاقيّ والعقائديّ والدينيّ.

خطر عظيم!!

الآن أبناؤنا وبناتنا في خطرٍ عظيم بسبب ما غزانا من كثرة هذه القنوات الفضائيّة وشبكات الأنترنت والتواصل الاجتماعيّ، فضلاً عن الألعاب الإلكترونيّة الجذّابة التي تجعل الكثير من أبنائنا وبناتنا يسهرون الى الصباح، لذلك علينا أن نهتمّ في مقابل هذا ببناء أبنائنا وبناتنا بناءً تربويّاً دينيّاً أخلاقيّاً، الذي من خلاله ينجحون في حياتهم النجاح المأمول، هذا ماذا يتطلّب؟ يتطلّب أن نتشارك جميعنا في المسؤوليّة بل كلّ جهةٍ في المجتمع، عائلة، إدارة مدرسة، جامعة، أساتذة، مدرّسين، مدرّسات، معلّمين، معلّمات، الكلّ يتحمّل هذا البناء واستثمار العطلة الصيفيّة في البناء الصحيح، نحن شَيَبَةُ هذا الزمان حينما كنّا شبّاناً شهدنا في ذلك الوقت، كانت الأجيال تهتمّ في العطلة الصيفيّة، البعض يذهب الى العمل لكي يجمع شيئاً من المال حتّى يساعد عائلته في تحمّل مسؤوليّة الحياة أثناء الدراسة، والبعض يذهب لكي يتعلّم مهنة وحرفة حتّى يستفيد منها مستقبلاً، البعض ينمّي مواهبه في مجالات متعدّدة، نحن كذلك نحتاج الى أن نتوجّه ونلتفت الى أهمّية هذا البناء في حياتنا، هذا أيضاً من الأمور المهمّة.

نعم نقطة أخرى -إخواني- نحن نقدّر أنّ هذا الطالب والإنسان بصورةٍ عامّة يحتاج الى فترةٍ من الترويح والترفيه، يُمكن للسفرات التي يتوجّه الكثير الآن اليها أن تكون سفراتٍ هادفة وناجحة، إمّا أن تأخذه للسفر والترويح للأماكن الدينيّة للتعرّف على سيرة الرموز الدينيّة في تلك الأماكن هذا واحد، إذا كنت في رحلةٍ سياحيّة تُطلعه على عظيم خلق الله تعالى كهذه الجبال وهذه النباتات وهذه الطبيعة الساحرة والجميلة، حتّى تكون السفرة هادفة وناجحة تُطلعه على عظيم خلق الله تعالى.

أيضاً أُلفت نظركم الى قضيّة مهمّة وأرجو الاهتمام بها والالتفات اليها، نحن التقينا مع عددٍ من الشباب خلال هذه الفترة، شباب بسطاء بعضهم طلبة وبعضهم موظّفون اهتمّوا بعملٍ تطوّعي خيريّ، التوجّه وتوجيه الطلبة والطالبات نحو الأعمال التطوّعية الخيريّة في العطلة الصيفيّة، بعض من الشباب اجتمع مع الآخرين وجمعوا شيئاً من المال البسيط، ثمّ توجّهوا الى عوائل الأيتام والفقراء والشهداء وساعدوهم بهذا المال البسيط لقضاء حوائجهم، بعض من أفراد المجتمع شاهد هذا العمل فعلاً وساعدهم ونتج عن ذلك كثيرٌ من الخدمات الإنسانيّة، لنعوّد هؤلاء الشباب والشابّات على الشعور بالمسؤوليّة وعلى روح التكافل الاجتماعيّ وأشجّعه وأحفّزه لهذه الأعمال، مثلاً العوائل تشجّع أبناءها على الذهاب والاشتراك في هذه الدورات، الآن في الكثير من المدن تُقام دوراتٌ لبناء شخصيّة الشابّ والشابّة، عائلة تشجّع وتحفّز أبناءها وتساهم في المشاركة في هذه الدورات وتشجّع أولادها وتحثّهم على هذه الأعمال الخيريّة وغير ذلك من هذه الأمور النافعة، أيضاً نأمل من إخواننا أساتذة الجامعات والمدرّسين والمدرّسات والمعلّمين والمعلّمات في آخر السنة أن يجتمعوا مع طلبتهم وطالباتهم لينبّهوهم على هذا الأمر المهمّ، ويقولوا لهم هذه الآن العطلة فرصة فاغتنموها، ويعلّموهم الأسلوب الصحيح لاغتنام هذه الفرصة، ويحذّروهم من سوء الاستخدام وسوء التوظيف لهذه العطلة، ويحذّروهم من الكثير من المواقع الإلكترونيّة المفسدة والضارّة عقائديّاً وأخلاقيّاً ويحذّروهم من الاستخدام السيّئ لهذه النعمة -نعمة العمر ونعمة الشباب ونعمة الفراغ- في عدم توظيفها فيما ينفع الشابّ والشابّة، نصف عمر الطالب في التعطيل ونصفٌ في الدراسة، المأمول من أساتذة الجامعات مدرّسين مدرّسات معلّمين معلّمات وعوائل أن ينبّهوا هؤلاء الطلبة والطالبات ويوجّهوهم، كما يصرفون الكثير من الوقت في التدريس والتعليم -جزاهم الله تعالى خيراً- كذلك ينبّهونهم على أهمّية استثمار هذا العمر وهذه الفترة من حياة الطالب، فترة الشباب المزدهرة يستثمرونها الاستثمار الحسن ويحذّرونهم من تضييع هذه النعمة وتضييع هذا العمر، إمّا في أمورٍ ضارّة وغير مفيدة أو أمور ليست بذات جدوى، لذلك إخواني هذه مسؤوليّة الجميع ولا يحقّ لأحدٍ أن يقول ليست عليّ مسؤوليّة، بل هي مسؤوليّة الجميع وهؤلاء الشباب أبناؤنا وبناتنا هم مستقبلنا الذي ننتظره، لذلك علينا أن نبنيهم البناء الصحيح والمتكامل مثلما نبنيهم بناءً علميّاً أكاديميّاً تخصّصيّاً، علينا أن نبنيهم بناءً عقائديّاً وأخلاقيّاً صحيحاً وتربويّاً صحيحاً واجتماعيّاً صحيحاً حتّى ينجح في حياته النجاح المأمول، فإنّ الحياة الناجحة لا تقوم فقط على النجاح في الجانب العلميّ الأكاديميّ أبدا ًبل هو جزءٌ من النجاح، النجاح الكامل حينما نبني شخصيّة الطالب والشابّ البناء المتكامل الذي يعتمد على المنهاج العلميّ والأكاديميّ والمنهاج العقائديّ والمنهاج التربويّ الاجتماعيّ والأخلاقيّ والأسريّ، كلّ هذه المجالات في الحياة إذا نجحنا في بناء أبنائنا وبناتنا وفق هذا البناء الصحيح أوّلاً والمتكامل ثانياً استطعنا أن نشكّل ونبني مجتمعاً ناجحاً ومزدهراً ومتقدّماً.

نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لذلك وأن يُعيننا على ذلك إنّه سميعٌ مجيب، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.

* الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة ممثل المرجعية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائيّ (دام عزّه) التي أُقيمت يوم الجمعة (17 شوال 1440هـ) الموافق لـ(21 حزيران 2019م) في الصحن الحسيني الشريف.