ما المقصود بـ «السماوات السبع»؟!

ذكر العلماء والمفسرون عدّة تفاسير للسماوات السبع التي ورد ذكرها في القرآن الكريم:

1- المراد من "السبع" هنا الكثرة لا غير أي السماوات المتعددة، فيكون الله تعالى خلق عدّة سماوات؛ وهذا غالباً ما يستعمل في اللغة العربية وغيرها، إذ يذكر عدد بعينه ولا يراد منه خصوص المقدار المذكور، بل يراد بيان كثرة الشيء.

فعلى سبيل المثال، كثيراً ما نقول: كلمتك بكذا سبعين مرة، أو طالتبته عشر مرات؛ في حين لا نقصد من ذلك خصوص السبعين والعشرة بعينها، بل المقصود كثيراً ما تحدثت في الموضوع الكذائي، وكثيراً ما طالبت الشخص المقابل.

وكشاهدٍ على ذلك قال تعالى بشأن كلمات أو معلومات الباري جلّ وعلا: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كلِمَاتُ اللَّهِ ([لقمان: 27]، فمن البديهي أن العدد "سبعة" جيء به لبيان الكثرة والتعدد؛ وإلا فنحن نعلم أنه لو أضيفت الى تلك الأبحر عشرة أو مائة أخرى لم تنفد كلمات الله أيضاً؛ لأنه تعالى غير متناهٍ في كلّ الأحوال.

وكذلك الأعداد الأخرى نحو "سبعين" وغيرها، حيث استعملت في القرآن واللغة العربية وغيرها من اللغات بهدف الكثرة، ولا خصوصية فيها لنفس العدد.

2- المقصود من السماوات السبع الكواكب المعروفة للناس أثناء نزول القرآن الكريم، أو الكواكب المرئية الآن من قبل الجميع بالعين المجردة .

3- المراد من السماوات السبع طبقات الهواء المختلفة المحيطة بالأرض .

4- يعتقد كبار العلماء أن جميع الكواكب والأجرام السماوية والمجرّات المرئية هي جزء من السماء الأولى، وثمة ستة عوالم أخرى وراء هذا العالم.

إن مراد القرآن من السماوات السبع هو مجموع العوالم السبع الموجودة في الكون، وإن لم يتمكن العلم الحديث إلا من الكشف عن واحدٍ منها فقط؛ فلا مانع من اكتشاف العوالم الستة الأخرى مستقبلاً نتيجة استكمال العلوم الانسانية. ويستشهد أصحاب هذه العقيدة بقوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكوَاكبِ ([الصافات:6]، حيث يستفاد من هذه الآية أن جميع الكواكب واقعة في السماء الأولى (مع العلم أن الدنيا لغةً تعني: السفلى والقريبة).

وعلى أية حال، لا بدّ من التنويه الى نقطةٍ مهمةٍ هي أن الآيات والروايات الدالّة على وجود سبع سماوات لا تدلّ بوجهٍ من الوجوه على صحة نظرية هيئة بطليموس القائمة على أن السماوات تتكون من أفلاك كطبقات قشر البصل؛ إذ إن تلك النظرية تعتبر السماوات تسعة لا سبعة.

أما فيما يتعلق بالأرضين السبع التي تعرض لها القرآن الكريم من باب الاشارة وتطرقت لها بعض الأحاديث بصراحة، فهناك نظريات مشابهة للنظريات المذكورة في السماوات، منها أن الرقم "سبعة" إنما ذكر للكثرة فحسب، أو أنه يشير الى الطبقات المختلفة للأرض، أو أن المراد منها هي الكواكب السبعة: عطارد، الزهرة، زحل، الأرض، المريخ، المشتري والقمر؛ أي كواكب المنظومة الشمسية المرئية بالنسبة لنا (فثمة كواكب أخرى في المنظومة الشمسية بيد أنها لا ترى بالعين المجردة ).

وبناء على هذا التفسير، فالمراد من السماوات السبع هو الفضاء الموجود فوق كلّ واحدٍ من تلك الكواكب السبعة.

وبعبارةٍ أخرى: يعتبر كل واحد من تلك الكواكب أرضاً، والفضاء المحيط بها سماءً لها، مع العلم أن السماء تعني الشيء العالي والسامي .

هذا موجز لتفسير العلماء والمفسرين للسماوات السبع والأرضين السبع، وأما الأدلة والقرائن التي نصبها كل واحدٍ لدعم النظرية التي يتبناها، خاصة النظرية الأخيرة التي تبدو أقرب الى الواقع، فهي ما يحتاج الى بسط الكلام بما لا يتسع له المجال هنا، فيرجى مراجعة كتب التفسير لذلك الغرض.