عليكم بوسطيّة النجف!

في اليومين المنصرمين شاهدتُ مقطعَين، أحدَهما في أقصى اليمين تطرّفاً والآخر في أقصى الشمال!

أما الأول.. فشاهدتُ أحدَهم - نافخاً أوداجه - وهو يربط شعيرةً من الشعائر بولاية أمير المؤمنين (ع) ويصف من يتوقّف فيها أو عارضها بأنّه منكرٌ ومعارضٌ لولاية أمير المؤمنين (ع)! ومعارضٌ لبيعة الغدير، وقد يكون ابن زنا أو حيض!!.. ويقول: "ثبّتناها بأنها قضية مرتبطة بالولاية" علماً أنّه عربيٌ لا يُجيد لغتَه ولا يُحسن التلفّظَ بها!!

وأما الثاني: فلم يدّخر جهداً في التبرير لمن حاربت أمير المؤمنين (ع) في البصرة!! حيث ذكر أنها لم تكره علي بن أبي طالب وإنْ خاضت ضدّه حرباً راح فيها عشرون ألف قتيل!! وأن مواقفها السلبية تجاه أمير المؤمنين (ع) إنما هي مواقف انفعاليّة!!

ولا أريدُ أن أُسهبَ في الردّ على هذين المتحدّثَين فإنّ بطلان كلامِهما من الوضوح بمكان.

فأما الأول الذي كفّر الناس الذين لا يرون ما يرى، فردُّ تخرّصاتِه: بأن لا دليل على ربط أيٍ من الشعائر - التي اختلفتم فيها مع غيركم - بولاية أمير المؤمنين (ع)، ويبقى كلامُه إنشائياً خالٍ من القيمة العلمية!

وأما - المتزلّف - الثاني الذي نفى عن المرأة ما أثبته محبّوها قبل مبغضيها!

فقد قال عبد الرزّاق الصنائعي في مصنّفه ج ٥ ص ٤٣٠: قَال الزُّهري: (وَأَخبرني عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أَنَّ عائشةَ أَخْبرتهُ.. قالَتْ: "أَوَّلُ مَا اشتكى رسولُ الله (ص) في بَيت ميمونةَ، فاستأْذن أَزواجه أَنْ يُمَرَّضَ في بَيتي فأُذن لهُ، قالت: فخرجَ ويدٌ لهُ على الفضل بن عباس، ويدٌ أُخرى على يدِ رجلٍ آخرَ، وهو يخطُّ برجليهِ في الأَرضِ" فقال عبيدُ الله: فحدَّثتُ بهِ ابنَ عباس، فقال: أَتدري من الرجلُ الذي لم تسمِّ عائشة؟  هو علي بن أَبي طالب، ولكنَّ عائشة لا تطيب لها نفسا بخيرٍ)

واللفظ الأخير يدلّ صراحةً على شهادة ابن عباس على أنّ عائشة تبغضُ علياً (ع).

أما موقف النجف من كلا الموقفين - بحسب ما نفهمُه – هو الآتي:

أما الشعائر المختلف فيها فليست مرتبطة بالولاية لأمير المؤمنين كما صوّرها المدّعي، والذي لا يعتقد بها ليس كافراً وليس ابن زنا.. وإنما على المؤمنين أن يرجع كلُّ واحد منهم لمن يقلّد من المراجع العدول (أدامهم الله تعالى جميعاً).

وأما قضية الموقف من عائشة، فهو كما وصفت النصوص الواردة عن أهل البيت (ع) وأنّ علياً بوصلة الحق وكل من خرج عليه لا يمكن أن نلتمس له الأعذار والتبريرات، "وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون"، ولا نسبُّ رموز القومِ "أمامَهم" لحفظ دماء المؤمنين ودرء الفتنة.

لستُ ناطقاً باسم النجف الأشرف ولكن أكتبُ ما أفهمه من منهجها الوسطي... والله تعالى من وراء القصد.