لماذا هتف الجزائريون ضد العراق طائفياً وأطلقوا ألفاظاً قبيحة بحق الشيعة؟

جميعنا يتذكر أن السعودية ومنذ عامين تحاول بشكل نشط احتواء العراق واحتضانه من باب إضعاف علاقته مع إيران، وكانت الحكومة السعودية تصرح بشكل علني أنها تريد تغيير سياستها المقاطعة تجاه العراق وإعادة النشاط الدبلوماسي معه بهدف تقليص الدور الإيراني وإرجاع العراق -بغالبيته الشيعية- الى محيطه العربي، فالعراقيون عرب كما هم شيعة.

وهذا يعني أن الدوافع السعودية كانت سياسية بشكل صريح ومع ذلك رحب العقلاء في العراق بفكرة انفتاح البلد على إخوته العرب إذا كانوا يتقبلون أخاهم العراقي بحسب قوميته العربية، بدون نبذه لانتمائه العقائدي. 

في ذلك الوقت كان التيار السلفي رافضاً بشدة لفكرة احتواء العراق وإنفتاحه على محيطه العربي. عليك هنا أن تأخذ بعين الإعتبار أن السلفية على مدى أربعين سنة تقريباً منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، كانت تروج بين الشعوب العربية لفكرة (الشيعة = إيران) وأنه لاوجود للتشيع على الاطلاق سوى في الثقافة الإيرانية الصفوية المجوسية الى آخره من الأوصاف. 

وكان مخيفاً ومقلقاً للتيار السلفي أن ينفتح العراق على المحيط العربي في ظل حكومة عراقية لاعلاقة لها بالمعتقدات ولاتمارس الخنق والإبادة للشيعة كما كان يمارسها نظام صدام. 

من المقلق هذا الإنفتاح لأن العراقي (العربي) النشط، الذكي، جميل المعشر، المحبب للنفوس بسبب شهامته وطيب أخلاقه.. سرعان ما سيحبه إخوته العرب، وسيفتح عيونهم على الكذبة السلفية وسيدرك العالم أن التشيع هو الولاية الحقة للقائد العربي البطل علي بن أبي طالب وأنه التشيع أكبر من إيران وغيرها. نعم الحق يقال كان للإيرانيين شرف الإنتماء لهذا الرجل كما كان شرفاً للعراقيين سبقوا به غيرهم. 

كاتب هذه السطور دخل ذات مرة في نقاش مع أحد الإخوة العرب من الجزائر -البلد الذي أحزننا موقفه الليلة- وقال لي مباشرة: لغتك العربية جيدة.. كيف تعلمتها بهذه القوة وأنت إيراني؟ 

قلت له أنا عربي وإبن جمجمة من جماجم العرب وهي (فزارة) ورسول الله صلى الله عليه وآله يكون إبن عمنا وكلانا من عدنان ومن ولد إبراهيم عليه السلام.

فتعجب وقال .. وكيف تكون عربياً ورافضياً كالعجم؟

نعم إن السلفية تطبق بفكيها على محيطنا العربي المسكين حتى أن المغاربة يحتفلون بعيد (بابا عاشورا) ويصنعون أعظم الإحتفالات في يوم عاشوراء بدون أن يفهموا ماجرى على ريحانة رسول الله في هذا اليوم!! 

فتخيلوا لو حصل الإختلاط وتبادل الثقافات بينهم وبين التاجر العراقي والطبيب العراقي والموظف العراقي والطالب العراقي، وماذا سيسمعون عن عاشوراء؟! 

الخلاصة يا أصدقائي.. ابحثوا عن أولئك الذين صرخوا الليلة من المدرجات (الرافضة أعداء الله) ستجدون أنه ليس من الصعب على التيار السلفي في الجزائر أن يحرك أتباعه والسذج من الناس لهكذا هتافات، الغرض منها إحباط أي محاولة عراقية للإندماج مع إخوته العرب، لأن علي بن أبي طالب لديه جمال لايمكن لأحد مقاومته، وسيقع الجميع فريسة حبه (الولائي) وهذا ما لاتريده السلفية.