في عصر التكنولوجيا: هل أصبح الإنسان الحديث أكثر ثقافة واطلاعاً؟

من المفردات والجمل التي باتت تندرج بشكل يومي في أحاديثنا سواء العائلية أو العملية أو تلك التي تكون في اجتماع الأصدقاء والأحبة، أننا نعيش في عصر التطور والسرعة، ومما لا شك فيه ولا يختلف عليه اثنان أننا نعيش في أوج التطور التكنولوجي والذي سهل الحياة بشكل كبير جداً وأسهم بالاستغناء عن الكثير من المهام والأعمال التي كانت موضوعة على عاتق البشر.

لكن هل هذا التطور يقتصر على التطور التكنولوجي أم طال الجوانب الأخرى للحياة ولعل من أهمها الجوانب الثقافية والتعليمية وتطوير الذات؟ وليكون الحديث واقعياً فالإجابة نعم هذا التطور أسهم بسهولة الوصول للمعلومة بثانية أو ربما بجزء منها، المعلومة التي كانت سابقاً من أصعب ما يستطيع المرء العثور عليه وأحياناً يضطر للسفر وعبور البلدان والبحور والصحارى والبحث لأيام للتمكن من الوصول لها، الآن هي متاحة وبشكل يومي وبضغطة زر تستطيع الوصول لكل المعلومات ولمختلف الآراء وبشتى المجالات وكذلك بلمسة بسيطة للشاشة تستطيع أن تغرق في بحر من الكتب الإلكترونية القديمة أو الحديثة، لكن هل يعني هذا أن المرء أصبح في هذا العصر أكثر اطلاعاً وثقافة وإنتاجية من الإنسان في العصور السابقة لهذا التقدم؟.

هنا الإجابة تحمل شقين، الشق الأول الإنسان الذي يهدف بشكل تطوعي ومن ذاته لتطوير نفسه وحياته وربما يسعى لتطوير المجتمع وعرض أفكاره وإنارة بعض الطرق والممرات التي يجدها مظلمة وضيقة وبالنهاية يحاول الاستفادة من هذه الأدوات بشكلها الصحيح ويوظفها في أماكنها الدقيقة.

 

والشق الثاني الإنسان الذي لا يريد أن يتقدم ولا يهدف لتطوير ذاته واتساع أفقه ولا يسعى لترك بصمته والذي يستخدم هذا التطور في هلاكه بشكل أو بآخر، فتراه يقضي وقته الأغلب في استخدام الأدوات التي لا تُقدم له شيئاً ولا يمكن لها أن تطور منه أو تخدم فكرته أو تخضع لخطته، ولكي لا أبالغ ربما لا يستخدمها في هلاكه لكنه أيضاً لا يوظفها لفائدته، وهنا لب الفكرة والفخ الأكبر الذي يقع فيه الكثيرون.

اليوم باختصار نحن في العصر الذهبي لصناعة أنفسنا وترك بصمات تلوح في الأفق، فاليوم ليس كسابقه  تُحاكم وتنحصر خبراتك بشهادة واحدة أو اختصاص واحد، أنت اليوم بإمكانك أن تكون مبرمجاً دون الحاجة للذهاب للجامعة وبإمكانك أن تكون مطلعاً وقارئاً دون شراء كتاب واحد وبإمكانك أن تدير عملاً من المنزل ومن خلف الشاشة، وباستطاعتك أن تخلق فكرة وتطورها وتطرحها وتشاركها مع كم كبير من الناس، تستطيع أن تبدع صورة وتصنع عالمك، لذا لعلي لا آتي بجديد هنا حين أقول إن التكنولوجيا خدمت الحياة في جميع جوانبها وعلى جميع الأصعدة ولم تستثن جانباً واحداً ومن يحدد مساهمة التكنولوجيا في تطوره أو ركوده هو قرارك أنت لا أحد غيرك، فأنت صاحب المصير والقرار.