بعد انتهاء الأربعين.. 4 نقاط مهمة!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر» 

1- ينبغي التوجّه إلى العالَم الغربيّ في نقل زيارة الأربعين، فإن نقل الصورة إلى العالَم العربيّ الذي لا يزال يعتبر صدَّاماً بطلاً قوميَّاً، ومعاوية من دهاة العرب الأربعة، والذين سيكونون أشدَّ النَّاس على الإمام المنتظر – عليه السلام – عداوةً إذا خرج، مضيعةً للوقت ونفخاً في بالون مثقوب، وسقياً للماء في أرض سوء لا تُخرج إلَّا نكدا، فهؤلاء – لو كان فيهم خيرٌ – لما استبدلهم الله بسلمان المحمَّدي وقومه.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فبدلا من صرف المليارات على كثيرٍ من قنواتنا الدينيَّة والسياسيَّة التي لا نفع فيها ولا فائدة الأحسن صرفها في تأجير محطَّاتٍ غربيَّةٍ، أهليَّةٍ غير حكومية في أمريكا وأوروبا وكندا وأستراليا وغيرها لنقل هذا الحدث العظيم، فهؤلاء مسحورون بالشرق وهناك فضولٌ لمعرفة ما يجري في بلد ألف ليلةٍ وليلة.

ومن جهةٍ أخرى لديهم عطشٌ للمعنويات، لأنَّهم يعيشون جفافاً روحيَّاً؛ لذلك تكثر فيهم حالات الانتحار والكآبة والغربة النَّفسية فإذا شاهدوا الزيارة قرأوا عن المزور، فإذا قرأوا عنه وعرفوه أحبُّوه، فإذا أحبُّوه آمنوا بالإسلام دينا، وبمحمدٍ – صلى الله عليه وآله - نبيَّا وبعليٍّ – عليه السلام – وليَّا.

نقل الصورة الإعلاميَّة موازٍ للخدمة التي تقدّمها المواكب.

2- الكرم صفةٌ ممدوحة، والتحدُّث به من باب (وأمَّا بنعمة ربِّك فحدّث) لتشجيع النَّاس وحثَّهم عليه أمرٌ حسن، وقد أبلى المؤمنون من أصحاب المواكب في هذا المضمار بلاءً حسناً حتى نالوا قصبَ السبق فيه، ولكن لا ينبغي أن يصل هذا الحديث – عند البعض منهم وهم قليلون - إلى درجة المباهاة والفخر، والمنِّ والأذى، فيؤثّر على سمعة الغالبيَّة العظمى منهم الذين صنعوا ما صنعوا لله تعالى تقبَّل الله عملهم بأحسن قبول، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ) ولا خصوصيَّة للصدقات هنا، فالأمر يعمُّ جميع أنواع المعروف، وتذكَّر أنَّك مهما بالغتَ في كرمِك فلن تصل لكرمِ الإمام الحسين -عليه السلام - ؛لأنَّك لم تُقدِّم منحرك قرباناً على مذبح الشهادة، ولا سقيت بدمك شجرة الشريعة، ولا قدَّمتَ أولادَكَ أضاحيَ للدّين.

فإنْ أرخصتَ دمَك في سبيل الإسلام، وروحك في طريق الحق – مع هذا – لن تصل لكرم الإمام الحسين – عليه السلام – ولو جرى عليك كلُّ الذي جرى عليه لاختلاف النيَّة فليس نيَّتُك كنيَّته، ولاختلاف الجنس، فليس دمُك ولحمُك وعظمُك وشعرُك كدمِهِ، ولحمِهِ، وعظمِهِ، وشعرِهِ، فالذي خُلق من طين ليس كالذي خُلِق من نور.

ثم إنَّ الإمام الحسين – عليه السلام – اللَّائقُ بحالِه أنَّه ضحى لأجل رضى الله تعالى، لا يُريد مقابلاً إزاء تضحيته ولا ثواباً من الله تعالى وتلك عبادة الأحرار، وأنت تُطعِم وتسقي وتأوي وتريد من السبط الشهيد مقابل ذلك ثواباً وأجرا، وشفاعةً وجنَّة وتلك عبادة العبيد، فليس عطاؤك كعطائه في حساب البيع والشّراء، وفي مقام الربح والخسارة.

3- رأيتُ شيخاً من مشايخ بعض التيَّارات يزعمُ فيه أنَّ أغلب الزوَّار الإيرانيين جاءوا – من دون مبالغة – هكذا يقولُ لك: من أجل الأكل في العراق حيث إنَّهم فقراء!!

مرحى لهذا التفكير ولهذا المنطق الأعوج، يعني الزائر الإيراني يتغرَّب، ويترك بلاده، ويتعرَّض لمخاطر الطريق لأجل ماعون التمن والقيمة أو الفاصولياء!

هل يدري هذا المُغفَّل أن الأكلات التي تمتاز بالذوق والأناقة في الذائقة العراقيَّة أغلبُها إيرانيَّة؟ الفسنجون، الكباب المشويّ، الآش، والتّمن والقيمة، والسبزي، القورمة وغيرها؟

وهل يدري أنَّ خلافته العبَّاسيَّة – التي يتفاخر بها القوميون العرب – كانت في طابعِها العام من الملبس والمأكل والنّظام فارسيَّةً في عهدها الأول، تركيَّةً في عهدها الأخير؟ ولم تزل بعض مظاهرها في الأكل كاستخدام الملاعق مثلاً في المجتمع العراقيّ؛ لدرجة أن بعض الأدباء في ذلك العصر كان يستخدم لكلّ طعامٍ ملعقة لا يأكل بها طعاماً غيره.

لو بقيت على الذوق العربيّ القوميّ البدويّ في الأكل لكنت إلى اليوم تأكل السخينة، وتشرب اللبن من ضرع الناقة، وتأكل التمر بنواه كما صنع النعمان بن المنذر في محضر كسرى، ولكان أحسن ما تأكل الفلافل تستوردها من الجار، والملوخيَّة في الأنارب.

رفقاً بنفسك – أنتَ ومن معك من القومجيَّة - ، بالأمس عرفت الفنگر والتنكاتي وريش الغنم والزيت والزعتر، واليوم تفتخر على الزوَّار؟

4-  من زار كربلاء يوم أمس لا بُدَّ أن يجري على لسانه رغماً عنه (زادَ الله شرفَك يا أبا عبد الله)، أي نيَّةٍ خالصةٍ كانت عندك يوم الطفّ تفور إلى الآن بمرجل العجائب والكرامات؟ وأيُّ كرامةٍ لك أكبر من أن تتصرَّف في القلوب فتهوي إليك، وفي الأبدان فتشخصُ لقبرك؟ رغم المشقَّة وبُعد الشّقة.

بالأمس إلى العمود 466 كان الزوَّار يرجعون مشياً من كربلاء إلى النَّجف لقلَّة السيارات، وكان على الحكومة أن تخجل من نفسها وتستحيَ من رسول الله – صلى الله عليه وآله – وأن تقوم بواجبها الأخلاقيّ تجاه هؤلاء.

تسعة عشر عاماً وإلى الآن لم يُحسنوا التصرّف في هذا الشأن.

ويخرج المسؤولون على الملأ يقولون: لم يحدث خرقٌ أمنيٌّ، والزيارة كانت بانسيابية!

وهؤلاء لا يدرون أنَّ صاحب الأمر هو من حمى الزوَّار، وهو من فوَّجهم من البلاد البعيدة، وهو من سقى وأطعم وآوى، وإلَّا – فهذا الجهد العظيم – تنوء به أممٌ وشعوبٌ لولا التدخّل الغيبيّ.

وللطرافة، أذكر أنَّه كان من المزمع هذه الأيام أن تُقام في البصرة بطولة تصفيات كأس آسيا للشباب ، وبعد الأحداث الأخيرة انسحب الفريق الاستراليُّ، ثم رأى الاتحاد الآسيوي أن يسحبها من العراق ويُقيمَها في الكويت.

في حين كان عشق الزوَّار أكبر من خوفهم، وكان جهد المواكب في ضمان الخدمة الحسينيَّة أفضل من ضمانات الدولة لإقامة البطولة الرياضيَّة.