رقص وغناء واختلاط.. هل هذه هي ’ حفلات التخرّج’؟!

يبدأ الإنسان بشق طريقه الدراسي في أول مراحل عمره، ويسهر الليالي حتى يصل إلى نهاية مشواره الدراسي، ويقطف ثمار نجاحه وتعبه ويحتفل بهذا النجاح من خلال حفلات التخرج، والتي تعتبر فعالية قديمة تقام بعد انتهاء المرحلة الأخيرة من الدراسة الجامعية.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

لكن الجيل الحالي تأثر بالتقليعات، والممارسات الوافدة إلينا،  والتي لا تمثل هويتنا الثقافية التي قوامها ديننا الإسلامي، وأعراف مجتمعنا وقيمه النبيلة، وحياتنا الاجتماعية المحافظة،  فضرب بعض المتخرجين كل هذه الأصول عرض الجدار،  وظهروا لنا بممارسات خلال حفلات التخرج، لا تمت لأصالة مجتمعنا بصلة، فضلاً عن أنها أفقدت الطالب هيبته، ومكانته العلمية، والتي كانت عبارة عن هرج ومرج، وحفلات تنكرية بأزياء غريبة ومخجلة، كارتداء جلود الحيوانات، وأزياء المتسولين، والمجانين، وتنظيم حفلات غنائية  وإحضار مطربين، لتكون الحفلة عبارة عن استهتار ورقص، وغناء وباختلاط كلا الجنسين.

لو نظرت للوهلة الأولى، لهذا المشهد، لظننت إن هذه الحفلات تقام في دولة غربية، أو مجتمع منفتح، وليس العراق، كيف وصل الأمر إلى هذا الحال؟ من يقف خلف تدمير المجتمع؟ هل حدث هذا الأمر صدفة؟

لا أظنه كذلك، كل شيء كان مخطط له، ومنذ وقت طويل، والدليل على ذلك أن المرجعية الدينية، تنبهت لهذا الخطر مبكراً، وحاولت تحذير المجتمع قبل عقدين، حينما سُئلت عن الخطر الذي يهدد المجتمع العراقي فأجابت (خطر تهديد وطمس هويته الثقافية).

ولو تصدى المجتمع باكراً لهذا الخطر، ما كنا اليوم نواجه مثل هذه الحالات الشاذة، التي بدأت تتطور يوماً بعد آخر.

لكن الأمر لم ينته بعد، هناك من يقف اليوم في وجه هذه الهجمة الشرسة ضد هويتنا، وأخذ على عاتقه تصحيح المسار الخاطئ، وهذا ما حصل في حفلات التخرج، التي تبنت تنظيمها العتبات المقدسة، والتي انقدت المجتمع من حالة الإحباط، وجعلته يشعر بالأمل بأن هناك نور وسط كل هذا الظلام، وأن هناك شباب وفتيات جعلوا  من مرقد المعصوم محور لحياتهم، وانطلاقة لنجاحاتهم،  ومصدر عزمهم وإرادتهم،  وتمكنوا من إيصال رسالة  من خلال العفة، والالتزام، والتنظيم الراقي، والروحية العالية، والهمة الكبيرة، والسلوك المنضبط بأن الهوية الثقافية للمجتمع العراقي لازالت بخير، وهناك من يحملها ويصونها، ويدافع عنها، كما أنهم في هذا التصرف، ادخلوا البهجة على قلب الإمام صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف).

أيضا لابد لنا أن نعرج على حفلات التكليف الشرعي للبنات والأولاد، التي حضرها ممثلو المرجعية الدينية والذي كان الهدف منها كما قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي: (اعتقادنا أن تعليم أبنائنا يجب أن يكون على المنهج الصحيح لبناء الطالب والإنسان ويعتمد هذا على ركنيين أساسيين هما التعليم الأكاديمي الرصين والصحيح، والركن الثاني لا يقل أهمية عن الأول وهو يتمثل بالبناء الأخلاقي والتربوي للطالب حيث أننا نحتاج الى وعي فكري في كيفية هذا البناء الديني والأخلاقي والتربوي للطالب".

كما علق أيضا حول هذا النشاط الذي قامت به العتبات المقدسة السيد احمد الصافي حيث قال: (إن الاهتمام بإقامة احتفالية لأبنائنا وبناتنا لبلوغهم سن التكليف، له عدة مداليل، لكن أهمها نقطتان:

الأولى: هي إلفاتهم إلى أنهم بدأوا بتحمل مسؤولية أفعالهم أمام أنفسهم وأمام عوائلهم وأمام الله تبارك وتعالى.

والنقطة الثانية: هي إحساس الفرد منهم بالتكريم وتحفيز الطاقة واستنطاقها فيه، واستشعار القوة عنده من خلال هذا الاهتمام به، بهذا الحضور أمام العوائل والأساتذة الذين بذلوا جهداً كبيراً في تربيته التربية الصالحة، فهو مشروع بناء وعطاء للمستقبل الواعد).

هذه المحافل هي الوجه المشرق للمجتمع، وتمثل هويته الحقيقية، والتي ستبقى، ويمضي كل طارئ ودخيل على المجتمع.

  {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

* حنان محمد البدري