ماذا تعرف عن ’النسناس’؟!

ما يتعلّق بالمراد من (النسناس) فسنبيّن ذلك من خلال ما ورد من أقوال علماء اللغة، ومن خلال بعض الأخبار الواردة في (النسناس) من طرق الفريقين.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فأمّا كتب اللغة فقد ورد في كتاب (العين) للخليل الفراهيديّ: أنّ النَّسانِسُ جمعُ النَّسناس، قال: وما الناسُ الّا نحن أم ما فَعالهم ... وإن جَمَعوا نَسناسَهم والنَّسانِسَا.

وفي كتاب (جمهرة اللغة) لابن دريد الأزديّ: قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: جلب النِّسْناسَ الى اليمن فذُعر الناسُ مِنْهُم فسُمِّي ذَا الأذعار.

وفي كتاب (تهذيب اللغة) للأزهريّ: أخبرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أنْشَدَه:قطعتَها بِذَات نِسْنَاسٍ باقْ. قَالَ: النَّسْنَاسُ: صَبْرُها وجَهْدُها.قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت الْغَنَوِيَّ يَقُول: ناقةٌ ذاتُ نَسْنَاسٍ، أَي: ذاتُ سَيْرِ باقٍ.

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النِّسناس بِكَسْر النُّون: الجُوعُ الشَّديد. والنِّسْناسُ: يَأْجُوجُ ومَأْجوج. وقال الأزهريّ أيضاً حَدَّثنَا محمّدُ بن إسحاقَ، قَالَ: حدَّثنا عليُّ بن سَهْل، قَالَ: حدَّثنا أَبُو نعيم، قَالَ: حدَّثنا سُفيانُ عَن ابْن جُرَيج، عَن ابْن أبي مُلَيكة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: ذَهَب الناسُ وبقيَ النِّسناس. قيل: ومَا النِّسناس؟ قَالَ: الَّذين يُشبِهُون النَّاس وَلَيْسوا بِالنَّاسِ.

وأخبَرَني الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن يعقوبَ الحَضْرَميّ عَن مهْديّ بن مَيْمُون؛ عَن غَيْلانَ بن جرير، عَن مطْرف قَالَ: ذَهَب الناسُ وبقيَ النَّسناس، وأُناسٌ غُمِسوا فِي ماءِ النَّاس؛ فتح النُّون.

وَقَالَ اللَّيْث: وَبَارِ: أَرض كَانَت من محالّ عادٍ بَين اليَمن ورِمال يَبْرِين، فَلَمَّا هَلكت عَاد وأَوْرث الله دِيَارهمْ الجِنَّ، فَلَا يَتقاربها أَحَدٌ من النَّاس؛ وأَنشد:مِثْل مَا كَانَ بَدْءُ أهْل وَبَارِ. وَقَالَ محمّد بنُ إسْحاق بن يَسَار: وَبَارِ: بَلْدَة يَسْكنها النَّسْناس. وَالله أَعْلم.

وفي كتاب (المحكم والمحيط الأعظم) لابن سيده: قال: والنِّسْناسُ خَلْقٌ في صُورَةِ الناسِ مُشتَقٌّ مِنهُ لِضَعْفِ خَلْقِهم. قال كُراع النَّسِناسُ فيما يقال دابَّةٌ في عِدادِ الوَحْشِ تُصَادُ وتُؤْكَلُ وهي على شكلِ الإِنسانِ بعينٍ واحدة ورِجْلٍ ويَدٍ تتكَلّم مثل الإِنسانِ والنِّسْناس الجُوعُ عن ابن السِّكِّيت، وأمّا ابن الأعرابيِّ فجعلَه وَصْفاً فقال جُوعٌ نِسْنَاسٌ وأراه يَعْنِي به الشَّديدَ وأنشد (أَخْرَجَها النِّسناسُ من بَيْتِ أَهْلِها ..). وأنشد كُراعٌ (أضَرَّ بها النِّسناسُ حتّى أَحَلَّها ... بِدارِ عَقِيلٍ وابْنُها طَاعِمٌ جَلْدُ).

وفي كتاب (غريب الحديث) لابن الجوزيّ: فِي الحَدِيث: ذهب النَّاس وَبَقِي النسناس بِفَتْح النُّون وَكسرهَا، وَقد رَوَى فِي تَفْسِيره أَنّ قوماً عصوا رسولهم فمسخهم الله عزّ وجلَّ نسناساً لكلِّ وَاحِد مِنْهُم يَدٌ، وَرجلٌ، فَهُوَ شقّ إِنْسَان ينقرون كَمَا ينقر الطَّائِر ويرعون كَمَا ترعى الْبَهَائِم. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة النسناس الذين يشبهون النَّاس وَلَيْسوا بِالنَّاسِ.

وفي كتاب (النهاية في غريب الحديث والأثر) لابن الأثير في مادّة (نَسْنَسَ) : قال: فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «ذهب الناس وبقى النَّسْنَاسُ النِّسْنَاسُ» قِيلَ: هُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ. وَقِيلَ: خَلْقٌ عَلَى صُورَةِ النَّاسِ، أشْبَهُوهم فِي شَيْءٍ، وخالَفُوهم فِي شَيْءٍ، وَلَيْسُوا مِنْ بَنِي آدَمَ وَقِيلَ: هُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ حَيَّاً مِنْ عادٍ عَصَوْا رسولَهم فمَسَخَهم اللَّهُ نَسْنَاساً نِسْنَاساً، لِكُلِّ رجُلٍ مِنْهُمْ يدٌ، ورِجلٌ مِنْ شِقّ واحدٍ، يَنْقُزون كَمَا يَنْقُز الطَّائِرُ، ويَرْعَون كَمَا تَرْعَى الْبَهَائِمُ» . ونُونُها مَكْسُورَةٌ، وَقَدْ تُفْتَح. وفي كتاب (مختار الصحاح) للرازيّ: (النَّسْنَاسُ) جِنْسٌ مِنَ الْخَلْقِ يَثِبُ أَحَدُهُمْ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ.

وفي كتاب (المصباح المنير) للفيّوميّ: قال: النَّسْنَاسُ بِفَتْحِ الْأَوَّلِ قِيلَ: ضَرْبٌ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: جِنْسٌ مِنْ الْخَلْقِ يَثِبُ أَحَدُهُمْ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ.

وفي كتاب (تاج العروس) للزبيديّ: قال: وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ذَهَبَ النّاسُ وبَقِيَ النِّسْنَاسُ. قيل: فَمَا النِّسْنَاسُ قَالَ: الَّذين يَتَشبَّهون بالنّاسِ ولَيْسُوا مِن النّاسِ، وأَخْرَجَه أَبو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ، عَن ابنِ عَبّاسٍ. قَالَ السُّيُوطيّ فِي دِيوَان الحَيَوانِ: أَمّا الحَيَوَانُ الَّذي تَسَمِّيه العَامَّةُ نِسْنَاساً فَهُوَ نَوْعٌ من القِرَدَةِ، لَا يَعيشُ فِي الماءِ، ويَحْرُم أَكْلُه، وأَمَّا الحَيَوانُ البَحْرِيُّ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وأخْتَارَ الرُّويَانيُّ وغيرُه الحِلَّ. وَقَالَ الشيخُ أَبو حامِدٍ: لَا يَحِلُّ أَكْلُ النِّسْنَاسِ، لأَنَّه على خِلْقةِ بَنِي آدَمَ. وَقَالَ الغَنَوِيُّ: ناقَةٌ ذاتُ نَسْنَاسٍ، أَي ذاتُ سَيْرٍ باقٍ، هَكَذَا نَقَلَه عَنهُ أَبُو تُرَابٍ، وَبِه فُسِّر مَا أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرَابِيِّ: ولَيْلَةٍ ذَات جَهَامٍ أَطْبَاقْ سُودٍ نَوَاحِيهَا كأَثْنَاءِ الطَّاقْ قَطَعْتُهَا بذَاتِ نَسْنَاسٍ بَاقْ وقِيلَ: النَّسْنَاسُ هُنَا صَبْرُها وجَهْدُها. وقَرَبٌ نَسْنَاسٌ: سَرِيعٌ، نقلَه ابنُ عَبّادٍ فِي المُحِيطِ.

وأمّا الأخبار الواردة في هذا الصدد، فسنورد أوّلاً ما عند العامّة، ومن بعدها ما عند الإماميّة:

1- في كتاب (المصنّف) لابن أبي شيبة، رقم الخبر ( 35125 ): عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: «هُمُ النَّاسُ، وَهُمُ النَّسْنَاسُ ، وَأُنَاسٌ غُمِسُوا فِي مَاءِ النَّاسِ».

2- وفي كتاب (الزهد) لأبي داود السجستانيّ ، رقم الخبر (283): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ذَهَبَ النَّاسُ وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا النَّسْنَاسُ؟ قَالَ: يُشْبِهُونَ النَّاسَ، وَلَيْسُوا بالنَّاسَ.

3- وفي حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهانيّ ( ج1/ص328): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: «ذَهَبَ النَّاسُ، وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ» قِيلَ: وَمَا النَّسْنَاسُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يَتَشَبَّهُوَنَ بِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا بِالنَّاسِ».

4- وفي كتاب (المجالسة وجواهر العلم ) لأبي بكر الدينوريّ : 1760 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: النِّسْنَاسُ خَلْقٌ بِالْيَمَنِ لأَحَدِهِمْ عَيْنٌ وَيَدٌ وَرِجْلٌ يَنْقُزُ بِهَا، وَأَهْلُ الْيَمَنِ يَصْطَادُونَهُمْ، فَخَرَجَ قَوْمٌ فِي صَيْدِهِمْ، فَرَأَوْا ثَلاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ، فَأَدْرَكُوا وَاحِدًا، فَعَقَرُوهُ وَتَوَارَى اثْنَانِ فِي الشَّجَرِ، فَذُبِحَ الَّذِي عُقِرَ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ: إِنَّهُ لَسَمِينٍ، فَقَالَ أَحَدُ الاثْنَيْنِ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الضَّرْوَ، فَأَخَذُوهُ فَذَبَحُوهُ، فَقَالَ الَّذِي ذَبَحَهُ: مَا أَنْفَعَ الصَّمْتَ فَقَالَ الثَّالِثُ: فَأَنَا الصَّمِّيتُ. فَأَخَذُوهُ فَذَبَحُوهُ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الضَّرْوُ: الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ.

الحكم على هذه الأخبار وَفْقاً لقواعد علم الحديث والدراية.

1- أمّا الخبر الأوّل فهو مقطوعٌ، لأنّه من كلام مطرف بن عبدالله بن الشخير، إذْ إنّه تابعيٌّ لم يسمع من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) شيئاً، وإنّما سمع من الصحابة.

2- وأمّا الخبر الثاني فهو موقوفٌ على الصحابيّ أبي هريرة، ثمَّ إنّ في سنده سفيان الثوريّ وابن جرير؛ وكلٌّ منهما مُدلّسٌ وقد عنعنا حديثهما ولم يذكر صيغة السماع.

3- وأمّا الخبر الثالث فهو موقوفٌ على الصحابيّ ابن عبّاس، ثمَّ إنّ في سنده سفيان الثوريّ وابن جرير؛ وكلٌّ منهما مُدلّسٌ وقد عنعنا حديثهما ولم يذكر صيغة السماع.

4- وأمّا الخبر الرابع فهو من مراسيل ابن إسحاق، وعلى هذا الأساس فإنّه معضلٌ. زِد على ذلك أنّ هذه الأخبار كلّها ليست مرفوعة للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، وقد نبّه على ذلك الحافظ السخاويّ في كتابه (المقاصد الحسنة) عند تعليقه على الخبر رقم (505)، وكذلك العجلونيّ في كتابه (كشف الخفاء)،رقم الخبر (1342). وقد ذهب أبو عبد الرحمن الحوت الشافعيّ في كتابه (أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب) ، رقم (690): إلى أنّ خبر (ذهب النَّاس وَمَا بَقِي إِلَّا النسناس) إنّما هو من كلام وهب. يعني به (وهب بن منبّه اليمانيّ الصنعانيّ).قلت : فهذه إشارة من الشيخ الحوت إلى أنّ هذا الخبر من الإسرائيليّات التي تسرّبت إلى مصادر المسلمين عن طريق وهب بن منبّه المعروف برواية الإسرائيليّات.علماً أنّ ابن عبّاس وأبا هريرة وغيرهما من الصحابة قد ثبت عنهم أنّهم كانوا يروون الإسرائيليات التي سمعوها من كعب الأحبار ووهب وغيرهما كما نبّه على ذلك ابن كثير في قصص الأنبياء وغيره.   

 أمّا روايات الشيعة الإماميّة

1- في كتاب الكافي (ج8/ص244  ): 339 - ابن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب قال :

سمعت عليّ بن الحسين ( عليهما السلام ) يقول : إنّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : أخبرني إنْ كنت عالماً عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس ؟ فقال أمير المؤمنين ( عليهما السلام ) : يا حسين أجب الرجل .

فقال الحسين ( عليه السلام ) : أمّا قولك : أخبرني عن الناس ، فنحن الناس، ولذلك قال الله تعالى ذكره في كتابه : ثمّ أفيضوا من حيث أفاض الناس ، فرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) الذي أفاض بالناس . وأمّا قولك : أشباه الناس ، فهم شيعتنا ، وهم موالينا وهم منّا، ولذلك قال إبراهيم ( عليه السلام ) : فمن تبعني فإنّه منّي . وأمّا قولك : النسناس ، فهم السواد الأعظم، وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثُمَّ قال : إنْ هم إلّا كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً.

قلت: وهذا الخبر في سنده غالب والد عبدالله، مجهولٌ لا يعرف عنه شيء. وابن المسيّب فيه روايات مادحة وأخرى قادحة وقد توقّف في أمره بعض العلماء منهم المجلسيّ قدس، والسيّد الخوئيّ قدس.

2- وأمّا خبر الصدوق في (علل الشرائع)، (ص105)، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( ع ) قال : قال أمير المؤمنين (ع ) ، إنّ الله تبارك وتعالى لـمّا أحبَّ أنْ يخلق خلقاً بيده ، وذلك بعد ما مضى من الجنّ والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة قال : ولـمّا كان من شأن الله أنْ يخلق آدم ( ع ) للذي أراد من التدبير والتقدير لـمّا هو مكوّنه في السماوات والأرض وعلمه لـمّا أراد من ذلك كلّه كشط من أطباق السماوات ، ثمَّ قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجنّ والنسناس، فلمّا رأوا ما يعملون فيها من المعاصي، وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحقّ عظم ذلك عليهم وغضبوا لله وأسفوا على الأرض ولم يملكوا غضبهم...الخ.

قلت: وهذا الخبر في حقيقته مرويٌّ عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن جابر الجعفيّ عن الباقر (ع)، كما ساقه المحدّث عليّ بن إبراهيم القميّ في تفسيره بإسناده إلى عمرو بن أبي المقدام، برقم (10).

وعمرو بن أبي المقدام هذا ذكره النجاشيّ والطوسيّ ولم يوردا في حقّه شيءٌ سوى أنّ النجاشيّ وصف كتابه بأنّه لطيف؛ وهذا لا يقتضي مدح الراوي فضلاً عن توثيقه. نعم السيّد الخوئيّ في رأيه الأوّل ومن سلك مسلكه عَـدّه ثقة بناءً على كونه أحد رواة كامل الزيارات، ثُمَّ لأنّ عمرو بن أبي المقدام لا يُعَـدُّ من مشايخ ابن قولويه المباشرين، فإنّ السيّد الخوئيّ قدس في رأيه الأخير يُعَـدُّ متراجعاً عن هذا التوثيق، لأنّه حصر التوثيق المستفاد من عبارة ابن قولويه بمشايخه المباشرين فحسب. وأما والده فهو بتريٌّ، وهو أيضاً لم يورد في حقّه جرحٌ ولا تعديل ،فهو – إذنْ – مجهول.   

3- وفي كتاب مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، (ج3/ص470) نقل عن إبراهيم بن العبّاس : كان الرضا ( ع ) إذا جلس على مائدته أجلس عليها مماليكه حتّى السايس والبواب . وله عليه السلام : ليست بالعفّة ثوب الغنى * وصرت أمشي شامخ الرأس لست إلى النسناس مستأنسا * لكنّني آنس بالناس.

قلت: وهذا الخبر ما هو إلّا شعرٌ منقولٌ عن الإمام الرضا عليه السلام، وهو مع هذا فيه إرسالٌ ما بين ابن شهر آشوب وإبراهيم بن العبّاس. فتأمّل!

هذا ما لدينا عن النسناس.