سياسة أم دين.. ماذا نقرأ في شهر رمضان؟

قرأتُ لبعضِ الأكارمِ منشوراً يدعو فيه النَّاس لقراءة بعض الكُتُبِ في شهرِ رمضان، ثم شفعَ - هذا الكريمُ - دعواه بعرضِ كتبٍ اختارها للقراءة، وتنوَّعت بين علميَّةٍ وسياسيَّةٍ وفكريَّةٍ وغيرِ ذلك.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فوافقتُه في الدعوة وخالفُتُه في الاختيار، أما سرُّ الموافقة فأن يقرأ الصائم خيرٌ من أن يُشاهد التلفاز، هذه واحدة، وثانيةٌ أخرى أن القرآن الكريم نزلَ - على قولٍ -بسورة العلق، وأولُها (أقرأ) ، وكان ذلك في شهر رمضان، فإذا كان الله تعالى دعا النبيَّ - صلى الله عليه وآله -للقراءة ، فما بالنا لا نتأسى بالنبيِّ القارئ، ونقتدي بالإله الدَّاعي للقراءة؟

وأما سبب المخالفة ففي عقيدتي أنَّ لكلِّ زمانٍ قراءة، ولكلِّ وقتٍ لونٌ منها، ودعني أضربُ لك بعصا الأمثال مثلا..

في محرَّمٍ الحرام لا أخالُك تقرأ غير كتابٍ في النَّهضة الحسينيَّة - على الصَّادع بها السَّلام والتحيَّة - وغير ديوان رثاءٍ فيه لشاعرٍ حديث عهدٍ أو قديمه.

وفي موسم الربيع حيث تتفتَّح الزهور، وتتبرعم الأغصان، وتتلون الطبيعة بخزِّ الورود، وتتزيَّن بوشي الأعشاب فلا أخالك تقرأ غير الروايات العاطفية ما جدولين للمنفلوطي، وبعد الغروب لمحمد عبد الحميد عبد الله، وغيرهما لغيرهما.

أما في فصل الشتاء، حيث تكاثف الغيومُ في السَّماء،وقتامة الطبيعة، وجهامة الأفق فتحتاج إلى كتابٍ يتناسب لونه لون الطبيعة المكفهرَّة، ويوافق أجواؤه جوَّ الشتاء الكظيم فتقرأ روايةً بوليسيةً لأجاثا كريستي، وكتاباً سياسياً كصدام الحضارات، يذكرك بالصاعقة إذا أرعدت، والنار إذا أبرقت.

أما في شهر رمضان، فهو باعتباره شهر الروح، وشهر ليالي القدر، وشهر القرآن، فيُناسبه كتب تهذيب النَّفس ك (الأربعون حديثاً) للسيد الخميني - قُدِّس سره -

وكتابُ بسيطٌ في الفقه ك (الفتاوى الواضحة) للسيد الصدر الأول - قُدِّس سره - أو (فقه الإمام الصادق) للشيخ محمد جواد مغنية - قُدِّس سره -

أو (كلمة التقوى) للشيخ محمد أمين زين الدين - قُدِّس سره -

وكتابٌ في تفسير القرآن الكريم مبسَّطٌ كتفسير شُبَّر،أو مبسوطٌ كتفسير الأمثل،أو ما هو أكثر عمقاً كمواهب الرحمن للسيد السبزواري - قُدِّس سره - أو الميزان - للسيد الطباطبائي - قُدِّس سره -

ويناسبه كتابٌ في العقيدة وعلم الكلام والثقافة الإسلامية العامة

، مختصر مفيد للسيد جعفر مرتضى العاملي - قُدِّس سره - المراجعات للسيد شرف الدين - قُدِّس سره -

وفي السيرة فالصحيح من سيرة النبي - صلى الله عليه وآله - للعاملي ،أو ما تيسَّر من كتب الشيخ القرشي.

وإن أردت كتاب رواية فلولا مافيه من الخلط والضغث لما عدوتُ (على هامش السيرة) لطه حسين لأسلوبه الرَّاقي، ولكن دعك عنه إلى غيره،، ولك أن تقرأ حليف مخزوم للسيد صدر الدين شرف الدين، عن حياة عمار بن ياسر،  وفدك في التاريخ للسيد الصدر، وكتابٌ آخر في أربعة أجزاء لبعض السادة من آل بحر العلوم - قُدِّس سره - غاب عني اسمه واسم كتابه، يتكلم عن سيرة بعض الصحابة ممن لم يُغيِّروا ولم يُبدّلوا بأسلوبٍ قصصيٍّ جميل.

وفي التاريخ فعليك بإرشاد الشيخ المفيد - قُدِّس سره - وجمله،

واتخذ كتاباً في شرح دعاء الافتتاح لو وجدته أو بعض الأدعية الأخرى.

وأنت تشكو في هذا الشهر الفضيل لله تعالى (غيبة وليِّنا) فلا بأس في قراءة كتابٍ عن الإمام المهديِّ - عليه السلام -

هذا كلُّه عن ذوقٍ شخصيٍّ لك أن تتركه كلَّه،أو تأخذ به كلِّه أو تأخذ بعضاً وتترك قسيمه، والله الموفَّق للسداد ونسألكم الدُّعاء.