تأخير الزواج بحجة ’الدراسة’!

جاءني قبل مدَّةٍ بعض الشباب ممن أعرف دينَه وخلقه،  يسألني أن أدُلَّه على امرأةٍ ممن أعرف من معارف وأصدقاء وأقرباء ليتزوَّج بها،  وعرضتُ هذا الأمر على بعض الأسَر فرفضوا،  وكان سبب الرَّفض أنَّ بناتها لا يفكرْنَ في الزَّواج حاليَّاً،  ويردن إكمال الدراسة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وفي يقيني أن الفتاة البالغة الطبيعية،  التي هي في سنِّ الزواج ولا تفكِّر في الزواج،  لا بدَّ أن يكون هناك خللٌ في فطرتها كأنثى،  وتربيتِها كفتاة، وإلَّا ما تُضيف الشهادة العلميَّة للمرأة مع احترام التخصّص والعلم؟

وأيُّ اختصاصٍ علميِّ، أو أي اكتشاف أو اختراعٍ في دُنيا الكشوفات والاختراعات يوازي في عظمته تربية طفلٍ وتكوين أسرة؟

لقد مضى حينٌ من الدَّهر في العالم الغربيِّ - وخصوصاً إبَّان نهضته الصناعية -والمرأة تشارك الرجل في مهامِّ المعمل، وينفرد دونها بضخامة الأجر ، فقتلوا فيها إحساس الأمومة،  وغيَّبوا دور الأسرة،  فإذا النَّشأ الطالع لا يرتبط مع أسرته بآصرة،  ولا ينشدُّ إلى أبويه بعاطفة ،  ومن بعد عشرات السنين تُشير بعض الدراسات - خصوصاً في أسبانيا - أنَّ المرأة لا ترغب في أجر العامل،  ولا تُريد حياة المعمل،  وأنها تنزعُ إلى فطرتها الأولى،  وتريد حياة الأمومة.

وفي الكلام المنسوب لأمير المؤمنين - عليه السلام - ما مضمونه: المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فهي للشمِّ والضمِّ، والتقبيل والتدليل،  وليست مدبرةً لشؤون البيت (وهذا معنى قهرمانة) من كنسٍ وطبخٍ ونحو ذلك، 

بل في الفقه الإسلامي ليس عليها إرضاع طفلها إلَّا بأجر، إلَّا أن تكون إحدى المرضعات تطلب على إرضاعه أجراً أقل.

 وإن كان عند نفرٍ يسيرٍ من فقهائنا الأعلام - كالسيد محمد سعيد الحكيم قُدِّس سره - أن خدمة البيت من شروط العقد الضمنية، ولكنَّ الأعمّ الأغلب من الفقهاء ومنهم السيد السيستاني - دام ظلُّه - ليس ذلك عليها.

لا بُدَّ من التشجيع على الزواج المبكر صيانةً للزوجين: الذكر والأنثى،  وحفاظاً على العفة،  فمن سعادة المرء - كما هو مضمون قول الإمام الصادق عليه السلام - أن لا تطمث (تحيض) ابنته في بيته،  وهذا الحديث من أروع الكنايات في الحثِّ على الزواج المبكر.

وعلى الآباء أن لا يُغالوا في مهور بناتهم،  فمهما وضعت سعراً لابنتك فهي أغلى منه بكثير،  ولو كان مهرها مالَ قارون،  وملكَ فرعون،  ولكن أن أردتَ أن تضع لها سعرً باهظاً فثمنها الشابُّ المتدين الذي يصون كرامتها كإنسان،  ويحفظ مقامها كزوجة،  وفي مضمون بعض الأحاديث زوِّجْها من مؤمن، إن أحبَّها أكرمها،  وإن أبغضها لم يذلَّها.