الكذب على ’المرجعية’.. هل هناك من يصدّق الأخبار المضحكة؟!

ماذا لو قيل لك أن تنّيناً ذو فم ناري قادم نحو بغداد أو نحو بيتك! ماذا لو أن أحدهم قال لك أن لي أصدقاء من كوكب عطارد يتسوقون معي، أو أن ضيوفاً من القمر سوف يحلَون عندك عِشاءً وسوف يقضون على العالم في الصباح!

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

هذه المشاهد الكارتونية تُضحكنا الآن، هكذا سوف نضحك عندما تمضي السنين ونستذكر ما كان يُشاع في أيّامنا.

هذه المشاهد لو أن أحداً قال بها أو صدقها فسوف لا يحسب على المجانين فقط لأن المجنون عنده عقل وأصابه عارض فتعطل عقله أما من يصدق بذلك فهو لا يملك عقلاً أصلاً! وكأن عقلاً لم يخلق له، ليس لأنه صدق بأشياء غريبة بل لأنه صدق بأمور تخالف الواقع والمنطق والقواعد العقلية.

لقد حصلت أحداث وصيغت أخبار في عصرنا الحالي مضحكة أكثر مما ذكرت لكن صدقها الناس وأصبحوا يلوكون بها صباحاً ومساءً حتى صارت من معتقداتهم ومواريثهم، وفي كل المجالات، في الطب والدين وغيرهما فصار كلام العطار وطب العرب أفضل من كلام الطبيب، وكلام العامل أفضل من كلام المهندس وكلام القهاوي والدواوين أفضل من كلام عالم الدين والمرجع.

إن التصديق بكل شيء عائد الى برمجة العقل وتعوّده وتربيته على التصديق بأبسط الأشياء حتى بات يصدّق كل شيء ووقع تحت تأثير التخدير.

والتصديق بكل شيء يؤدي الى تسطيح العقل وجعله مطواعاً لكل الشائعات ومُنفّذاً لكل الخطط الخبيثة وأداةً بيد المستغلين، وأضحوكة في فم الشامتين.

والأعجب ممن يعيد نشر الشائعة بعد تصديقها والكذبة بعد صياغتها والمغالطة بعد حبكتها، فيكون كما قال تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ).

بينما نجد قضايا كبيرة حقيقية لا يوليها الناس اهتماماً وتصديقاً ويقيناً ولو التفتوا إليها لَعولجت مشاكلهم التي يبغون لها أملاً في بعض الخرافات والشائعات.

فصدّق الناس أن العالم سينتهي بعد الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل من السنة الفلانية، وصدقوا أن وباء كورونا غير موجود وأن اللقاح يحول الإنسان الى "زومبي"، واذا فتحت القرآن في شهر كذا ستجد شعرة، واذا لم ترسل رسالة الواتساب الى عشرة أشخاص سوف يقضى عليك.

المشكلة الكبرى عندما يكون تصديق الأكاذيب يعود ضرره على شعبٍ كاملٍ، وأضرب مثلاً بالأكاذيب التي تقال حول المرجعية الدينية بما تمثله وقبل كل شيء من شخصية حكيمة أهملت حكمتها بسبب أراجيف تطلق من هنا وهناك.

فبعض يصرخ ليس للسيستاني كلام لأنه ميت منذ زمن، وأن الذي يدخل عليه عشرات الناس يومياً للسلام عليه والتحدث إليه والإنصات له ما هو إلا تمثال شمع!

وأن أموال العراق عنده وسبب الفقر هو وسائر العمائم حتى لو عاش أغلب طلبة العلم في فقر مدقع وأنفق السيستاني على فقراء العراق وأيتامه ما تشهد به الأرقام والمؤسسات التي أنشأها.

وهو من يختار رئيس الوزراء وليس الكتل السياسية المسكينة حتى لو أغلق بابه بوجه السياسيين لسنوات وصدحت خطب الجمعة بتأنيبهم وتحميلهم مسؤولية صغار المشاكل وكبارها الجارية في العراق.

إذا لم نفِق من التخدير فإن عمليات الإصلاح لواقعنا ستفشل جميعها.