مختصون: هوس «عمليات التجميل» للتشبّه بالفنانات مرض نفسي!

باحثات عن الجمال فرائس سهلة في أيدي مدّعي التجميل

الجمال منحةٌ إلهيّة ربانية، فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى بأروع صورة، وأجمل هيئة وأفضل تنسيق، ورغم ذلك فإنّ البعض من الناس يُفضّلون إجراء تغييرات على شكلهم الخارجيّ فيلجؤون لعمليّات التجميل.

 

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

شهد الطب التجميلي طفرة علمية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما زاد من إقبال النساء العربيات من جميع دول العالم عليه، فلم تعد عمليات التجميل مجرد ضرورة تلجأ إليها المرأة عند اللزوم، بل شكلت هوسا حقيقيا لدى الكثيرات ممّن يبحثن عن الجمال أو تقليد النجمات المفضلات لديهن، والتي لم تكن متاحةً منذ زمنٍ قريب، في الوقت الحاضر أصبحت عمليّات التجميل من أكثر الجراحات المنتشرة في العالم، وعليها إقبالٌ كبيرٌ جداً، ورغم أنّ الإقبال عليها من كلا الجنسين إلّا أنّ نسبة إجراء النساء لعمليات التجميل أكثر بكثير من الرجال، وخصوصاً من قبل المشاهير، تتنوّع أنواع عمليات التجميل ما بين التصغير والتكبير والنفخ والتبييض وتغيير اللون، وبعض الأشخاص يُجرون تغييرات كاملة على شكلهم الخارجي، ورغم النتائج المُرضية لعمليات التجميل في أغلب الأحيان ونتائجها الإيجابية إلّا أنّ سلبياتها كثيرة جداً، قد تتفوق أحياناً على حسناتها.

وحول جراحات التجميل وهوس الكثيرات بها، أوضح أستاذ الطب النفسي الدكتور هاشم بحري، أن ظاهرة إقبال النساء على جراحات التجميل قد تنقسم إلى نوعين، فهناك من النساء من يتعرضن إلى حوادث مفاجئة قد تغير في شكلهن وخلقتهن وتصيبهن بتشوه خلقي وهنا يمكن القول إن عمليات التجميل لا تعد هوسا بالنسبة إليهن في هذه الحالات بل هي ضرورة طبيّة لإصلاح ما أفسدته هذه الحادثة، في حين تركض بعض النساء وراء التجميل ليس لأي ضرورة طبية، ولكن لاتباع الموضة مثل اتباع آخر الصيحات في الملابس.

وتابع الدكتور هاشم بحري، أن اتجاه النساء إلى هذا الهوس ما هو إلا انعكاس نفسي لعدم رضا المرأة عن شكلها وقلة ثقتها بنفسها، ما يدفعها دائما إلى توجيه اللوم إلى نفسها بأنها غير جميلة، وهؤلاء النساء قد ينجرفن ويدخلن دوامة لا تنتهي من إجراء جراحات تجميلية متعددة وغالبا لا يجدن النتيجة التي ترضيهن كل مرة لأنهن يبحثن من وجهة نظرهن عن الكمال، وهذا غير قابل للتحقق، في حين أن هناك من النساء اللاتي يقلدن تقليدا أعمى الموضة ويرغبن في الحصول على مظهر النجمات سواء الأجنبيات أو العربيات والتشبّه بهن، والتجارب العملية أثبتت فشل الكثير من هذه العمليات وتحول الكثيرات إلى أشبه بالدمية.

وبشكل عام يرى بحري أن حالة الهوس بالتجميل أيا كان السبب هي في الحقيقة حالة مرضية وتعبر عن خلل نفسي تعاني منه المرأة لأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه وجعله في أحسن تقويم، وعلينا جميعا أن نرضى بالخلقة والهيئة التي خلقها الله عليها ولا نعمد إلى تغييرها.

أما أستاذ جراحة التجميل بكلية طب قصر العيني، الدكتور طارق سعيد، فلفت إلى أن اتجاه النساء إلى عمليات التجميل حاليا بات بدافع الموضة في كثير من الحالات، فهناك كثير منهن اللاتي يلجأن إلى الجراحات التجميلية دون أسباب طبية ويطلبن من الطبيب التشبه بفنانات بعينها.

وأوضح أنه على الطبيب أن يحدد ما إذا كان المريضة بحاجة حقيقية للجراحة أم لا، فهناك جراحات تجرى لأسباب طبية منطقية كالتخلص من العيوب الخلقية أو تعديل تشويه أصاب المريضة بسبب حادث ما، ولكن هناك من النساء اللاتي يقبلن على الجراحة لمجرد أن يتشبهن بالفنانات دون أي ضرورة لإجرائها، وشدد الدكتور طارق سعيد على ضرورة أن يتحلى طبيب التجميل بالأمانة ويرفض إجراء أي جراحة دون وجود ضرورة تستدعي ذلك، لأن نسبة حدوث أي خطأ في هذه الجراحة تعرضه للمسألة القانونية، موضحا أن عمليات تجميل الأنف وشفط الدهون هي الأكثر إقبالا بين أوساط النساء في مختلف الدول العربية.

أمثلة على عمليات التجميل

  • عمليات شفط الدهون.
  • عمليات نفخ مناطق متفرّقة من الجسم، إمّا باستخدام الدهون المأخوذة من الجسم نفسه، أو باستخدام حقن البوتكس والفيلرز والكولاجين، والتي تُجرى في العادة لنفخ الشفاه، ونفخ الخدود، ونفخ الصدر وتجميل شكله.
  • عمليّات تصغير الأنف، وتقويم اعوجاجه، وتعديل شكله الخارجي. عمليّات سحب الدوالي من القدمين.
  • عمليات شد الجفون، ورفع الحواجب.
  • عمليات شد البطن، وشد الوجه للتخلّص من التجاعيد وتقليلها.
  • عمليات التقشير الكيميائي للبشرة للتخلّص من البقع والندوب والحبوب.
  •  عمليات إزالة الشعر بالليزر.

أضرار عامة لعمليات التجميل

  • تكاليفها باهظة الثمن، وقد تُسبّب دفع الكثير من المال، وتأتي بنتائج غير مضمونة.
  • تتسبّب بكثير من الآلام الجسدية، التي تؤدّي إلى حدوث الكثير من الأوجاع التي قد تمتدّ إلى أسابيع، مع ظهور كدمات وانتفاخات في مناطق مختلفة من الجسم.
  • قد تتسبّب بكثيرٍ من المضاعفات، كحصول النزيف في أيّ جزء من أجزاء الجسم، وارتفاع درجة الحرارة.
  • التعرّض لمخاطر التخدير الكثيرة، حيث إنّ البعض ممّن يتعرّضون للتخدير الكامل لإجراء عمليات التجميل لا يستيقظون أبداً، وتتكوّن لديهم مضاعفات خطيرة، وقد يُصابون بغيبوبة طويلة الأمد تنتهي بالوفاة.
  • نتائجها غير دائمة في معظم الأحيان، وتحتاج لإجرائها من جديد عندما ينتهي مفعولها.
  • قد تأتي نتائجها غير النتيجة المطلوبة تماماً، وتتسبّب بتغيّرات دائمة أكثر بشاعةً، ولا يُمكن التراجع عنها.

مضاعفات محتملة لعمليات التجميل

  • حدوث إعاقات في مجرى التنفّس، مما قد يؤدّي للاختناقات، وعمل منفذ عبر الحنجرة لوصول الأكسجين للرئتين.
  • إصابة المريض بتلف في خلايا الدماغ، نتيجة ضعف وصول الدم لخلايا المخ.
  • حدوث اضطرابات عديدة في إفرازات الغدة الدرقية، ممّا يؤدّي لارتفاع درجة حرارة الجسم.
  • تذبذب نبضات القلب، وحدوث هبوطٍ مفاجئ في الضغط. الإصابة بالاكتئاب في حال ظهور نتيجة عكسيّة للعملية.
  • الإصابة بفقر الدم.

خطورة ووفاة

جراحات التجميل باتت في عالم اليوم بضاعة رائجة، تستهوي النساء، كما تستهوي ضعاف النفوس من غير المختصين، الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، فيستغلون حاجة النساء، ورغبتهن في مواكبة عالم الجمال المغري، مما يوقعهن فرائس سهلة في أيدي مدعي الطب، والطب منهم براء، وجاءت الجائحة لتوفر لهم الفرصة للتخفي، فصارت هذه العمليات المشبوهة تجرى في المنازل بعيداً عن الرقابة، تحت عناوين وهمية سرعان ما تختفي حين تبدأ الضحية في البحث عنها بعد أن تصاب بالتشوهات جراء استخدام المواد المغشوشة طمعاً في جني المزيد من الأرباح.

أطباء مختصون أكدوا أن هذه الممارسات الخاطئة ينفذها أشخاص غير مختصين باستخدام مواد غير مرخصة من فيلر وخلافه لتجميل السيدات داخل المنازل، حيث تبحث النساء عن الخصوصية، إضافة الى ممارسات أخرى تمارس بحق المريض بتشجيعه على إجراء عملية تجميل لا يحتاج إليها، نتيجة السعي للمزيد من المكاسب، لافتين إلى أن بعض الأجهزة المستخدمة من قبل فنيين وليسوا أطباء وجراحين فاعليتها وهمية، فيما أكد أحد المحامين أن القانون أوقع عقوبة تصل إلى مبالغ باهضه غرامة مزاولة المهنة من دون ترخيص.

وأوضحوا أن «عرابات التجميل» وتجار «حقيبة التجميل» اختفوا في الفترة الماضية نتيجة للرقابة وزيادة الوعي، ولكن بعد جائحة (كوفيد 19) بدأوا بالظهور مجدداً، مستغلين حاجة طالبي التجميل في ظل عدم مراجعة العيادات بالمستشفيات خوفاً من انتقال العدوى الفيروسية، كما أن معظم طالبي التجميل أصبحوا يتجمعون في منزل واحد ويأتي إليهم الشخص وهو على الأغلب غير طبيب، فيجري لهم العمليات، ما يشكل خطورة على صحتهم تؤدي إلى الوفاة، لأنه يتعامل مع عدة مجموعات، إضافة إلى أنهم يستخدمون مواد تجميل زهيدة الثمن لعمل العمليات، مبينين أن إعلانات التجميل التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي غير قانونية ومعلوماتها الطبية خطأ وغير واقعية، كما أن الصور التي تنشر في تلك المواقع «قبل وبعد العمليات» معدلة على برامج «فوتوشوب» ومعظم ناشروها مراكز تجميل، كما أن معظم تلك الإعلانات تختص بالتجميل كشد الوجه بالخيوط، و«فيلر» أو إبر تعبئة خطوط الشيخوخة، وبوتكس «حقن بروتين»، والليزر، وتصغير الأنف، فهي تحتاج إلى أطباء اختصاص وجراحين وليس مراكز تجميل أو أطباء عامين، ويجب أن تجرى داخل مستشفيات تحت إشراف طاقم طبي متكامل.

مواقع إلكترونية