مؤشر خطير: الأجيال الجديدة لا تتفاعل مع ’المسجد’!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

الشيخ أحمد السلمان

من الأمور التي يمكن أن تلحظ بسهولة ويسر انخفاض نسبة الشباب الذين يرتادون المساجد، فلو قمت بعمليّة إحصائيّة للمصلّين في أيّ مسجد ستجد أنّ الشباب منهم يمثّلون النسبة الأقلّ، وبتعبير آخر فإنّ الأجيال الجديدة لا تتفاعل مع المسجد كما هو الحال مع الأجيال القديمة، وهذا مؤشّر خطر جدّا إذ أنّه ينبئ بوجود خلل في الأمر قد يؤدّي إلى انتهاء دور المسجد في حياتنا كما هو الحال في بعض البلدان التي تحوّلت المساجد فيها إلى مجرّد معالم أثريّة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ومن هنا فإنّنا نريد البحث في أهمّ أسباب هذا الإعراض عن بيوت الله -زادها الله رفعة- لكي نعالجها ونقدّم الحلول المناسبة لها:

الخلل الأوّل: هو عدم تعويد الطفل من صغره على المسجد إذ أنّ بعض الآباء يحرصون على الذهاب إلى المساجد ولكنّه لا يصطحب ابنه معه، فيكبر هذا الطفل دون أن يكون للمسجد حضور في حياته وبالتالي لن يصبح من مرتاديه.

نعم البعض يعلّل هذا الفعل بوجود كراهة نصّ عليها الفقهاء في اصطحاب الأطفال للمساجد، إلّا أنّ هذه الكراهة قد قيّدت بمن لا يؤمن تنجيسه للمسجد أو إيذاؤه للمصلّين، فهي ليست كراهة مطلقة تشمل كلّ صبيّ مميّز، بل يمكن أن نتجاوز هذه الكراهة بإيجاد حلول جديدة كجعل غرفة خاصّة بالأطفال في المسجد تكون متاحة لهم في أوقات الصلاة بحيث لا يزعجون غيرهم.

الخلل الثاني: إنّ المأمول من المسجد أن يكون مركزا لتعليم الناس كلّ ما يتعلّق بدينهم بل والقيام بتربيتهم وتزكيتهم، لكن عندما نلاحظ المساجد وأنشطتها في السنوات الأخيرة نجد أنّها اقتصرت على كونها مكانا للصلاة لا أكثر، ومن هنا زهد فيها الناس لاسيما الجيل الجديد لأنّه لا يجدها تقدّم له شيئا إضافيّا!

وتجاوز هذه المشكلة يكون بتفعيل دور المسجد وجعلها منارة للناس تنير طريقهم وتضيء دربهم بإقامة البرامج والفعاليّات التي التربوية والتعليميّة، والأهمّ من هذا هو اعتماد الأساليب الحديثة والمعاصرة التي من شأنها أن تكون عنصر جذب للشباب.

الخلل الثالث: لابدّ أن تكون بيئة المسجد صحيّة نموذجيّة مثاليّة، وذلك لأنّ هذه البيئة هي المرآة العاكسة لدور المسجد في المجتمع، والمشكلة الحقيقيّة التي نعيشها أنّ كثيرا من المساجد أصبحت لا توفّر بيئة صحيّة للشاب، فلو قام أحدنا بعمليّة استقراء سيجد أنّ قسما منها يعيش صراعا بين مرتاديه أو بين إدارته أو نزاعا مع جبهة أخرى!

فالمساجد التي من المفترض أن تكون روضة من رياض الجنان تحوّلت إلى حلبة للصراعات وساحة لتصفية الحسابات بين المتديّنين والأخطر من هذا أن تكون هذه الصراعات باسم الدين والتديّن، وهذا الأمر جعل كثيرا من الناس يتجنّبون بيوت الله لتجنّب الخوض في هذه الصراعات.

نحتاج فعلا إلى إعادة النظر في الوضع الحالي للمساجد وتقييم ما تقدّمه للناس وتغيير ما يمكن تغييره حتّى ننقذ هذا الجيل، إذ أنّ غياب المسجد من المنظومة التربويّة والتعليميّة يعني حلول شيء آخر بدله، والشياه إذا لم يرعها الراعي فإنّ الذئب لها بالمرصاد.