طريق اللاعودة: أرقام ’مرعبة’ عن مشاهدات الأطفال والمراهقين لـ ’المقاطع الإباحية’!

الإباحية من السرية إلى العلنية

د. جاسم المطوع:

في السابق كان من يرغب برؤية مقطع إباحي أو لقطة إباحية يخجل ويختفي عن الأنظار حتى لا يشاهده أحد وهو يرتكب خطأ اجتماعي ومنكر ديني، واليوم صارت الإباحية علنية يتفاخر الشباب برؤية مقاطعها وينشرونها في كروبات الواتساب وشبكات التواصل الاجتماعي، هذا التغيير السريع في الأخلاق والقيم خطير على المستوى التربوي والأخلاقي، فقد زادت نسبة متابعة الإباحية بسبب انتشار شبكات التواصل وضعف رقابة الوالدين، حتى صارت حالات الإدمان على الإباحية كثيرة جدا.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فالإباحية تعني متابعة كل ما له علاقة بالجنس، وصارت اليوم هي الوسيلة الوحيدة لتعليم الثقافة الجنسية في عالمنا العربي وذلك لعدم وجود خطة واضحة لنشر الثقافة الجنسية الصحيحة، فالأرقام تفيد أن الإباحية في توسع وانتشار سريع جدا على المستوى العالمي، وهناك دراسة خليجية عن الإباحية وضحت أن 70% من الشباب الجامعي الخليجي يتعرضون للمضامين الإباحية الإلكترونية، وأن أكثر المواقع التي يتعرض فيها الشباب هي شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 51,4%، ثم موقع اليوتيوب بنسبة 31,2%، وأن أكثر تطبيقات التواصل الاجتماعي الذي يتعرض فيه الشباب للمضامين الإباحية هي الإنستغرام بنسبة: 46,4%، يليها تويتر بنسبة «44%»

أما على مستوى العالم فإن في كل ثانية يتم تصفح 30000 موقع للإباحية من قبل الأطفال والمراهقين، ركزوا معي في العبارة من قبل "الأطفال والمراهقين"، وفي كل نصف ساعة يتم تصوير فيلم إباحي في أمريكا، وأن 30% من محتوي الإنترنت يحتوي على محتوى إباحي، وكأن الإباحية تسير باتجاه أنها تحكم عقول الشباب والأطفال والناس، وربما في المستقبل يصبح للجنس إله مثلما كان عند اليونانيين في القديم إله للجنس اسمه "إيروس"، فقنوات الإباحية مدروسة بعناية فائقة لغسيل عقول الصغار والكبار والرجال والنساء، فهي متغلغلة في البلايستيشن وألعاب الفيديو وفي النتفلكس ومن خلال استعراض المشاهير لأجسادهم على السناب شات والتيك توك للكسب السريع، وكذلك في الإيحاءات الجنسية في الإعلانات مثل إعلانات العطور ومزيلات العرق والسيارات وغيرها.

وحتى لا نحمل شبكات التواصل الاجتماعي المسؤولية الكبيرة في سبب ازدياد الإباحية فإن هناك أسباب أخرى في زيادة التعلق بالإباحية مثل تقصير الوالدين بتربية أبنائهم وعدم غرس أخلاقيات الرقابة الذاتية وقوة الإيمان ومخافة الله تعالى في نفوسهم، فالخلل التربوي والديني في الأسرة له دور كبير في تغلغل الإباحية بنفوس وعقول أبنائنا، والسبب الآخر هو عدم دراية الأهل بما يلعبه أبناؤهم في الأجهزة الذكية وما يتابعونه على المنصات المختلفة، ومن الأسباب كذلك ضعف التربية الجنسية ورغبة الإنسان بحب الاستكشاف والفضول أو بسبب الصحبة السيئة التي تزين له الإباحية أو بسبب التفكك الأسري، فيكون اللجوء للإباحية هو الحل البديل عن احتضان الأسرة، كل هذه الأسباب تؤدي لإدمان أبنائنا على الإباحية بشتى صورها.

والإباحية لم تعصف بالصغار فقط بل حتى الكبار، فكم من قضية عرضت علي من إدمان كبار السن على الإباحية، وحتى المتزوجين رجالا ونساء يبدؤون بمشاهدة الإباحية من باب التسلية أو حب الاستطلاع أو إشباع الرغبة ولكنها تنتهي بالإدمان الذي يعطل الإنسان عن التفكير والإنتاج والعمل، وختاما فإن هناك حلولا كثيرة لحماية أنفسنا وأبنائنا من الإباحية منها وهو أهم حل الوعي بالمشكلة وعدم تجاهلها أو تهميشها، ثم الحوار مع من يشاهد الإباحية حتى نعرف السبب ثم نعالج المشكلة، ووضع ضوابط وموانع على الأجهزة التي تبث البرامج الإباحية، ولا نغفل تقوية الجانب الايماني وقوة الارتباط بالله تعالى، وأخيرا تشجيع من يقع بمعصية الإباحية بالتوبة والاستغفار فالله يقبل توبة التائب إذا كان مخلصا وعزم على عدم تكرارها.