فيسبوك أم تويتر.. من يستعير عقلي؟!

قال الإمام الرضا (صلواتُ اللّٰه عليه): «يا ابن أبي محمود إذا أخذ الناس يمينا وشمالا  فالزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه و من فارقنا فارقناه إن أدنى ما يخرج الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة هذه نواة ثم يدين بذلك و يبرأ ممن خالفه يا ابن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا و الآخرة.» [بحار الأنوار]

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

نحن النساء بحمد الله نشكّل رقماً من ضمن المعادلات المجتمعية، وصار وجودنا شاملاً لميادين عديدة بحكم عجلة التطور السائرة دون توقف، والميادين التي أقصدها والتطور المعني هي الميادين المباحة، والتطور الذي يُمكّننا من خدمة مجتمعاتنا والارتقاء بها.

ومن ضمن هذه الميادين هي مواقع التواصل الاجتماعي، باتت النظرة لمواقع التواصل ليست كما في السابق، فهي بالحقيقة وإن كانت مواقع افتراضية لكنها تؤثر بشكلٍ كبير في رسم الواقع ومجراه، إيجاباً أو سلباً.

وهنا ترِد عدّة أسئلة:

 كيف أخذ هذا التأثير شكله؟

ما هي المؤثرات التي تكوّن الأفكار الخاطئة والمنحرفة؟

كيف نكوّن شخصيتنا المستقلة بعيداً عن هذه المؤثرات وما هي المحصنات منها؟

في نهاية يومنا، وبعد انتهائنا من التصفح والتجوال بين هذه المواقع، نضغط زر الإغلاق في الموبايل ونغفو، لنصبح صباحاً ونجلس مع العائلة أو نذهب الى العمل والجامعة ونستقل السيارة أو الخط أو الباص، وحتى في اجتماعاتنا العائلية والأعياد والأعراس والفواتح، سوف نلاحظ وبقوّة أن هناك الكثير من هؤلاء الناس وكأن المخ الذي يملكونه ما عاد بشكله اللحمي المتموج، بل إننا سوف ندخل في دوّامة ونتساءل هل نحن في الشارع أم مثل أبطال الديجيتال دخلنا الى تلك العوالم الافتراضية! لأن المخ تحوّل شكله وتقولب بشكل ايقونات مواقع التواصل؛ فتارةً نراه أزرقاً كما الفيس بوك، وتارة أخضراً مثل واتس آب، وتارة يصدر صوتاً كأن به جان متأثراً بتغريدات تويتر.

لقد تناسينا الكثير من التعاليم العقلية والمنطقية والإسلامية وباتت تحكمنا تعاليم هذه المواقع والتي على رأسها: انسخ والصق في دماغك، فنأخذ منها ونردد من دون أن نحتمل الخطأ والشبهة والكذب والتدليس والتزوير والبهتان والتشهير.

يقول تعالى في محكم كتابه:

(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)

اذن لماذا لا نعرض أفعالنا على هذه التعاليم؟!

فمثلاً: تخرج علينا (بلوگر) معينة عملها المكياج أو ستايلات الملابس أو الطبخ، نتعلم منها المكياج والطبخ لا بأس، لماذا مباشرة وتنزلاً وتسرعاً نتخذها قدوة في الحياة، حتى هي لم تقدم نفسها إلا خبيرة مكياج وملابس وطبخ، لماذا أجعلها قدوة في أمور أخرى وأمور كبيرة تحدد نمط ومسرى حياتي، هي تهذر خارج اختصاصها ولا تحترم الاختصاصات، أنا لماذا ويبدو هذا المثل كلاسيكيا لكنه تقريبي كثيراً، لماذا أتناول شيت دواء تتناوله هي، لماذا ألغي شخصيتي لأعيش بثوب شخصية أخرى؟ من جانب آخر لماذا ألغي اهتماماتي ولا أنظر لمكامني فأقتات على اهتماماتها وأحاول العيش على ما يعرضوه في مواقع التواصل.

كل نمط من أنماط حياتنا هو اختصاص له مختصين نأخذ منهم، في العلاقات الزوجية، في التربية، في المشاكل الأسرية، وحتى أمور التسويق والعمل.

وفيما يخص القضايا السياسية والتعامل معها، ربما ننسى فيها جانب الورع لأنها ليست قضية دينية، ونغفل عن الحياء لأن الجدال ليس في الشارع رغم أن الحكم في كل الحالات واضح، وما أتعس أن تستنزف المرأة دينها في تحزبات سياسية ودفاعٍ مستميت عن غير عقيدتها.

ومن الأمثلة أيضاً فيما يخص القضية المهدوية، فنرى تارة ظهور شخص يدّعي النيابة رغم أن الذي في المهد يعرف النيابة الخاصة انتهت بوفاة السفير الرابع، على أي أساس نرمي توقيع الإمام بتكذيب من ادعى المشاهدة ونصدّق تأويلات ونكات هذا وذاك، أو تخرج لنا گروبات وشخصيات تدّعي التمهيد وتطرح أعمالاً من ذاتها دون استنادٍ لنهج أهل البيت لتجعل التمهيد بها، فنترك كتاب مكيال المكارم للسيد الأصفهاني ونلجأ لصغار ودجالين!

وفي الحقيقة من يستعير عقلي؟ لا أحد، أنا من أعير عقلي وأسلمه لهم بكل برود!