التمرّد على الدين و ’التململ’ من الشعائر!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

​بحسب الملاحظة أجد عند بعض الأشخاص - مع اختلاف درجات وعيهم وعلمهم - تمرّدا على الدين ورفضا لفكرة أن يحدّ من اندفاعهم ويضبط تحركاتهم ، يتمثّل بالإستياء من الأحكام الشّرعيّة الذي يتخذّ مظاهر مختلفة أو التململ من شعائر الدين والتذرّع لرفضها أو الإبتعاد عنها تحت أيّ دعوى ووراء أيّ ناعق ، فيسلكون مضطرين جانب المداهنة والمصانعة أمام محيطهم؛ لئلا يصمهم أحد بشيء أو يعزلهم المجتمع.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكونوا ملتفتين تماما لهذا الدافع الخفيّ ، فيكفي كونهم يمارسون ما يمارسه غيرهم من العبادات ، ولكنّهم يفعلونه للعادة الفارضة أو بسبب الضغط المجتمعيّ.

وحينما يتوفّر جوّ ملائم بارتفاع الموانع الخارجيّة والداخليّة ، وتفاقم هذه الدوافع والهواجس ، ويجري ذلك بطريقة ديناميكيّة تُشبه عمل المُسنّنات التي تؤثر حركة أحدها على الأخرى بنفس الاتجاه أو بالمعاكس مع تعدّد الوسائط بينها...  فترجح كفّة الرفض للدين أساسا لمحلّ التمّرد أو على الأقلّ إعلان عدم الإكتراث بالموقف منه ، كما يُلاحظ ذلك عند مَن يتعرّب بعد الهجرة أو يفسح مجالا للنزعات والنزغات لأن تتحكّم بدينه .

ويُصاحب ذلك ردّات فعل نفسيّة تنشأ كعامل مساعد تساعد على إنطلاقها مجموعة العوامل المؤثرة على هذا التغيّر ، وتختلف كمّا وكيفا بإختلاف شخصيّة الفرد ومدى الظروف المواتية ، فيخفت صوت العقل ويذوب جدار الضمير ، وتبقى الساحة لهوى الفرد يصول فيها ويجول وحده!

 

ومن إنعكاسات هذه الردّات أن يفتح الفرد حربا مع الدين لإدامة زخم الفعل ، ويكرّس وقته وحياته لبيان بطلان وجود الإله مثلا، وينصب نفسه مرشدا لمَن يعيش حالته ، ويبحث عن أقرانه وينظمّ لجبهتهم ليشعر بالإطمئنان بالإئتلاف مع الجماعة ، وهكذا.

وقد تستمرّ معه هذه الحالة حتّى ينقضي عمره مادام يديم للحالة وقودها ، فينطفئ نور العقل ويخمد الباعث الفطريّ .. وقد يفتر بعد أن يصيب تمرّده الخمول ، فينبعث النور من جديد ليجد نفسه ضائعا بين ركام السنين الماضية ورفات الطموحات الفارغة.

كلّ ذلك لأنّ هذا الفرد ضُعف أمام جماح نفسه وأرخى لها حبال الإنفلات ، وتماهل عن ضبط غرائزه وميولاته.

ويقترن ذلك بالإبتعاد عن الله تعالى ، فيظلّ الفرد ضعيفا أمام أمواج عالية بالنسبة إليه ، فإنّ الهرب إلى الله تعالى والتحصّن بركنه الوثيق والتقوّي بالإلتجاء إليه ، والدعاء على القوّة في هذه المواجهة . وكذلك ممارسة الشعائر الدينيّة عن فزع وعلم له الأثر الكبير في تحفيز واسناد جانب الحقّ في هذه المعركة والتي توصف بأنّها الجهاد الأكبر!

ومَن يطعن في الشعائر الدينيّة التي تدعو لها عقيدته وينتقص منها عن شهية ورغبة ، فقد يكون ممّن لم يتوفّر له الجوّ الملائم ليحسم المعركة لصالح الباطل فيظلّ يعالج هذه الأزمة بتصويرها ضمن هدر الأموال أو التخلّف أو الممارسات البالية أو يربطها بأحداث سياسيّة أو إجتماعيّة ويخلق تزاحما بين غير المُتزاحمين ويُطالب الآخرين بتقديم حلّ للمشاكل قبل ممارسة الشعيرة ، وهكذا يبقى دائرا في هذا الفلك.

 أو ممّن حسم أمره ووجد في توجيه الطعن دافعا لنموّ الأفكار الجديدة وثبوتها.

وتبقى هذه الملاحظة تكتنف كثيرا من التشعّبات والتداخلات والتأثيرات.