أمريكا تواجه ’العلّمنة’.. دراسة جديدة تنبّه إلى أهمية ’الاقتصاد الديني’ وتحذر من غلق دور العبادة!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر»

صحيفة ديزيريت نيوز الأمريكية: التأثير الاقتصادي للدين: تقرير جديد  يكشف إن حجم هذا التأثير أكبر من قيمة جوجل وأبل وأمازون مجتمعين

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

بقلم كيلسي دالاس

9/7/2021

ترجمة ضرغام عبد الكريم الگيار

لو شكل الدين في الولايات المتحدة دولة مستقلة، فستحتل هذه الدولة المرتبة الخامسة عشرة كأكبر اقتصاد في العالم، وفقًا لدراسة جديدة تدرس الجانب الاقتصادي للإيمان.

تحقق الشركات والمؤسسات ذات الصلة بالدين، فضلا عن دور العبادة، إيرادات كل عام أكثر من جوجل وأبل وأمازون مجتمعين، حيث تساهم بنحو 1.2 تريليون دولار سنويا في الناتج المحلي الإجمالي لأميركا، وفقا لبحث سينشر قريبا في مجلة الأبحاث المتعددة التخصصات حول الدين، بعنوان "المساهمات الاجتماعية والاقتصادية للدين في المجتمع الأميركي: تحليل تجريبي".

قام المؤلفان بريان غريم، الباحث المشارك في مركز بيركلي للدين والسلام والشؤون العالمية في جامعة جورجتاون، وابنته ميليسا غريم، وهي زميلة باحثة في نيوزيوم، بحساب هذا الرقم باستخدام تقارير سنوية من المنظمات الدينية وبيانات وطنية أخرى من عام 2014، فعلى سبيل المثال، لخصوا الرسوم الدراسية السنوية المدفوعة للمدارس الدينية من أجل تقدير القيمة الاقتصادية للمؤسسات التعليمية ذات الصلة بالدين.

وقال بريان غريم، المحلل السابق في مركز بيو للأبحاث والذي هو أيضا رئيس مؤسسة الحرية الدينية والأعمال، التي دافعت عن الحرية الدينية كمحرك رئيسي للنمو والفرص الاقتصادية خارج الولايات المتحدة، إن هذا العمل هو الأول من نوعه في عرض الفوائد الإيجابية للدين في الولايات المتحدة في وقت غالبا ما يوضع فيه الإيمان في الجانب السلبي من الأخبار.

وقال: "هل نحتاج إلى معرفة (القيمة الاجتماعية والاقتصادية للدين) من أجل تقدير قيمة الإيمان؟ بالطبع لا، ولكن في عصر أصبح ينظر الى كل شيء من منظور مادي، نحتاج إلى إظهار صورة أكثر توازناً عن الإيمان من تلك التي تظهر في عناوين الأخبار اليومية".

يأتي التقرير في أعقاب استطلاعات أظهرت أن الممارسة الدينية آخذة في التراجع، مذكّراً الناس بما سيضيع إذا اختفى الإيمان من المجتمع.

قال رام كانان، مدير برنامج الدين وأبحاث السياسة الاجتماعية في جامعة بنسلفانيا: "تخيل ما سيحدث إذا استيقظ كل منا صباحاً وقال، "أنا لم اعد متدينًا بعد الآن ولا أريد ممارسة الطقوس العبادية"، مشيراً إلى أن أكثر من 1.5 مليون عامل بدوام كامل في المؤسسات الدينية سيفقدون وظائفهم".

الحسابات

تقسم الدراسة المساهمات الاجتماعية والاقتصادية للدين في امريكا إلى أربع فئات: الطقوس العبادية نفسها، والأعمال التجارية المرتبطة بالدين، والمؤسسات الدينية، والفوائد التي ينالها افراد المجتمع.

هذه الإجراءات الثلاثة الأولى واضحة نسبيًا.

على سبيل المثال، لحساب القيمة المالية الناتجة عن ممارسة الطقوس العبادية في الولايات المتحدة، جمع غريم وابنته متوسط الدخل السنوي لدور العبادة في جميع الولايات. وقال بريان ان هذه التجمعات الدينية "تقوم بتعيين موظفين، ودفع فواتير الكهرباء، وإزالة الثلج (من ساحة انتظار السيارات)، وشراء الزهور" والمشاركة في مجموعة متنوعة من الأنشطة الأخرى التي تفيد الاقتصادات المحلية.

وتشمل فئة المؤسسات، التي تبلغ قيمتها 302 مليار دولار، الإيرادات السنوية لمنظمات الرعاية الصحية والمدارس والجمعيات الخيرية الدينية، التي تضيف قيمة اقتصادية للمجتمعات المحلية من خلال توظيف العمال ودعم المحتاجين.

وأشار غريم إلى أن فئة الأعمال التجارية المرتبطة بالدين، التي يبلغ مجموع قيمتها 438.4 مليار دولار، قد تكون أكثر إثارة للدهشة. ولا تشمل الدراسة فقط الصناعات الدينية الواضحة، مثل مبيعات الأغذية الحلال، ولكن أيضا الشركات التي توافق التوجه الديني للمجتمعات.

كانت أصعب عقبة امام غريم وابنته هي الوصول إلى تقييم الأثر الفردي والاجتماعي للتجمعات الدينية سواء اكانت في الكنائس او المساجد او اياً من دور العبادة في أمريكا البالغ عددها 344000.

لقد أرادوا حساب القيمة الإجمالية للخدمات التي تقدمها دور العبادة مثل تقديم المشورة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل تعاطي المخدرات أو التدريب الوظيفي للأشخاص العاطلين عن العمل، فكان الرقم الذي توصلوا اليه حوالي 243.9 مليون دولار، باستعانتهم ببحث كانان السابق، والذي حدد فيه الفوائد الاجتماعية التي تقدمها دور العبادة لمجتمعاتها.

بمعنى آخر، تقدم الدراسة تخمينًا علميًا، لكن خبراء العلوم الاجتماعية قالوا إنها على الأرجح تقلل من القيمة الاجتماعية والاقتصادية للدين في الولايات المتحدة بدلاً تثمينها.

قال ويليام جالستون، الزميل البارز في دراسات الحوكمة في معهد بروكينغز: "لو قال لي أحدهم ان الدين يساهم بنحو 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا، سأحكم بصحة تقديره".

وأشار إلى أن عملية بحث غريم كانت معقولة نظرًا لأن المنهجية المثالية لم تكن متاحة. وقال إنهم لا يستطيعون "إجراء تجربة مضبوطة على أمريكتين: واحدة بها أفراد وأنشطة متدينة ... وأخرى كانت ذات (دين) فارتدت عنه".

وبالتالي فإن الدراسة تقدم 1.2 تريليون دولار كأفضل تقدير، بالإضافة إلى رقم أصغر وأكبر تم التوصل إليه باستخدام طرق أكثر تحفظًا وأقل تحفظًا، على التوالي.

وتشير الدراسة إلى أن "أكثر تقديرات الدراسة تحفظًا، والتي تأخذ في الاعتبار فقط عائدات المنظمات الدينية، تبلغ 378 مليار دولار سنويًا - أو أكثر من ثلث تريليون دولار".

ويفترض التقدير الأعلى، البالغ 4.8 تريليون دولار، أن الممارسات الدينية تؤثر على القرارات الاقتصادية التي يتخذها المتدينون. وهذا يشمل متوسط الدخل لكل أميركي متدين.

تأكيد القيمة الاقتصادية للدين

يصف خبراء العلوم الاجتماعية بيانات عائلة غريم بأنها نقطة انطلاق لرجال الدين وصناع القرار على حد سواء الذين يكافحون من أجل توضيح ما تقدمه دور العبادة في الوقت الذي تغلق هذه الدور أبوابها في عدة مدن من البلاد.

يقول كانان: "أحد الأشياء التي تمثل إشكالية بالنسبة لرجال الدين هو كيفية إظهار ارتباطهم بمجتمعاتهم".

وقال إن الأثر الاقتصادي المقدر بنحو 1.2 تريليون دولار "هو رقم أولي وأعتقد أنه سيكون هناك نقاش من قبل الخبراء، ربما في غضون 10 سنوات، قد نجلس ونقول "كان برايان غريم شديد التحفظ"، لكن على الأقل لدينا رقم اولي ننطلق منه" .

قال جالستون، الذي عمل مستشارًا سياسيًا للرئيس بيل كلينتون، إن هذا الجهد لتخصيص قيمة نقدية للدين الأمريكي مفيد للأشخاص الذين يدافعون عن المصالح الدينية، سواء في البيت الأبيض أو المجالس التشريعية في الولايات أو المنظمات المجتمعية.

وقال "مثل هذا العمل يزيد من احتمال أن يؤخذ (الدين) على محمل الجد في أروقة السلطة".

كانان، الذي يصف نفسه بأنه علماني، كرس السنوات الخمس والعشرين الأخيرة من حياته المهنية لتحديد فوائد الدين. تم استخدام عمله لتقدير تأثير شراكات الحكومة القائمة على العقيدة والجوار.

قال كانان إنه يثني على بحث عائلة غريم لأنه يؤكد قيمة الإيمان في وقت يترك فيه العديد من الأمريكيين الممارسات الدينية الرسمية وراءهم، حيث ارتفع عدد البالغين غير المنتمين دينياً لدينًا في الولايات المتحدة سبع نقاط مئوية على مدى العقد الماضي، من 16.1 بالمائة في عام 2007 إلى 22.8 بالمائة في عام 2014، وفقًا لمركز بيو للأبحاث.

يرى غريم الدراسة على أنها تذكير بما سيضيع عندما تغلق دور العبادة أبوابها نتيجة للعلمنة والمادية المفرطة، وقال إنه بدون الدين، سيكون المجتمع الأمريكي أضعف اقتصاديًا واجتماعيًا.

وأشار غريم: "لا أعتقد أننا سنرى كل ما هو جيد في المجتمع يتلاشى، لكنني أعتقد أنه سيكون أقل بكثير".

قال كانان إن بحثه يجب أن يكون سببًا لتقدير المتدينين في جميع أنحاء البلاد.

وأضاف: "أتمنى أن أتمكن من الذهاب إلى كل طائفة وجماعة دينية وأقول، 'أنتم جزء من شيء كبير جدًا وشيء مهم للغاية".