صحيفة أمريكية: إعلامنا يركز على ’الجنس’ ويسمح للأطفال مشاهدة صور العاريات!

نشرت أقدم صحيفة أمريكية تقريراً سلطت فيه الضوء على ممارسات الإعلام الأمريكي وتوظيف ما أسمته بـ "الجنسنة" في مسخ فطرة الأطفال من خلال التركيز على الإثارة الجنسية دون "الذكاء والنجاح".

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه موقع الأئمة الاثني عشر إن السياسات العامة في أمريكا تحمي الأطفال من السكريات في المأكولات ولا تحميها من "الصور الضارة" لفتيات مثيرات.

وفيما يلي نص التقرير:

 

صحيفة ديزيريت نيوز[1] الأمريكية: كيف تؤدي جنسنة الفتيات إلى خلق مشاكل طويلة الأمد تؤذي جميع الأطفال

بقلم لويس كولينز 17 سبتمبر 2020

يمكن ان يتعرض الأطفال في سن المدرسة في عام واحد فقط الى ما يصل إلى 80000 صورة من صور "الفتيات المثيرات" من مشاهدة برامج تلفزيونية يفترض انها موجهة للأطفال فقط.

تحمي السياسات العامة الأطفال الصغار من صور السجائر والمشروبات الكحولية وتعاطي المخدرات وحتى الحبوب الغذائية التي تحتوي على نسبة كبيرة من السكريات. ولكن عندما يتعلق الأمر بالصورة التي قد تكون ضارة لما يعنيه أن تكون الفتاة فتاةً، فإن العائلات تترك لتتعامل مع هذا الموضوع بمفردها إلى حد كبير.

وفقًا استاذة علم النفس التنموي في جامعة كنتاكي ومؤلفة كتاب "الأبوة والأمومة وراء الوردي والأزرق" كريستيا سبيرز براون، يمكن ان يتعرض الأطفال في سن المدرسة في غضون عام واحد فقط الى ما يصل إلى 80000 صورة من صور "الفتيات المثيرات" فقط من مشاهدة برامج تلفزيونية يفترض انها موجهة للأطفال. لا أحد متأكد من عدد المرات التي يلتقط فيها الأطفال تصورات جنسية عن الفتيات من جميع الوسائط التي يستخدمونها.

وفقًا لتقرير براون لمجلس العائلات المعاصرة عندما يتم إخبار الفتيات أنه بإمكانهن اختيار مستقبلهن، فإنهن عادةً ما يفضلن الظهور بمظهر مثير على الظهور بمظهر ناجح اوذكي. في تقريرها المعنون "رسائل وسائل الإعلام إلى الفتيات الصغيرات"، توضح براون بالتفصيل الرسائل المربكة التي توفرها وسائل الإعلام للأطفال - وخاصة الفتيات - وتشير إلى أن المشكلة بعيدة كل البعد عن كونها غير ضارة.

وتضيف براون تطمح الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 5 و 6 سنوات إلى الظهور بشكل مثير، بالتنانير القصيرة والقمصان الكاشفة للبطن والأحذية ذات الكعب العالي والكثير من الماكياج - على الرغم من أن نفس الفتيات في بحث براون صنفن النساء اللاتي يظهرن بمظهر مثير على أنهن "أقل استحقاقًا للمساعدة عندما يكونن في خطر من النساء المعتدلات في المظهر".

وتتابع "يبدو أنهن يعتبرن ذلك صورة نمطية للشهرة، جزء مما يثير القلق هو أننا نرى ذلك غير ناضج حقًا وأن الفتيات أنفسهن لا يربطن بينه وبين الكثير من السمات الإيجابية الأخرى."

ولكن على الرغم من رواج هذه الصورة الجنسانية النمطية، إلا أنها لا تحظى بالاحترام. وجدت براون أن الفتيات اللواتي يأملن في الظهور بمظهر شخصياتهن المشهورة اللاتي يصورن الشهرة على أنها تتطلب مظهرًا مثيرًا، قلن إن الفتيات اللواتي يفعلن ذلك لسن ذكيات أو لطيفات ولا حتى رياضيات.

تقول براون "هذه مشكلة حقيقية لأن الفتيات يتطلعن لأن يصبحن مثل شخصية ما لأنها جميلة وجذابة ومشهورة. ومع ذلك، فهي لا علاقة لها بأي من الأشياء التي نعتقد أننا نريد أن يحترمها أطفالنا: التفوق في الدراسة، والتعامل بلطف مع الآخرين، وان يصبحوا اقوياء".

تقول جمعية علم النفس الأمريكية إن الجنسنة[2] تتحقق عند تحقق أي من هذه العناصر الأربعة:

• قيمة الشخص تنبع فقط من السلوك الجنسي أو الجاذبية الجنسية، مع استبعاد أي خصائص أخرى؛

• يخضع الشخص لمعيار ضيق يساوي الجاذبية الجسدية في كونه مثيرًا.

• يتم اعتبار الشخص سلعة جنسية - يتم تقييمه فقط للاستخدام الجنسي للآخرين - بدلاً من اعتباره شخصًا قادرًا على التصرف بشكل مستقل واتخاذ القرارات.

• الجنسنة تُفرض على الشخص على نحو غير مناسب، كما في حالة جنسنة الأطفال.

تقول الجمعية إن الجنسنة يمكن أن تضر بالقدرة الإدراكية، والصحة الجسدية والعقلية، والنمو الجنسي الصحي، مخلفة اضرار جانبية مثل اضطرابات الأكل، وعدم احترام الذات والاكتئاب.

الجنسنة تبدأ بالتلفاز. تقول براون إنه حتى الرسوم المتحركة تقدم شخصيات انثوية مجنسنة بشكل مثير، ويشاهد الأطفال ما معدله 4.5 ساعة من التلفاز يوميًا، لكنه ليس المصدر الوحيد للرسالة الجنسية التي ترد في مقاطع الفيديو الموسيقية والأغاني والأفلام وألعاب الفيديو والمجلات والإنترنت.

حتى الألعاب لم تسلم من الجنسنة فضلاً عن دمى الأطفال. وتتميز بعض المتاجر بوجود مجموعة متكاملة من الماكياج والملابس الخفيفة والملابس الداخلية للفتيات الصغيرات جدًا.

ثمن باهض

كتجربة، قدم الباحثون لبعض الفتيات في سن المدرسة دمية "فاشن باربي" المثيرة، ثم سألوهن عن طموحاتهن الوظيفية. كان لدى الفتيات اللواتي لعبن بدمية باربي أهداف أقل من الفتيات اللواتي لعبن بدمية "السيد بوتاتو هيد" التي تفتقر الى الإثارة والأغراء.

وقال التقرير إن الأولاد في المدرسة الابتدائية "جاهلون إلى حد كبير" بشأن الحياة الجنسية، وبالتالي فإن الضغط الذي تشعر به الفتيات هو من صنع الذات.

تقول براون إن الفتيات يحملن تطلعات جنسانية أكبر في سن المدرسة المتوسطة مما يجعلهن يتقبلن فكرة أنه من المهم جذب انتباه الفتيان، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال الظهور بمظهر "مثير".

وجدت أبحاثها أن الفتيات اللواتي يحملن هذه الفكرة يعتقدن أنه يجب عليهن الانتباه إلى شكل أجسادهن ويتوقعن أن يركز الأولاد على أجسادهن أيضًا وليس على سمات أخرى.

تظهر هؤلاء الفتيات، بما في ذلك الفتيات المتمكنات في المدرسة، دافعًا أقل للتعلم وأقل ثقة في قدرتهن الأكاديمية، فهن أكثر ميلاً الى عدم رفع أيديهن في الفصل، حتى لو كانوا يعرفون الإجابة. حتى الفتيات الصغيرات جدًا أخبرن براون أنهن أحيانًا "يلعبن دور الغباء".

قالت: "هذا أمر مزعج حقًا".

يمكن توقع الآثار: عندما يصلن الى المدرسة الاعدادية، قد يكون لدى الفتيات حافز أكاديمي أقل ومشاركات اقل، مما يؤدي إلى تحصيل وتعليم أقل. وهذا بدوره يمكن أن يغير مسارهن المستقبلي، مما يصعب عليهن اللحاق بالركب أو الذهاب إلى الكلية، على سبيل المثال. وهناك تأثيرات أخرى، حيث تجد الفتيات اللواتي يسعين الى الظهور بمظهر مثير انه من الصعب تحقيق ذلك المظهر الذي رسمنه في مخيلتهن او الحفاظ عليه على الأقل، لذا فإنهن يصبحن أقل سعادة بمظهرهن. تقول براون إنهن قد يرغبن في الظهور بشكل أنحف مما صممت أجسامهن عليه.

لعب الدور

عندما قررت مجلة Sports Illustrate توسيع نطاق التنوع للأجسام المدرجة في إصدارها السنوي لملابس السباحة، تم اعتبار الإصدار نقلة نوعية. لكن لم يتغير شيء، فوفقًا لمراقبتا وسائل الإعلام الدكتورتان ليكسي وليندساي كايت (اللتان تقودان حملة ضد جنسنة الفتيات والنساء) مازال الإصدار يصور المرأة كسلعة ومتاع. على موقع الويب الخاص بهم، BeautyRedefined.org، كتبتا: "هذا التصوير يضر بنا. إنه يقلل منا، ويلهينا، ويستنزفنا. إنه دائما كذلك ".

واضافت الدكتورتان "لا تبتهجوا ... عندما يُقبل تعرية مجموعة جديدة من أجساد النساء وعرضها للاستهلاك الجنسي في مجلة رياضية رئيسية".

درست إلين وارتيلا، أستاذة علوم التواصل بجامعة نورث وسترن (والتي لم تشارك في بحث براون) كيف يتم تصوير الجنس والحياة الجنسية في وسائل الإعلام. قالت إنه ليس من غير المألوف رؤية المراهقين يمارسون الجنس في وسائل الإعلام الشعبية.

تقول وارتيلا الخبيرة الإعلامية والتي كانت من بين أولئك الذين تم اختيارهم لمراقبة المحتوى التلفزيوني للكونغرس عندما ارادوا رقابة البرامج العنيفة والمثيرة للجدل: إن بعض الأطفال يتبادلون الرسائل الجنسية قبل سن المراهقة وإن الكثيرين يتعلمون الجنس من وسائل الإعلام بدرجة اكبر بكثير مما يتعلموه من الآباء أو المعلمين أو الكنائس. تشارك الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال نفس المخاوف بشأن دور وسائل الإعلام كمصدر مهم لمعلومات الأطفال حول الجنس.

قالت وارتيلا، وهي أيضًا أستاذة في علم النفس والتنمية البشرية والسياسة الاجتماعية: "يمكن أن تكون وسائل الإعلام قوية جدًا جدًا في عرض العري للأطفال".

قالت براون "لدينا هذا الشيء الذي نعرف كلنا أنه خطير، ولدينا هذا النوع من الصور الجنسية التي نعرف أنها مقترنة بقضايا التعري، والتحرش الجنسي، ولدينا كل هذه الأنواع الأخرى من النتائج. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، نشهد انفجارًا في مقدار وصول الأطفال إلى تلك الصور بالذات ولا يوجد كلام حقيقي حول تقييدها".

تعتقد وارتيلا أن صناع السياسات أكثر راحة في الحديث عن العنف في وسائل الإعلام والتصدي له أكثر من معالجة المحتوى الجنسي للقاصرين، على الرغم من وجود قواعد حول الفحش والمواد الإباحية. "أعتقد أن صناع السياسات يشعرون بالراحة بتصوير مواد فيها ايحاء جنسي لأنهم اصلاً لا يعتبروها فحشاً. هذا كل ما يهتمون به”.

يقول الخبراء إن بعض التردد في استخدام السياسة لمعالجة هذه الجنسنة المفرطة ينبع من التردد في فرض رقابة على ما ليس من الواضح أنه إباحي أو فاحش. الناس لديهم تدابير مختلفة لما هو غير مناسب في هذا الجانب من الخط القانوني.

أبدى صناع القرار، في بعض الحالات، استعدادهم في بحث امكانية اتخاذ إجراء إذا اعتقدوا أن الأطفال يتعرضون للاستغلال الجنسي أو إذا صورت وسائل الإعلام مواد إباحية فعلية.

أرسل السناتور الجمهوري عن ولاية يوتا، مايك لي، رسالة إلى نيتفلكس الأسبوع الماضي بخصوص الغضب والقلق بشأن فيلم "Cuties"، الذي يروي قصة فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا تتمرد ضد أسرتها المسلمة المحافظة من خلال الانضمام إلى طاقم رقص، يؤدي رقصات ايحائية للغاية. وقال إن موظفيه يقررون ما إذا كانوا سيحيلونه إلى تطبيق القانون الفيدرالي.

وقال السنتاور فى الرسالة انه يشعر بالقلق ازاء تأثير الممثلات الصغيرات في الفيلم على الفتيات الصغيرات الأخريات، بيد ان قلقه الاكبر هو امكانية ان تشجع المشاهد غير اللائقة على الاستغلال الجنسى للفتيات الصغيرات من قبل البالغين .

قد تواجه العائلات صعوبة في التعامل مع موضوع التربية الجنسية أيضًا. تقول وارتيلا إن البعض يجده موضوعًا غير مريحاً، وقد يكون هذا أحد الأسباب التي تجعل الشباب يتعلمون عن الأمور الجنسية من أقرانهم بدلاً من الآباء والأمهات.

المتنمرون والصبيان

كما ان لجنسنة الفتيات تأثيراً على الفتيان. تقول براون إنه كلما زاد عدد الأولاد الذين يقتنعون بهذه التصويرات النمطية المجنسنة للفتيات، كلما كانوا أكثر استعدادًا لأعتبار التحرش الجنسي بالفتيات سلوكاً طبيعياً.

غالبًا ما يُكافأ الأولاد على العدوانية التي تروّج لها الألعاب وألعاب الفيديو ووسائل الإعلام الأخرى. وفي الوقت نفسه، قالت براون إن الفتيات يتم تكوينهن اجتماعيا ليكونن "النوع المطيع والهادئ والذي يريد التأكد من أن الجميع سعداء". بينما يتم تعليم الأولاد أن يكونوا عدوانيين وأن هذا (السلوك) مسموح به ومتسامح معه".

 

وقالت إن الدراسات الإيطالية تُظهر أن أولئك الذين يرون الفتيات اللواتي يعرضن مفاتنهن يصنفوهن على أنهن "أقل إنسانية" من الفتيات المعتدلات.

"إذن اصبح عندنا فتيات اقرب الى السلعة والمتاع من الإنسانية في نفس الوقت الذي نشجع فيه الأولاد على العدوانية ونتسامح مع ذلك"

تقول براون إن التحرش الجنسي شائع جدًا في المدارس الإعدادية والثانوية، وغالبًا ما يترك دون معالجة، ويستمر في الكلية، حيث يمكن أن تؤدي البيئة هناك إلى عواقب جنائية.

وتقول: "الآن يمكنك إضافة حفلات النوم والكحول وعدم وجود أي نوع من الإشراف الأبوي وليس من المستغرب أن يكون لدينا مثل هذه المعدلات العالية من الاعتداء الجنسي في الكلية".

قالت براون إن المدارس لا تعالج قضايا مثل التحرش الجنسي، وهو "أحد النتائج الكبيرة" لجنسنة الفتيات طوال طفولتهن. يكبر الأولاد وهم يرون هذا النوع من الجنسنة، ولكن لا يتم إخبارهم بأنها خطأ.

"الأولاد، في الواقع، يمكن أن يتعرضوا للتخويف والمضايقة إذا لم يقوموا بأهانة الفتيات والإنقاص من قيمتهن. قالت "إنهم يواجهون الكثير من الضغط للتصرف بهذه الطريقة".

"لذلك كل من الفتيان والفتيات عالقين في هذا المأزق المزدوج. تحاول الفتيات فقط أن يصبحن مشهورات، وبقيامهن بذلك يعني أنهن يضحين بالأكاديمية، ويضحين باحترام الذات، ويضحين بعدم معاملتهم كأشياء. والأولاد يبدأون اللعب بشكل لطيف وحسن النية، ولكن إذا لم يشاركوا في هذا السيناريو، فإنهم يواجهون المضايقة والتنمر من قبل أقرانهم ".

قالت إن على البالغين معرفة كيفية مساعدة كلاهما على كسر تلك السلوكيات المكتسبة.

للحصول على آخر التحديثات اشترك في قناتنا على تليجرام:

 https://t.me/The12ImamsWeb

[1] ديزيريت نيوز هي صحيفة منشورة في مدينة سولت ليك عاصمة ولاية يوتا، الولايات المتحدة. وهي أقدم صحيفة يومية تُنشر باستمرار في الولاية ولديها أكبر تداول يوم الأحد في الولاية وثاني أكبر تداول يومي بعد صحيفة سولت ليك تربيون.

[2] كلمة جنسنة الواردة في المقال تعني إضفاء الطابع الجنسي على شخص ما او شيء ما.