هل يمكن رؤية الله؟!

رؤية الله تعالى ليست بالعين الجسمانية البدنية لأنها لا يرى بها إلا ما يحاذيها من الأجسام وتنزه وجلّ البارى تعالى أن يكون جسماً لأن الجسم محدود محتاج في إنتقاله إلى غيره ولا يحيط بل يكون محاطاً بغيره والجسم معدن الحاجة والافتقار وجلّ البارى عن ذلك ومن ثم قال تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، فهو لطيف عن كثافة الجسم وغلظته.

بل بالروح المجردة عن المادة والجسم التي تشكل ذات الإنسان ومراتبها كالقلب والسر والخفي واﻷخفى كما أشار إلى تلك المراتب قوله تعالى: يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى، يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ، فالروح والقلب هو المؤهل للرؤية كما أشار تعالى إلى بصر القلوب وعماها: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ، فاثبت تعالى للقلوب بصر وعمىً، فالإيمان بصر والكفر غطاء وعمى للقلوب،

كما قال تعالى عن رؤية النبي ليلة المعراج: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى، فأثبت لفؤاده (صلى الله عليه وآله) الرؤية لا لعينه الجسمانية، وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة:

(لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان)، فإدراك القلوب للمعاني والآيات الكونية والعلمية مرآة لرؤيةالقلب للأسماء والأنوار الإلهية.

وعلى ذلك فلا تختص الرؤية القلبية بالآخرة بل هي حاصلة في دار الدنيا أيضاً تبعاً لدرجة الإيمان وقوته حتى قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً)، نعم الغالب من المؤمنين يزدادون يقيناً بالموت والذهاب إلى الآخرة وعندما يزداد اليقين الذي هو فعل القلب تشتد رؤية القلب في الآخرة للأنوار والآيات الإلهية.

المصدر: إجابات الشيخ السند على موقعه الرسمي