هل يمتلك الجن ’العقل’ مثل الإنسان؟!

هل للجن عقل؟ وهل هناك ما يثبت ذلك؟

وإذا كان لهم عقل فما ميزة البشر عليهم طالما لديهم العقل والشهوة؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

في (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة) لحبيب الله الهاشمي الخوئي ج 17ص 291، قال: "وبالجملة أنّ الآيات القرآنيّة تدلّ على أنّ الجنّ مكلَّفون كالإنس، ولا ريب أنّ من شرائط التكليف أن يكون المكلَّف عاقلا، فلهم عقل وتمييز، ولذا هدى هؤلاء النفر من الجنّ عقولهم إلى الهداية والرشد، حيث قالوا: (إِنَّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباً * يَهدِي إِلَى الرُّشدِ فَآمَنَّا بِه ِ وَلَن نُشرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) (الجن:1-2)".

وفي تفسير الأمثل ج 10 ص 223، قال:

"فقد ذكرنا أن الجنّ نوع من المخلوقات التي لها عقل وشعور واستعداد، وعليها تكليف، وهي محجوبة عن أنظارنا نحن البشر، ولذلك سمّيت بالجنّ، وهم - كما يستفاد من آيات سورة الجنّ - كالبشر منهم المؤمنون الصالحون، ومنهم الكافرون العصاة".

أما فيما يخص ميزة البشر عنهم نذكر ما يلي:

أولاً: نؤمن بما قاله القرآن الكريم الذي حدث عن تخليق الانسان بانه في أحسن تقويم وهناك روايات عديدة تنص على هذا المطلب.

ثانياً: اما الخوارق التي يتميز بها الجن على الإنس والبشر لا يستطيعون فعلها فهذا يتعلق بأصل خلقة الجن لأن الجن قد خلق من النار والنار سريعة الاشتعال دون الإنسان الذي خلق من الطين، ولكن ليست هذه فضيلة في الجن.

ومن هنا نشاهد أن الإنسان لو أراد ان يستغل روحانيته ونورانيته استغلالا صحيحا لتمكن من الوصول الى مستويات من الرقي والعلو والنورانية ما لا يخطر ذلك لدى الملائكة المخلوقين من النور ناهيك عن الجن.

ولهذا نشاهد وصول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عروجه الى مرحلة بحيث قال جبرائيل تقدم يا رسول الله ليس لي أن أجوز هذا المكان ولو دنوت أنملة لاحترقت.

مضافا إلى ذلك نقول: قد وردت الأحاديث الكثيرة التي تفضل الإنسان على الملائكة وان الملائكة خدام المؤمنين وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم وإذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وغيرها من الروايات التي تفضل المؤمنين على الملائكة فكيف بالجن وهو دون الملائكة في الفضل والكرامة.

ومضافاً الى ذلك اجمع العلماء على افضلية واشرفية الانسان على كل من الحيوانات والجان والملائكة كما ورد في الروايات وهكذا الآية التي تفضل الانسان على كثير من الخلائق حيث قال الله تعالى ((لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ)) (التين:4) وهكذا يقول في مكان آخر ((وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي آدَمَ ... وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِمَّن خَلَقنَا تَفضِيلاً)) (الإسراء:70).

لو قيل: ان في هذه الآية اشارة الى التبعيض وهو التفضيل على كثير من المخلوقات وليس على كل المخلوقات؟ قلنا: لم يرد التبعيض في هذه الآية بل تجري مجرى قوله تعالى ((وَلَا تَشتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً)) (البقرة:42) والمعنى لا تشتروا بها ثمنا وكل ثمن تأخذونه عنها قليل ولم يرد المنع من الثمن القليل خاصة. ونظائر هذا في الشعر والكلام الفصيح لا تحصى.

فعلى ما ذكرنا يظهر بان المراد في الآية هو: انا فضلناهم على جميع من خلقنا وهم كثير فجرى ذكر الكثرة على سبيل الوصف المعلق لا على وجه التخصيص. ما عقلية الجن وكونهم من اهل العقل الذي هو موجود في الانسان فيظهر من بعض الآيات والروايات ايضا انهم كالإنسان ولا ميزة بينهما حيث يقول الله تعالى ((وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لَا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لَا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم آذَانٌ لَا يَسمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم أَضَلُّ)) (الأعراف:179)

والخلاصة: ان من بعض الروايات والآيات يظهر تساويهما في الفضل ومن بعضها وأقوال العلماء يظهر أن الإنسان أفضل من كل ما خلق الله كما ذكرناه.