دول غنية وأخرى فقيرة: هل يقرر الله مصير الشعوب في الدنيا؟

​قال تعالى: (َٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

تؤكد الآية الشريفة على مسألة مهمة تعكس دور الإنسان وفلسفة وجوده في هذا الكون، فحياة الإنسان ليست صوراً جاهزة رسمت له منذ الازل وما عليه إلا أن يمضي على وفق ما قدر له مسبقاً، بل تؤكد الآية على كون الاقدار رسمت للإنسان بالشكل الذي لا تصادر إرادته أو تمنعه من تحديد خياراته، وعليه، الإنسان هو المسؤول عن الاختيار من بين الاقدار التي قدرها الله للعباد، فمن يختار اقدار النجاح يكون مصيره النجاح ومن يختار اقدار الفشل سيكون مصيره الفشل لا محالة، فالله لا يغير حال قول إلا إذا هم أرادوا ذلك وسعوا له، فالله لا يجبرهم على السعادة أو الضنك، وبالتالي تؤكد الآية على أن المجتمعات الإنسانية هي المسؤولة بشكل مباشر عن نمط الحياة الذي تكون عليه، فالإنسان هو الذي يحدد مصيره بمسيره، فإن كان شرّاً أو خيراً فبما كسبت يداه، وهو بما كسب رهين: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ وقال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾، فالتغير في الآية يشمل الجانب المعنوي والروحي كما يشمل الجانب المادي بالنسبة لحياة الإنسان، وعليه لا يتعجب المرء عن وجود حضارات كافرة تعيش رغداً من العيش؛ وذلك لأن الله ربط المكاسب المادية بالأسباب ومسببات، ومن هنا يجب أن لا تتوقع المجتمعات الفقيرة التي تعيش المرض والحروب وضنك الحياة أن الله سيدخل لتغيير حالها مالم تبادر هي إلى تغير حالها، هذه هي سنة الله في الخلق حاكمة على جميع البشر وليس خاصة بشعب دون شعب أو مجتمع دون الاخر.