الإلحاد دين «الفانوس السحري»!

أدهم يحك الفانوس السحري!

يخرج المارد.. يطلب منه أدهم أن يعطيه (لا شيء) !

يسأله المارد متعجباً: ما هو اللا شيء ؟

أدهم: (فضاء فارغ)

المارد: شبيك لبيك..

فيعطي المارد أدهماً (نقطة من الفضاء الفارغ)!

يضعها أدهم في حديقته..

لكنها.. وصدفةً..

تبدأ بالتمدد، فطاقة الفضاء الفارغ ليست صفراً !

ويزداد التمدد ويتسارع وتتكون فيه أكوان هائلة تتضمن مليارات المجرات!

هذه ليست قصة للأطفال، ولا رواية من روايات الخيال العلمي.

هذا ما يسميه البعض اليوم ب:العلم الحديث!

ويستندون إليه للتمسك بمذهب الإلحاد!

هل في هذا الكلام مبالغة ؟!

دعونا نستعرض معاً آراء (العلماء الملحدين) لنعرف ذلك، ونرى جوابهم حول السؤال الشهير:

كيف وجد الكون ؟

أولاً: الكون انبثق من (لا شيء)

يقول عالم الفيزياء والفلك لورانس كراوس: قاد بحثي العلمي لأكثر من عقود ثلاثة ماضية، ونتج عنه استنتاج مدهش أن معظم الطاقة في الكون تسكن شكلاً ما غامضاً، عصيّاً على الشرح، يتخلّل الآن كل الفضاء الفارغ… نتج عن هذا الاكتشاف دعم جديد رائع لفكرة أن كوننا انبثق -تحديداً- من لا شيء… (كون من لا شيء ص22)

ثلاثة عقود من البحث (العلمي) أوصلت كراوس إلى الاعتقاد بأن الكون نشأ من (لا شيء)، لكن كراوس سيجيب إذا ما سئل:

كيف وجد الفضاء الفارغ أولاً ؟

وهل كانت القوانين موجودة حتى أمكن ان ينبثق هذا الكون من الفضاء ثانياً ؟ ام انبثق دون الاستفادة من أي قانون ؟

يقول كراوس: أريد أن أكون واضحاً بشأن نوع (اللا شيء) الذي أناقشه في هذه اللحظة، إنه أبسط نسخة من اللاشيء، إنه الفضاء الفارغ في الأساس، في الوقت الحاضر سوف أفترض فضاءً يوجد بـ (لا شيء) داخله على الإطلاق، وأن القوانين الفيزيائية موجودة أيضاً….

يمكن أن يتمتع الفضاء الفارغ بطاقة لاصفرية.. تخبرنا النسبية العامة أن الفضاء سيتمدد تصاعدياً… فينمو الكون، تحدث هذه الظاهرة دون الحاجة إلى حيلة سحرية أو تدخل إعجازي.(كون من لا شيء ص192-193)

لم يجب كراوس بعد حول (كيف وجد الفضاء الفارغ) وإن أقر بأن قوانين الفيزياء كانت موجودة دائماً.

ثم لا يجد بداً من الاعتراف بأن ما قاله هو (مكر)!

فيقول:

سيكون من المكر طرح أن الفضاء الفارغ ذا الطاقة الذي يسوق التضخم هو لا شيء فعلاً.

يجب أن يفترض الشخص في هذه الصورة ان الفضاء موجود ويستطيع أن يخزن طاقة، وأن يستخدم الشخص قوانين الفيزياء.

فإذا توقفنا هنا فإنه يحق للشخص الزعم بأن العلم الحديث بعيد جداً عن أن يتناول حقاً قضية كيف يمكن أن تحصل على (شيء ما) من (لا شيء) فهذه هي الخطوة الأولى فحسب.(كون من لا شيء ص195)

نسير مع كراوس هنا لأنه عد ذلك خطوة أولى، ونتذكر قصة (أدهم والفانوس السحري)، فما ذكره حتى الآن هو عين ما حصل مع أدهم ! حيث انبثق كون من نقطة (فضاء فارغ).

ثانياً: الكون انبثق من نموذج مطور عن (اللا شيء)

يطور كراوس نظريته هنا، فبعد أن فرض (مكاناً فارغاً) في المرحلة الأولى، يفرض هنا إمكانية انبثاق (المكان والزمان) أيضاً من (لا شيء)!

يقول:

لقد اكتشفنا أن كل العلامات تطرح كوناً يمكن أن يكون بزغ من لا شيء أعمق -بما فيه غياب الفضاء ذاته-…(كون من لا شيء ص229)

ويقول:

فشرحت حينئذ كيف يمكن أن يكون الفضاء والزمن في حد ذاتيهما منبثقين من لا مكان ولا زمن وهو قريب جداً بالتأكيد للا شيء المطلق.(كون من لا شيء ص242)

نعيد السؤال الثاني على كراوس:

هل كانت هناك قوانين موجودة سبقت وجود هذا الكون من (لا شيء) في نسختك المحدثة هذه ؟!

يقرّ كراوس بذلك.. فننقل الحديث إلى النقطة الثالثة والمهمة، لكنا نشير قبل ذلك إلى أن (هذه النظرية) من هذا (العالم الفيزيائي) قد عدّت عند رموز الملحدين اليوم (ضربة قاضية لنظرية الإيمان واللاهوت) !! قال ذلك ريتشارد دوكنز (كون من لا شيء ص240)

ثالثاً: من أوجد قوانين الفيزياء التي انبثق الكون منها ؟

نسير مع هؤلاء الملحدين في خطواتهم ولا نناقشهم علمياً في إمكان ما قالوه أو عدمه، ونترك لهم ميدان الفيزياء على فرض أنهم أهل الاختصاص به، لكي نصل معهم إلى سؤال منطقي لا يمكن أن يتجاوزه أي عقل بشري أو يعتبر نفسه غير معني بالإجابة عليه.

وهو: من أوجد قوانين الفيزياء حتى انبثق الكون من (لا شيء) بحسب هؤلاء ؟

هل أوجدت نفسها مثلاً ؟ أو أوجدها موجد ؟

(ونحن نعتقد أن الله تعالى أوجد الكون (لا من شيء) وليس من (لا شيء) وتفصيل هذا في محله.)

نقرأ معاً إجابات هؤلاء (العلماء) حول من أوجد القوانين:

العشوائية!

يقول كراوس: إحدى الإجابات المعاصرة هي أن القوانين يمكن أن تكون في حد ذاتها عشوائية! (كون من لا شيء ص242)

العشوائية والاعتباطية !

يقول أيضاً: لو أن قوانين الطبيعة في حد ذاتها عشوائية واعتباطية، فلا مكان إذن ل(علة) إلزامية لكوننا.. لا ضرورة لوجود آلية وكينونة لترسيخ قوانين الطبيعة بالكيفية التي نعرفها والتي قد تكون أي شيء تقريباً.. (كون من لا شيء ص223)

قد لا يمكن الإجابة على ذلك !

يقول: وللإنصاف، فإن هذا قد يثير السؤال المحتمل الذي قد لا يمكن الإجابة عنه: السؤال عن الذي ثبَّتَ القوانين التي تحكم هذا الخلق، لو أن هناك شيئاً من هذا القبيل.(كون من لا شيء ص221)

إننا لم نفهم ذلك تماماً بعد !

يقول: إننا لم نفهم بعد تماماً كيف نشأت الحياة على كوكب الأرض.(كون من لا شيء ص189)

قوانين سرمدية ! أو مجهولة !

يقول: لعل القوانين سرمدية، أو لعلها خرجت إلى الوجود بسياق ما لا يزال مجهولاً، لكنها فيزيائية بحتة محتملة.(كون من لا شيء ص184)

بطريقة عفوية !

يقول: عليك بالتفكير في زوج الالكترون – البوزيترون، الذي يظهر إلى الوجود بعفوية من الفضاء الفارغ، بالقرب من نواة ذرة ما….(كون من لا شيء ص189)

ويوافقه زميله في الإلحاد ريتشارد دوكنز فيقول: ..لقد استغرق التكوين العفوي للكون جزءاً من الثانية في الانفجار العظيم (حوارات سيدني ص34)

ليس بمقدور أحد أن يفهم ذلك !

يقول ريتشارد دوكنز: ليس بمقدور أحد أن يفهم تفاصيل شيء كالانفجار العظيم (وهم الإله ص148)

هذه عدة إجابات من كتابين لعالمين من أبرز دعاة الإلحاد في عصرنا !

وقد ذكر الملحدون تفسيرات أخرى لا تقل طرافة عن هذه الإجابات، ونحن نكتفي بما ذكرناه..

ثم ننقل الكلام إلى ما يدحض هذا كله، ومن كلام كراوس نفسه، حيث يعترف في مورد آخر فيقول:

ولكن قوانين الخلق، أي قوانين الفيزياء، مقدَّرة، من أين تأتي القوانين ؟

هناك احتمالان:

إما أن الله أو كائناً ما إلهياً ليس مقيّداً بالقوانين يعيش خارجها يحدّدها…

أو تنبثق عن آلية ما خارقة للطبيعة أقل قوة.(كون من لا شيء ص218)

ثم إنه ينفي الاحتمال الاول لعجزه عن فهم كيف يكون الله غير محتاج لأحد وكيف يكون علة العلل. وهذا ما سنرجع له لاحقا إن شاء الله.

ويسكت عن الاحتمال الثاني.

وكلا الاحتمالان فعلاً موصلان لله تعالى دون شك.. فيتبخر كل ما ذكره من تناقضات سابقة..

إن أكثر الامور غرابة في دعاة الإلحاد هو التناقض الحادّ في كل مفصل ومفردة من كلماتهم، حتى يغيب عنهم أن في كلمات الأطفال جواباً على هذه التخيلات لا يمكن نقضه..

فما بين (العشوائية والاعتباطية) و(العفوية) و(السرمدية) و(المجهولة التي لا يمكن لأحد أن يفهمها) عجائب وغرائب..

إذ السرمدية تثبت الديمومة! والعشوائية تنفيها !

وكيف يقبل أحدهم أن تظهر وجودات إلى الوجود (بعفوية) ودون خلق خالق، ثم لا يقبل أن يعلم ابنه أن الألعاب تأتي الى الوجود بنفس الطريقة ؟ أو أنها تنتقل من الدكان إلى بيته وحدها !

إن مثل هذه العقيدة تخالف فطرة الإنسان السوية التي تظهر مع كل طفل وكبير خالٍ من الشبهات..

وكيف لمن يقرّ بأنه لا يفهم كيف نشأت الحياة أن ينفي وجود منشئ لها ؟!

وكيف لمن يحترم العلم والعلماء والمنطق وأهله أن ينفي ما لم يحط به علماً ؟!

يقولون أن هناك انفجاراً عظيماً قد حصل، لكن ليس بمقدور أحد منا أن يفهم تفاصيل ذلك، رغم ذلك هذا لا ينفي الانفجار العظيم!

من أوجد الانفجار العظيم ؟ لا أحد أوجده ! كيف ذلك ؟ لا نعرف التفاصيل.

أما عندما نقول: الله تعالى موجود، ولم يوجده أحد. يتوقف عقل الملحد عن الدوران !

لماذا تقبل بأن يكون الانفجار قد وجد بلا موجد، وأن تكون الحياة الاولى على وجه الارض قد وجدت بدون موجد، ولا تقبل أن يكون الله تعالى موجوداً بالفعل بدون موجد ؟

لماذا تقر بأن الانفجار الكوني وهو أمر حادث لا يحتاج إلى أن يوجده أحد ؟

وتستهزئ بالمؤمنين عندما يقولون أن الله تعالى قادر عليم حكيم أوجد الأشياء ولا يحتاج بنفسه إلى موجد ؟ وهو ليس كالاشياء التي لم تكن ثم كانت.

هل يحق لك ان تستهزئ بالمؤمنين وتصفهم بالحمق او تصف اعتقادهم بالاعتقاد الاحمق وأنت تؤمن بما تسميه (الصدفة) وتنكر وجود الصانع في أعظم الاشياء فيما لا تقبل ذلك في امورك الحياتية ؟

إن ما تقوله يؤدي بنا الى تصديق الاساطير والخزعبلات لا الى رفضها..

إن ديننا دين العلم والعقل.. ودين الإلحاد دين الفانوس السحري !