لماذا قُسّم الدين إلى ’ فروع وأصول’ وما علاقته بـ ’ ضروريات الدين’؟!

لا وجود لمنشأ شرعي لتقسيم الدين إلى أصول وفروع، فالدين في لسان النصوص مجموعة من الحقائق المتجانسة والمتكاملة دون تفريق بين أصل وفرع، ومع ذلك لا ضير من قبول هذا التقسيم على نحو الاصطلاح العلمي طالما لم تترتب عليه لوازم فاسدة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فهناك بعض الفوارق التي استدعت العلماء لتقسيم المعارف الدينية إلى أصول وفروع، فما كان منها متعلقاً بالجانب  العملي والتشريعي أعتبر من الفروع، وما كان متعلق بجانب الاعتقاد القلبي والدليل العقلي اعتبر من الأصول، وقال بعضهم أن الفروع هي ما اشترك في اثباتها العقل والنقل، والأصول هي ما استقل بها العقل، وبذلك اعتبرت العقائد من الأصول بينما أعتبر الفقه من الفروع، وقد يترتب على ذلك بعض الآثار التي لا يمكن قبولها بإطلاقها، مثل القول إن الجاهل بالأصول غير معذور بالمطلق بينما يكون معذوراً بجهله في الفروع، فإن صح ذلك في بعض المسائل الاعتقادية إلا أنه لا يصح في جميع مسائل العقيدة، فلازم ذلك أن الجاهل بمسألة مثل عذاب القبر ونعيمه أعظم من الجهل بمسألة الصلاة والحج والصيام وهذا ما لا يمكن اثباته بالأدلة الشرعية، ومن هنا يمكن قبول ذلك في بعض الأصول الاعتقادية مثل التوحيد والنبوة والميعاد فإن المنكر لها خارج عن الإسلام جاهلاً كان أم غير جاهل، بينما من ينكر العدل والإمامة لا يكفر بذلك مع أنها من الأصول عند الشيعة، وفي المقابل من ينكر ضرورة كالصلاة لا يكون معذوراً بالمطلق، فمثلاً هناك بعض القرآنيين الذين لا يعترفون بسنة النبي وتجدهم يجاهرون بعدم اعترافهم بالصلاة والصوم والحج بالشكل الذي تعارف عليه المسلمين فإن مثل هؤلاء لا يمكن اعذارهم بحجة أنهم لم ينكروا اصلاً من الأصول، ومن هنا يجب الاشتراط لقبول هذا الاصطلاح عدم التفريق بين حقائق الدين من جهة القبول والانقياد والتصديق، فلسان النصوص لم يفرق من هذه الجهة بين أصل وفرع، ولذلك ذهب بعضهم إلى معيار آخر للتمييز بين الأصل والفرع، مثل الشيخ المفيد في أوائل المقالات حيث يقول: إن كان لشخص أو جماعة آراء شاذة قليلة في أمور من فروع الدين أو في جزئيات أصول الدين لا في أصلها بحيث لا يلزم إنكار ضروري الدين فهم ليسوا من أصحاب البدع، وإن كان لهم آراء مخالفة في فروع الدين أو أصوله في الأمور الضرورية، فهؤلاء من أصحاب البدع سواء صدق عليهم اسم فرقة من الفرق الموجودة أو لا.

 كما أن الريشهري في كتابه القيادة في الإسلام وضع معياراً أخر للتفريق بين الأصل والفرع حيث يقول: إذا كان لعقيدةٍ أو عملٍ دورٌ أساس مهمّ في بثّ القيم الإسلامية في المجتمع- بحيث إنّ الإسلام يفقد مفهومه الحقيقي بدون ذلك- فإنّ تلك العقيدة أو العمل هما من الأصول الأساسية لهذا النظام الربّانيّ، وإذا لم يكن لهما مِثلُ هذا الدَّور فهما من فروع الدين.