قيمة السؤال.. عندما يكون أداة لـ ’الهدم’ و ’التدليس’!

عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "العلم خزائن ومفاتحه السؤال، فاسألوا يرحمكم الله فإنه يؤجر [فيه] أربعة: السائل، والمعلم، والمستمع، والمحب لهم". بحار الأنوار: 10/368

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

لا يمكن لأيّ علمٍ أن يتقدم ما لم تكن هناك أسئلة حائرة تطلب الجواب طلباً حثيثاً، لذا من الخطأ التعامل مع الأسئلة والإشكالات على أنّها حالة سلبية بل هي إيجابية ضمن شروط ومحددات معيّنة، وفي صفحات التاريخ تجارب كثيرة تشهد على صحة هذه الدعوى منها مثلاً انتعاش الفلسفة في ضوء إشكالات وأسئلة الفخر الرازي التي يبدو أنّها كانت تستهدف هدم البنية الفلسفية القائمة آنذاك غير أنّ النتيجة جاءت مقلوبة تماماً حيث حفّزت تلك الأسئلة عقول الفلاسفة ليضعوا بين أيدينا نتاجا فلسفيا أكثر تطوراً ورصانة.

وأيضاً الإنسان الذي يستنكف السؤال لا ينفكّ غارقاً في بئر الجهل المركب شاء ذلك أم أبى.

ولكن مشكلة السؤال نفسه أنّه كما يمكن أن يكون أداة للتقدّم يمكنه أن يصبح معولاً للهدم في حالات كثيرة منها مثلاً:

1- كثرة الأسئلة المبنية على مقدمات خاطئة يمكنها صناعة أجواء تأخذ تلك المقدمات على أنّها مفروغ منها، لذا أحيانا قبل الإجابة على السؤال ينبغي مناقشة أصل المقدمات التي نتج عنها فربما يكون سؤالا مغلوطاً في نفسه.

2- التدليس في السؤال هو الآخر يصنع ضبابية عند المتلقي يكون مردودها السلبي يفوق المردود الإيجابي، مثلاً قبل أيام رأيت مقالاً لأحدهم يسأل فيه أصدقاءه عن الدليل الذي يستند إليه السيّد السيستاني (حفظه الله) في فتواه بتجويز سرقة أموال الدولة وتخميسها؟ وأنا أعلم أنه في الواقع لا يسأل عن الدليل وإنما كلّ هدفه تمرير هذه الكذبة وتحويلها الى مسلَّمة بديهية ثمّ يسأل عن دليلها ليُشغل القارىء بالبحث عن الدليل بدلاً من مواجهته بتكذيب أصل وجود مثل هذه الفتوى.