البلوغ وثورة الأسئلة المخيفة عن ’أسرار الوجود’.. لا تقلقوا!

فترة البلوغ وثورة التساؤلات

إن مثل هذه الأفكارـ التي تدور في ذهني آنذاك عن أسرار الوجود ـ إنما تحدث لأغلب الأفراد تزامنا مع فترة البلوغ أو تتأخر عنها قليلا، حيث تكون تلك الفترة قصيرة وعابرة لدى البعض، وبالعكس قد تكون طويلة ومريرة على البعض الآخر.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

لكن أتعلمون أن ظهور مثل هذه الأسئلة في ذهن الإنسان لا يدعو إلى أي قلق واضطراب، بل بالعكس فذلك علامة على الاستقلال الروحي والنضج الفكري ودليل على تفتح استعداداته وقابلياته الباطنية.

نعم، هذه علامات تبث الأمل في بلوغ الإنسان مرحلة جديدة من حياته؛ أي أن جميع الأفراد الذين يتزامن نضجهم الفكري مع بداية بلوغهم الجسمي والفسلجي، فإنهم يعومون في سن البلوغ في بحر من هذه الأفكار، بحيث يتشبثون بكل وسيلة من أجل الخلاص منها أما من يتأخر نضجهم الفكري فإن المدة قد تطول لتخترق زوايا أفكارهم مثل هذه الأسئلة.

وبالطبع فإن الأفراد الذين يعيشون حالة طفولية من الناحية الفكرية والنفسية، فإنهم لا يرون قط حالة النضج العقلي، فليس هنالك مثل هذه الأسئلة التي تؤرقهم، فهم يعيشون على الدوام حالة من الاستقرار الممزوجة بالجهل، فلا يشعرون أبدأ بحالة من الاستقرار الفكري؟

على كل حال، ينبغي عليكم ألا تشعروا بالقلق من ظهور مثل هذه الأفكار، فهي دلالة على نضجكم الفكري وإنكم قد وردتم مرحلة جديدة في الحياة، ألا وهي مرحلة البلوغ الفكري.

فإن راودتكم مثل هذه الأفكار فاعلموا أنكم تخطيتم مرحلة التقليد والتبعية ودخلتم مرحلة الاستقلال، فينبغي لكم أن تجدوا وتجتهدوا وبكل هدوء للظفر بالحلول المنطقية والمقنعة لهذه الأسئلة والاستفسارات.

طبعا قضية مراودة هذه الأفكار وإن كانت تدعو للأمل والتفاؤل، إلا أنها قد تشكل ظاهرة خطيرة إن لم تجد هذه الأسئلة بعض الأجوبة الصحيحة، لأن الجهد الممتزج بالأمل في هذه الحالة يتحول إلى نوع من الخمود واليأس والتشاؤم، لذلك يشاهد العديد من الشباب الذين لم يحصلوا على ردود صحيحة لهذ الأسئلة وبغية الهرب من شباك مثل هذه الأفكار، قد لجأوا إلى المسلّيات الخاطئة والإشباع الطائش لغرائزهم المستعرة، في محاولة للحصول على استقرار زائف وكاذب.

على كل حال، فمن الطبيعي عندما يقتحم الإنسان وسطا جديدة فإن كل شيء سيكون لديه مبهماً ومدعاة للتساؤل والاستفسار، فيسعى من خلال ما يملك من فكر لاختراق حجب هذا الابهام والوقوف على الحقيقة، إلا أن حداثة هذه الأجواء إنما تبدأ حين يرد الإنسان مرحلة البلوغ، وهنا يرى كل فرد العالم بصورة جديدة، وبالطبع ترافق ذلك عملية انبثاق مختلف الأسئلة والاستفسارات، وبناء على هذا فلا ينبغي لكم أن تشعروا بأي امتعاض من مخالجة هذه الأفكار لأذهانكم، بل عليكم أن تنظروا إليها بكل تفاؤل وسرور.

المصدر: كتاب أسرار الوجود