من يقف وراء العنف في العالم؟

هناك نوعان من العنف:

1 - العنف المادي (وهو استعمال القوة لإرغام العدو) فقد يكون تعدّياً وظلماً، كما قد يكون تهديدا أو استعمالا للقوة في ايقاف العدو الظالم عند حدّه، كما قد يكون، انتقاماً منه لكسر شوكته أو تدميره بعيداً عن الأخلاق .

2 - العنف غير المادي « وهو عبارة عن تزييف الحقائق وإفساد المعرفة الانسانية، والحيلولة دون تطبيق الحقوق والواجبات في العلاقات بين البشر » .

موقف الاسلام من العنف :

الاسلام يقول : إن في كل انسان استعداد لعمل الخير والشر، والله خلق الانسان وخلق له عقلا يدبر به أموره ويميّز بين الخير والشر، وقد دعا الاسلام إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون والتسامح، كما أن الأديان السماوية هدفها واحد، وهو التوحيد وعبادة الله وهي حلقات متصلة لهداية البشر، إلاّ أن الدين الاسلامي الذي هو آخر الأديان أشمل من الأديان السابقة عليه وأكمل، ولذا أقرّ الاسلام التعددية الدينية والثقافية ما دامت متصلة بالتوحيد، ولم يكره الاسلام أحداً لاعتناق الاسلام كما قال : (لاَ اِكْرَاهَ فِي الدِّيْنِ) وقال (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) في أوج قوته وعظمته .

ومن هذا كله نعرف أن استعمال القوة لارغام غير المسلم على اتباع الاسلام بحيث يكون ظالماً متعدّياً، أمر لا يقرّه الاسلام . أما صدّ العدو عن ظلمه وايقافه عند حدّه - وهو ما نسمّيه العنف المضاد - فهو أمر جائز بل ممدوح أيضاً لأنه يوقف التعدّي عند حدّه ويرفع الظلم والقهر أو يدافع عن النفس .

وأما تزييف الحقيقة وإفساد المعرفة والحيلولة دون تطبيق الحقوق والواجبات فهو أمر مرفوض اسلامياً لأنه خيانة وظلم للانسان الذي أراد الله له الهداية والتكريم .

من يقف وراء العنف في العالم ؟

إن الذي يقف وراء العنف في العالم عدّة أمور :

الأول : الثقافة والتربية والبيئة والعلاقات الاجتماعية والسياسية، فإنها تلعب دوراً مهماً في جعل بعض الافراد أو حتى الشعوب أكثر ميلا إلى استعمال العنف من غيرهم، ففي أمريكا مثلا ترتفع معدلات الجريمة بخلافها في السويد . فمثلا إذا كانت الثقافة والتربية هي افشاء العصبية والطائفية والعنصرية ازداد العنف في المجتمع ضد الآخر، أما إذا كانت الثقافة هي التسامح والتعاون ونبذ العصبية والطائفية والعنصرية قلّ العنف ضدّ الآخر .

الثاني : استبداد السلطات، والقمع المفرط في العقاب وانعدام احترام الرأي الآخر، فقد تعمد السلطة إلى العنف عندما تبرر العنف والقمع باصدار القوانين والتشريعات ضدّ الآخرين .

الثالث : الشعور بالاحباط الذي ينشأ من الصدمة الناتجة عن عدم تحقق الآمال والتطلعات والأهداف . فعندما يواجه شعب بالإبادة وعدم احترام الحقوق والتوهين وتهتك حقوق الانسان ليل نهار، يتوجه إلى العنف كطريق وحيد للمحافظة على حقوقه وعزّته .

العنف المقنع:

وهو ما يعرف بالعنف الاجتماعي أو المسكوت عنه الذي ينمو ويشب عند غياب الوعي الاجتماعي وغياب السلوك العقلاني وفقدان الحرية والعدالة، ويتمثل في الكراهية للآخرين والسيطرة على الضعفاء، والاتهامات الباطلة، والاعتداء على الاعراض جنسياً واضطهاد الأطفال والمعوقين وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والاعتداء على الحيوان وقطع الزرع وتخريب البيئة والضوضاء والصخب وتعليم الأطفال النزاع والصراع عن طريق وسائل الاعلام والأفلام البوليسية وأمثال هذه الأمور التي لا يقرّها عقل ولا شرع .