حصن الأخيضر.. سرٌ غامض يستنطق الحجر

يشخص هذا الحصن العظيم على طريق كربلاء ــ عين التمر ويستطيع من يراه أن يخمّن من الوهلة الأولى إلى أنه قد بُنيَ على طراز الحصون الدفاعية العظيمة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

هذا الحصن لا يزال سراً غامضاً لم تستطع بوصلات المؤرخين تحديد تاريخ وسبب بنائه وأصل تسميته، فأغلب الأقوال التي قيلت في ذلك لا تتعدّى حدود الافتراضات التي لا تستند إلى الدليل.

وقد تعدّدت الأقوال في تاريخ بناء الحصن بين العصر الجاهلي وصدر الإسلام والأموي والعباسي، ولكن هناك دلائل وقرائن تاريخية تثبت وجود هذا الحصن قبل هذا التاريخ بكثير فقد أشار أبو الفرج الأصفهاني في كتابه (الأغاني) إلى أن الحصن كان موجوداً في عهد (سابور بن أردشير) الذي حكم للفترة بين (240 – 270 م) والملقب بسابور الجنود، وهذا يرفع تاريخ حصن الأخيضر إلى القرن الثالث للميلاد وقد خربت عين التمر وبقي حصنها.

إن وجود دلائل قوية تثبت وجوده في عهد سابور يقودنا لتتبع خيط التأريخ لنعود قليلاُ وتحديداً إلى سيرة أبيه أردشير بن بابك مؤسس السلالة الساسانية (224 ــ 241) الذي خرج لقتال الأردوان آخر ملوك الطوائف الأشغانيين الفرس (أرتابانوس الخامس (216 – 224) ــ باليوناني ــ فاستعان (الأردوان) بالعرب للقتال معه وبنى (حيراً) فأنزل به من أعانه من العرب.

ومن المؤكد أن هذا الحير هو حصن الأخيضر لتطابق المواصفات كلها عليه من ناحية بنائه الدفاعية العظيمة التي يستطيع بها ردّ هجمات الجيش الساساني العظيم، ولسعة حجمه الذي يسع القوات العربية التي تدعم الأردوان في حربه، ولمكانه الذي يعد استراتيجياً لمواجهة العدو من كل الجهات والدفاع عن المدينة، ولموقعه الذي كانت تتمركز فيه القوات الفارسية، ولطرازه الفارسي الواضح، ومما يقطع الشك باليقين بأن هذا (الحير) هو حصن الأخيضر أن الحير من أسماء كربلاء القديمة التي كان موقعها في عين التمر وقد أكد ذلك الدكتور عبد الجواد الكليدار بقوله: (وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في التاريخ بأسماء عديدة مختلفة منها: ....الحير) ونقل كذلك عن الطبري أنها سميت باسم (الحير).