كيف نتعامل مع الشك في الصلاة؟

الشك في الصلاة

(مسألة 330): من شكّ في الإتيان بصلاة في وقتها لزمه الإتيان بها، ولا يعتني بالشكّ إذا كان بعد خروج الوقت. ويستثنى من ذلك الوسواسي فإنّه لا يعتني بشكّه ولو في الوقت، وكذلك كثير الشكّ.

(مسألة 331): من شكّ في الإتيان بصلاة الظهر بعدما صلّى العصر، أو شكّ في الإتيان بصلاة المغرب بعدما صلّى العشاء لزمه الإتيان بها.

(مسألة 332): من شكّ في الإتيان بالظهرين ولم يبق من الوقت إلّا مقدار فريضة العصر لزمه الإتيان بها، والأحوط لزوماً قضاء صلاة الظهر أيضاً، ولو كان عالماً بعدم أداء صلاة العصر كفاه الإتيان بها ولم يجب عليه قضاء صلاة الظهر، وكذلك الحال في العشاءين.

(مسألة 333): من شكّ في صحّة صلاته بعد الفراغ منها لم يعتن بشكّه، وكذا إذا شكّ في صحّة جزء من الصلاة بعد الإتيان به، وكذا إذا شكّ في أصل الإتيان به بعدما دخل فيما لا ينبغي الدخول فيه شرعاً مع الإخلال بالمشكوك فيه عمداً، وأمّا إذا كان الشكّ قبل الدخول فيه لزمه الإتيان بالمشكوك فيه، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل (واجبات الصلاة).

الشك في عدد الركعات

إذا شكّ المصلّي في عدد ركعات الصلاة جاز له قطعها واستئنافها، ولا يلزمه علاج ما هو قابل للعلاج إذا لم يستلزم محذور فوات الوقت، وإلّا لم يجز له ذلك. والأحوط وجوباً عدم الاستئناف قبل الإتيان بأحد القواطع كالاستدبار مثلاً. وما يذكر في المسائل الثلاث الآتية في بيان كيفيّة العلاج فيما يقبل العلاج من الشكوك إنّما يتعيّن العمل به في خصوص ما إذا استلزم القطع والاستئناف فوات الوقت.

(مسألة 334): من شكّ في صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات الثنائيّة أو في صلاة المغرب ولم يحفظ عدد ركعاتها، فإن غلب ظنّه على أحد طرفي الشكّ بنى عليه، وإلّا بطلت صلاته.

(مسألة 335): من شكّ في عدد ركعات الصلوات الرباعيّة فإن غلب ظنّه على أحد الطرفين بنى عليه، وإلّا فإن كان شكّه بين الواحدة والأزيد، أو بين الاثنتين والأزيد قبل الدخول في السجدة الثانية بطلت صلاته، وإلّا عمل بوظيفة الشاكّ في المواضع التالية:

1- من شكّ بين الاثنتين والثلاث بعد الدخول في السجدة الثانية - بوضع الجبهة على المسجَد ولو قبل الشروع في الذكر - بنى على الثلاث وأتمّ صلاته، ثُمَّ أتى بركعة من قيام احتياطاً.

2- من شكّ بين الثلاث والأربع أينما كان الشكّ بنى على الأربع وأتمّ صلاته، ثُمَّ أتى بركعتين من جلوس أو بركعة من قيام.

3- من شكّ بين الاثنتين والأربع بعد الدخول في السجدة الثانية بنى على الأربع، وأتى بركعتين من قيام بعد الصلاة.

4- من شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الدخول في السجدة الثانية بنى على الأربع وأتمّ صلاته، ثُمَّ أتى بركعتين قائماً ثُمَّ بركعتين جالساً.

5- من شكّ بين الأربع والخمس بعد الدخول في السجدة الثانية بنى على الأربع وسجد سجدتي السهو بعد الصلاة ولا شيء عليه. ويجري هذا الحكم في كلّ مورد يكون الطرف الأقلّ هو الأربع كالشكّ بينها وبين الستّ، كما يكفي في كلّ مورد شكّ فيه بين الأربع والأقلّ منها والأزيد بعد الدخول في السجدة الثانية العملُ بموجب الشكّين بالبناء على الأربع والإتيان بصلاة الاحتياط لاحتمال النقيصة، ثُمَّ بسجدتي السهو لاحتمال الزيادة.

6- من شكّ بين الأربع والخمس حال القيام هدم قيامه وأتى بوظيفة الشاكّ بين الثلاث والأربع.

7- من شكّ بين الثلاث والخمس حال القيام هدم قيامه وأتى بوظيفة الشاكّ بين الاثنتين والأربع.

8- من شكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام هدم قيامه وأتى بوظيفة الشاكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع.

9- من شكّ بين الخمس والست حال القيام هدم قيامه وأتى بوظيفة الشاكّ بين الأربع والخمس بعد الدخول في السجدة الثانية.

والأحوط الأولى في المواضع الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو بعد صلاة الاحتياط لأجل القيام الذي هدمه.

(مسألة 336): إذا شكّ في صلاته ثُمَّ انقلب شكّه إلى الظنّ - قبل أن يتمّ صلاته - لزمه العمل بالظنّ ولا يعتني بشكّه الأوّل، وإذا ظنّ ثُمَّ انقلب إلى الشكّ لزمه ترتيب أثر الشكّ، وإذا انقلب ظنّه إلى ظنّ آخر أو انقلب شكّه إلى شكّ آخر لزمه العمل على طبق الظنّ أو الشكّ الثاني.

وعلى الجملة: يجب على المصلّي أن يراعي حالته الفعليّة ولا عبرة بحالته السابقة، مثلاً: إذا ظن أن ما بيده هي الركعة الرابعة ثُمَّ شكّ في ذلك لزمه العمل بوظيفة الشاكّ، وإذا شكّ بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثُمَّ انقلب شكّه إلى الظنّ بأنّها الثانية عمل بظنّه، وإذا انقلب إلى الشكّ بين الاثنتين والأربع لزمه أن يعمل بوظيفة الشكّ الثاني، وإذا ظنّ أن ما بيده الركعة الثانية ثُمَّ تبدّل ظنّه بالظنّ بأنّها الثالثة بنى على أنّها الثالثة وأتمّ صلاته.

الشكوك التي لا يُعتنى بها

لا يعتنى بالشكّ في ستّة مواضع:

1- ما إذا كان الشكّ بعد الفراغ من العمل، كما إذا شكّ بعد القراءة في صحّتها، أو شكّ بعدما صلّى الفجر في أنّها كانت ركعتين أو أقلّ أو أكثر.

2- ما إذا كان الشكّ بعد خروج الوقت، كما إذا شكّ في الإتيان بصلاة الفجر بعدما طلعت الشمس.

3- ما إذا كان الشكّ في الإتيان بجزء بعدما دخل فيما لا ينبغي الدخول فيه شرعاً مع الإخلال بالمشكوك فيه عمداً، سواء أكان جزءاً أم غيره.

4- ما إذا كثر الشكّ، فإذا شكّ في الإتيان بواجب بنى على الإتيان به، كما إذا شكّ بين السجدة والسجدتين فإنّه يبني - حينئذٍ - على أنّه أتى بسجدتين، وإذا شكّ في الإتيان بمفسد بنى على عدمه، كمن شكّ كثيراً في صلاة الفجر بين الاثنتين والثلاث فإنّه يبني على أنّه لم يأت بالثالثة ويتمّ صلاته ولا شيء عليه.

ولا فرق في عدم الاعتناء بالشكّ إذا كثر بين أن يتعلّق بالركعات أو الأجزاء أو الشروط، وعلى الجملة لا يعتنى بشكّ كثير الشكّ ويبني معه على صحّة العمل المشكوك فيه.

وتتحقّق كثرة الشكّ بعروض الشكّ أزيد ممّا يتعارف عروضه للمشاركين مع صاحبه في اغتشاش الحواسّ وعدمه زيادة معتدّاً بها عرفاً، فإذا كان الشخص في الحالات العاديّة لا تمضي عليه ثلاث صلوات إلّا ويشكّ في واحدة منها فهو من أفراد كثير الشكّ.

ثُمَّ إن كثرة الشكّ إن اختصّت بموضع بأن كانت من خواصّه وسماته فلا بُدَّ من أن يعمل فيما عداه بوظيفة الشاكّ كغيره من المكلّفين، مثلاً: إذا كانت كثرة شكّه في خصوص الركعات لم يعتن بشكّه فيها، فإذا شكّ في الإتيان بالركوع أو السجود أو غير ذلك ممّا لم يكثر شكّه فيه لزمه الإتيان به إذا كان الشكّ قبل الدخول في الغير. وأمّا إذا لم يكن كذلك كما إذا تحقّق مسمّى الكثرة في فعل معيّن كالركوع ثُمَّ شكّ في فعل آخر أيضاً كالسجود فالظاهر عدم الاعتناء به أيضاً.

5- ما إذا شكّ الإمام وحفظ عليه المأموم وبالعكس، فإذا شكّ الإمام بين الثلاث والأربع - مثلاً - وكان المأموم حافظاً لم يعتن الإمام بشكّه ورجع إلى المأموم، وكذلك العكس. ولا فرق في ذلك بين الشكّ في الركعات والشكّ في الأفعال، فإذا شكّ المأموم في الإتيان بالسجدة الثانية - مثلاً - والإمام يعلم بذلك رجع المأموم إليه، وكذلك العكس.

(مسألة 337): لا فرق في رجوع الشاكّ من الإمام أو المأموم إلى الحافظ منهما بين أن يكون حفظه على نحو اليقين وأن يكون على نحو الظنّ، فالشاكّ منهما يرجع إلى الظانّ كما يرجع إلى المتيقّن، وإذا اختلفا بالظنّ واليقين عمل كلّ منهما بوظيفته، مثلاً: إذا ظنّ المأموم في الصلوات الرباعيّة أن ما بيده هي الثالثة وجزم الإمام بأنّها الرابعة، وجب على المأموم أن يضمّ إليها ركعة متّصلة ولا يجوز له أن يرجع إلى الإمام.

(مسألة 338): إذا اختلف الإمام والمأموم في جهة الشكّ فإن لم تكن بينهما جهة مشتركة عمل كلّ منهما بوظيفته، كما إذا شكّ المأموم بين الاثنتين والثلاث وشكّ الإمام بين الأربع والخمس، وإلّا - بأن كانت بينهما جهة مشتركة - أخذ بها وألغى كلّ منهما جهة الامتياز من طرفه، مثلاً: إذا شكّ الإمام بين الثلاث والأربع وكان شكّ المأموم بين الاثنتين والثلاث بنيا على الثلاث، فإنّ المأموم يرجع إلى الإمام في أن ما بيده ليست بالثانية والإمام يرجع إلى المأموم في أنّها ليست بالرابعة، ولا حاجة حينئذٍ إلى صلاة الاحتياط.

6- ما إذا كان الشكّ في عدد ركعات النافلة، فإنّ هذا الشكّ لا يعتنى به، والمصلّي يتخيّر بين البناء على الأقلّ والبناء على الأكثر فيما إذا لم يستلزم البطلان، ويتعيّن البناء على الأقلّ فيما إذا استلزمه، كما إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث. والأفضل البناء على الأقلّ في موارد التخيير. هذا في غير صلاة الوتر، وأمّا فيها فالأحوط إعادتها إذا شكّ فيها.

(مسألة 339): يعتبر الظنّ في عدد الركعات من الفريضة، وكذلك في النافلة على الأحوط لزوماً، بمعنى أنّه لا يتخيّر معه في البناء على الأقلّ والأكثر. ولا عبرة بالظنّ فيما إذا تعلّق بالأفعال في النافلة أو الفريضة.

(مسألة 340): إذا وجبت النافلة لعارض - كنذر وشبهه - جرى عليها حكم الشكّ في النافلة.

(مسألة 341): إذا ترك في صلاة النافلة ركناً سهواً ولم يمكن تداركه بطلت، ولا تبطل بزيادة الركن فيها سهواً.

المصدر: كتاب المسائل المنتخبة للمرجع الأعلى سماحة السيد علي السيستاني دام ظله (الطبعة الجديدة المنقحة)