الطهارة والوضوء: ما الحدث.. وما الخبث؟

أحكام الطهارة: الطهارة

تجب الطهارة بأمرين: الحدث والخبث.

والحَدَث هو: القذارة المعنويّة التي توجد في الإنسان فقط بأحد أسبابها الآتية. وهو قسمان:

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

أصغر وأكبر، فالأصغر يوجب الوضوء، والأكبر يوجب الغُسل.

والخَبَث هو: النجاسة الطارئة على الجسم من بدن الإنسان وغيره. ويرتفع بالغسل أو بغيره من المطهّرات الآتية.

الوضوء

يتركّب الوضوء من أربعة أمور:

1- غسل الوجه، وحدّه ما بين قصاص الشعر والذقن طولاً، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضاً، فيجب غسل كلّ ما دخل في هذا الحدّ. والأحوط وجوباً أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل، ويكفي في ذلك الصدق العرفي، فيكفي صبّ الماء من الأعلى ثُمَّ إجراؤه على كلّ من الجانبين على النهج المتعارف من كونه على نحو الخط المنحني.

2- غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع، والمرفق هو: مجمع عظمي الذراع والعضد. ويجب أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفاً.

3- مسح مقدّم الرأس، ويكفي مسمّاه وإن كان الأحوط استحباباً أن يمسح بمقدار ثلاثة أصابع مضمومة، كما أن الأحوط استحباباً أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل، وأن يكون بباطن الكفّ، وبنداوة الكفّ اليمنى.

4- مسح الرجلين، والواجب مسح ما بين أطراف الأصابع إلى المفصل بين الساق والقدم، ولا يكفي المسح إلى قبة القدم على الأحوط وجوباً، ويكفي المسمّى عرضاً. والأولى المسح بكلّ الكفّ.

ويجب غسل مقدار من الأطراف زائداً على الحدّ الواجب، وكذلك المسح إذا لم يحصل اليقين بتحقّق المأمور به إلّا بذلك.

ولا بُدَّ في المسح من أن يكون بالبلّة الباقية في اليد، فلو جفّت لحرارة البدن أو الهواء أو غير ذلك أخذ البلّة من لحيته ومسح بها، والأحوط الأولى أن يأخذ البلّة من لحيته الداخلة في حدّ الوجه وإن جاز له الأخذ من المسترسل أيضاً إلّا ما خرج عن المعتاد، فإن لم يتيسّر له ذلك أعاد الوضوء، ولا يكتفي بالأخذ من بلّة الوجه على الأحوط لزوماً.

(مسألة 26): يجوز النكس في مسح الرجلين، بأن يمسح من الكعب إلى أطراف الأصابع. والأحوط استحباباً مسح الرجل اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى وإن كان يجوز مسح كلّ منهما بكلّ منهما.

شرائط الوضوء

يشترط في صحّة الوضوء أمور:

1- النيّة، بأن يكون الداعي إليه قصد القربة، ويجب استدامتها إلى آخر العمل. ولو قصد أثناء الوضوء قطعه أو تردّد في إتمامه ثُمَّ عاد إلى قصده الأوّل قبل فوات الموالاة ولم يطرأ عليه مفسد آخر جاز له إتمام وضوئه من محلّ القطع أو التردّد.

2- طهارة ماء الوضوء. وفي اعتبار نظافته - بمعنى عدم تغيّره بالقذارات العرفيّة كالميتة الطاهرة وأبوال الدواب والقيح - قول، وهو أحوط وجوباً.

3- إباحة ماء الوضوء، بأن لا يكون مغصوباً.

وفي حكم الماء المتنجّس والمغصوب المشتبه بهما إذا كانت الشبهة محصورة، وضابطها: أن لا تبلغ كثرة الأطراف حدّاً يكون معه احتمال النجاسة أو الغصبيّة في كلّ طرف موهوماً.

(مسألة 27): إذا انحصر الماء المباح بما كان مشتبهاً بغيره ولم يمكن التمييز وكانت الشبهة محصورة وجب التيمّم. ولو انحصر الماء الطاهر بالمشتبه بغيره بالشبهة المحصورة جاز التيمّم بعد التخلّص منهما بالإراقة أو نحوها، ويشكل صحّة التيمّم قبل ذلك مع التمكّن من تحصيل الطهارة المائيّة ولو بأن يتوضّأ بأحدهما ويصلّي ثُمَّ يغسل مواضع إصابة الماء الأوّل بالماء الثاني ويتوضّأ منه ويعيد الصلاة.

(مسألة 28): إذا توضّأ بماء مغصوب - نسياناً أو جهلاً - فانكشف له الحال بعد الفراغ صحّ وضوؤه إذا لم يكن هو الغاصب. وأمّا الغاصب فلا يصحّ منه الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ناسياً على الأحوط لزوماً.

(مسألة 29): الوضوء بالماء المتنجّس باطل ولو كان ذلك من جهة الجهل أو الغفلة أو النسيان.

(مسألة 30): لا يعتبر في الوضوء إباحة مكان التوضّؤ ولا الإناء الذي يتوضّأ منه وإن سقط وجوب الوضوء ووجب التيمّم لو انحصر المكان أو الإناء في المغصوب. ولكن لو خالف المكلّف وتوضّأ في المكان المغصوب صحّ، وكذا إذا توضّأ من الإناء المغصوب أثم وصحّ وضوؤه، من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة أو تدريجاً والصبّ منه والارتماس فيه.

ويجري هذا الحكم في أواني الذهب والفضّة التي يحرم استعمالها في الأكل والشرب، بل وفي غيرهما أيضاً - كالطهارة من الخَبَث والحَدَث - على الأحوط وجوباً، فإنّه لو توضّأ منها صحّ وضوؤه، سواء أكان بالاغتراف تدريجاً أو بالصبّ أو بالارتماس.

4- إطلاق ماء الوضوء، فلا يصحّ الوضوء بالماء المضاف. وفي حكم المضاف المشتبه به إذا كانت الشبهة محصورة. ولا فرق في بطلان الوضوء بالماء المضاف بين صورتي العمد وغيره.

(مسألة 31): إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له أن يتوضّأ بهما متعاقباً، وإذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك ولا يسوغ له التيمّم.

5- طهارة أعضاء الوضوء، بمعنى أن يكون كلّ عضو طاهراً حين غسله أو مسحه. ولا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع فيه، فلو كانت نجسة وغسل كلّ عضو بعد تطهيره أو طهّره بغسلة الوضوء نفسها - حيث يكون الماء معتصماً - كفى.

6- أن لا يكون مريضاً بما يتضرّر معه من استعمال الماء، وإلّا لم يصحّ منه الوضوء ولزمه التيمّم.

7- الترتيب، بأن يغسل الوجه أوّلاً ثُمَّ اليد اليمنى ثُمَّ اليُسرى ثُمَّ يمسح الرأس ثُمَّ الرجلين، والأحوط الأولى رعاية الترتيب في مسح الرجلين فيقدّم مسح الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى وإن كان يجوز مسحهما معاً. نعم، لا يجوز على الأحوط تقديم اليسرى على اليمنى.

8- الموالاة، وهي: التتابع العرفي في الغسل والمسح. ويكفي في الحالات الطارئة - كنفاد الماء وطروّ الحاجة والنسيان - أن يكون الشروع في غسل العضو اللاحق أو مسحه قبل أن تجفّ الأعضاء السابقة عليه، فإذا أخّره حتّى جفّت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء، ولا بأس بالجفاف من جهة الحرّ أو الريح أو التجفيف إذا كانت الموالاة العرفيّة متحقّقة.

9- المباشرة، بأن يباشر المكلّف بنفسه أفعال الوضوء إذا أمكنه ذلك، ومع الاضطرار إلى الاستعانة بالغير يجوز له أن يستعين به، بأن يشاركه فيما لا يقدر على الاستقلال به، سواء أكان بعض أفعال الوضوء أم كلها، ولكنّه يتولّى النيّة بنفسه. وإن لم يتمكّن من المباشرة - ولو على هذا الوجه - طلب من غيره أن يوضّئه، والأحوط وجوباً حينئذٍ أن يتولّى النيّة كلّ منهما، ويلزم أن يكون المسح بيد نفس المتوضّئ، وإن لم يمكن ذلك أخذ المُعين الرطوبة التي في يده ومسح بها.

(مسألة 32): من تيقّن الوضوء وشكّ في الحدث بنى على الطهارة، ومن تيقّن الحدث وشكّ في الوضوء بنى على الحدث، ومن تيقّنهما وشكّ في المتقدّم والمتأخّر منهما وجب عليه الوضوء.

(مسألة 33): من شكّ في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة بنى على صحّتها وتوضّأ للصلوات الآتية، حتّى فيما إذا تقدّم منشأ الشكّ على الصلاة بحيث لو التفت إليه قبلها لشكّ، كما إذا أحدث ثُمَّ غفل ثُمَّ صلّى ثُمَّ شكّ بعد الصلاة في التوضّؤ حال الغفلة. ولو شكّ في الوضوء أثناء الصلاة قطعها وأعادها بعد الوضوء.

(مسألة 34): إذا علم إجمالاً بعد الصلاة بطلان صلاته لنقصان ركن فيها - مثلاً - أو بطلان وضوئه وجبت عليه إعادة الصلاة فقط دون الوضوء.

نواقض الوضوء

نواقض الوضوء تسعة:

1،2- البول - وفي حكمه ظاهراً البلل المشتبه به قبل الاستبراء - والغائط، سواء أكان خروجهما من الموضع الأصلي - للنوع أو لفرد شاذّ الخلقة من هذه الجهة - أم من غيره مع انسداد الموضع الأصلي، وأمّا مع عدم انسداده فلا يكون ناقضاً إلّا إذا كان معتاداً له أو كان الخروج بدفع طبيعي لا بالآلة، وإن كان الأحوط استحباباً الانتقاض به مطلقاً.

ولا ينتقض الوضوء بالدم أو الصديد الخارج من أحد المخرجين ما لم يكن معه بول أو غائط، كما لا ينتقض بخروج المذي وهو: الرطوبة الخارجة عند ملاعبة الرجل المرأة ونحو ذلك ممّا يُثير الشهوة، والودي وهو: الرطوبة الخارجة بعد البول، والوذي وهو: الرطوبة الخارجة بعد المنيّ.

3- خروج الريح من مخرج الغائط - المتقدّم بيانه - إذا صدق عليها أحد الاسمين المعروفين.

4- النوم الغالب على السمع.

5- كلّ ما يزيل العقل من جنون أو إغماء أو سُكْر، دون مثل البَهَت.

6- الاستحاضة المتوسّطة والقليلة.

7-9- الجنابة والحيض والنفاس، فإنّها تنقض الوضوء وإن كانت لا توجب إلّا الغسل.

موارد وجوب الوضوء

يجب الوضوء لثلاثة أمور:

1- الصلوات الواجبة ما عدا صلاة الميّت. وأمّا الصلوات المستحبّة فيعتبر الوضوء في صحّتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.

2- الأجزاء المنسيّة من الصلاة الواجبة وكذا صلاة الاحتياط. ولا يجب الوضوء لسجدتي السهو وإن كان أحوط استحباباً.

3- الطواف الواجب وإن كان جزءاً لحجّة أو عمرة مندوبة.

(مسألة 35): يحرم على غير المتوضّئ أن يمسّ ببدنه كتابة القرآن. والأحوط وجوباً أن لا يمسّ اسم الجلالة والصفات المختصّة به تعالى، والأحوط الأولى إلحاق أسماء الأنبياء والأئمة والصدّيقة الطاهرة (عليهم السلام) بها.

المصدر: كتاب المسائل المنتخبة للمرجع الأعلى سماحة السيد علي السيستاني دام ظله (الطبعة الجديدة المنقحة)