لا تضربوا وجوه الدواب: لماذا أجاز الإسلام قتل الحيوانات ’غير المملوكة’؟!

ما العلة التي لأجلها أجاز الشارع قتل الحيوانات غير المملوكة؟

المبدأ العام هو تسخير الطبيعة بما فيها من دواب للإنسان، ولا يعني التسخير إباحة التصرف بشكل مطلق، وإنما بمقدار الحاجة بحسب تقدير العقلاء.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وعلى ذلك لا وجود لحكم واحد يجيز قتل الحيوان البري بشكل مطلق، وإنما يتعدد الحكم بتعدد العناوين الموجبة للقتل، فإن كان قتله صيداً من أجل الطعام فهو مباح، بل قد يكون واجباً إذا توقفت حياة الإنسان عليه، أما إذا كان قتله تعدياً وعبثاً فهو حرام، لكونه مخالفاً لطبيعة تسخير الحيوان وولاية الإنسان عليه، فإن كان هذا التسخير سبباً في ظلم الحيوان بدون وجه حق تسقط ولاية للإنسان عليه، وإلا يصبح الإنسان مفسداً في الأرض وسبب في تخريب الطبيعة المستحفظ عليها، والحال نفسه ينطبق على الحيوانات البرية غير المأكولة للإنسان فلا يجوز أيضاً قتلها إلا إذا كان في وجودها ضرر على حياة الإنسان، فقد اوصت الروايات بجميع ذوات الأرواح، حيث أمرت بأن تسقي ذوات الأرواح إذا عطشت، حتى لو كانت من الهوام ومن غير مأكول اللحم، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من قتل عصفوراً عبثاً جاء يوم القيامة يعج إلى الله تعالى يقول: يا رب، إن هذا قتلني عبثاً، لم ينتفع بي، ولم يدعني فآكل من حشارة الأرض)، وعن جابر قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقتل شيء من الدواب صبراً)، وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لعن الله من مثل بالحيوان) وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): أن أقذر الذنوب ثلاثة: قتل البهيمة، وحبس حق المرأة، ومنع الأجير حقه. وقد غرم أمير المؤمنين (عليه السلام) من فعل ذلك قيمته، وجلده جلدات، فقد روي: أنه قضى فيمن قتل دابة عبثاً، أو قطع شجراً، أو أفسد زرعاً، أو هدم بيتاً، أو عوَّر بئراً، أو نهراً، أن يغرم قيمة ما استهلك وأفسد، ويضرب جلدات نكالاً، وإن أخطأ ولم يتعمد ذلك، فعليه الغرم). وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا تضربوا وجوه الدواب، وكل شيء فيه الروح فإنه يسبح بحمد الله)، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: نهى رسول (صلى الله عليه وآله) عن إتيان الطير بالليل، وقال: إن الليل أمان لها)، وعن الأفلح قال سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن العصفور يفرخ في الدار، هل يؤخذ فراخه؟ فقال (عليه السلام): لا، إن الفرخ في وكره في ذمة الله ما لم يطر، ولو أن رجلاً رمى صيداً في وكره فأصاب الطير والفراخ جميعاً فإنه يأكل الطير ولا يأكل الفراخ، وذلك أن الفراخ ليس بصيد ما لم يطر، وإنما يؤخذ باليد، وإنما يكون صيداً إذا طار)

وفي المحصلة العلة التي أجاز فيها الشرع قتل الحيوان البري وغير المملوك أما أن يكون ذلك صيداً ضمن شروط حددها الشرع، وإما يكون لدفع ضرر على الإنسان، ولا يجوز قتله عبثاً بدون أي مبرر يقبله العقلاء.