الرجال قوامون على النساء: هل يرسّخ الإسلام ’الذكورية’ في المجتمعات؟!

عدالة أم مساواة

هذا هو الذي يتبناه الغرب، فالمرأة لابد لها أن تشارك الرجل في ميادين الحرب والقتال والسياسة والزعامة وميادين العمل والاستثمار ولا يترك میدان خاصة للمرأة أو الرجل إلا يسوقها إليه بدعوى المساواة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ولكن القرآن يتبنى العدالة بين الرجل والمرأة ويخالف المساواة، إذ ربما تكون المساواة ضد العدالة، وربما لا تنسجم مع طبيعتها، ومن يدعي المساواة، فكأنه ينكر الفوارق الموجودة في نفسياتها وغرائزهما، ويتعامل معها معاملة إنسان استلبت عنه الغرائز الفطرية ولم يبق فيه رمق إلا القيام بالأعمال المخولة له.

وهذا موضوع هام يحتاج إلى التشريح والتبيين حتى يتضح من خلاله موقف القرآن.

إن التساوي في الإنسانية لا تعني التساوي في جميع الجهات، وفي القدرات والغرائز والنفسيات، حتى يتجلى الجنسان، جنساً واحداً لا يختلفان إلا شكلياً، ومن يقول ذلك فإنه يقول في لسانه وينكره عقله ولبه.

لا شك أن بين الجنسين فوارق ذاتية وعرضية، فالأولى نابعة من خلقتها، والثانية تلازم وجودها حسب ظروفها وبيئتها، وبالتالي صارت تلك الفوارق مبدأ للاختلاف في المسؤوليات والأحكام.

جعل الإسلام فطرة المرأة وخلقتها المقياس الوحيد في تشريعه وتقنينه والتشريع المبني على الفطرة يتماشى معها عبر القرون، وهذا هو سر خلود تشريعه، وأما التشريع الذي لا يأخذ الفطرة بنظر الاعتبار، ويقنن لكل من الأنثى والذكر على حد سواء فربما لا ينسجم مع الفطرة والخلقة ويخلق تعارضاً بين القانون ومورده ويورث مضاعفات كثيرة کما نشاهده اليوم في الحضارة الغربية.

ويرد الإشكال، هل الرجال قوامون على النساء؟

وجوابه أن الله سبحانه أعطى إدارة شؤون الأسرة للرجال دون النساء، ومعنى ذلك أن الرجل هو الذي يترأس الجهات التي بها قوام العائلة، لأن الإدارة تتقوم بأمرين متحققين في الرجل دون المرأة وهما:

١. القوة وتحمل الشدائد.

 ٢. الإنفاق ورفع الحاجات المالية.

والرجل يتوفر فيه الأمر الأول أكثر من غيره.

وأما الإنفاق فقد فرض الإسلام إدارة أمور الأسرة المالية على الزوج، فهو الذي يتحمل المشاق ليدير دفة العائلة.

وقد أشار سبحانه إلى تلك الإدارة وأنها تدخل تحت صلاحيات الرجل بقوله: (الرجال قوامون على النساء)

كما أشار إلى الشرطين بقوله: (بما فضل الله بعضهم على بعض) (وبما أنفقوا من أموالهم).

وليس المراد الأفضلية عند الله وفي ميزان القرب منه سبحانه، بل المراد هو التفوق على الجنس الآخر في تحمل الصبر والاستقامة على الشدائد، وهو أمر تكويني لا يمكن إنكاره، ومن أنكر فانها أنكره بلسانه دون قلبه، وهذا هو المراد من الأفضلية.

وأما الشطر الثاني فهو حكم تكليفي وضعه سبحانه على عاتق الرجل، وبذلك صار أولى بإدارة شؤون الأسرة من المرأة، وعلى ذلك سارت الحياة، فلو كان هناك انتخاب طبيعي فقد اختير الرجل طبيعياً وأمضاه الشارع.

هذا هو معنى القوامية وليس فيه أي هدر لكرامتها، نعم تفسير القوامية بالسلطة على المرأة وإجحاف حقها والتدخل في شؤونها بما هو خارج عن إطار العلقة الزوجية أمر مرفوض ومن فسر الآية به فقد افترى على الله سبحانه.

فإدارة الأسرة والتخطيط لها نحو مستقبل أفضل حسب الاستطاعة شيء، وإنكار حق الزوجة والتسلط عليها وإجحاف حقوقها شيء آخر، ومن خلط بين الأمرين فقد انحرف عن جادة الصواب.

المصدر: كتاب رسائل ومقالات