هل الإمام المهدي (عج) متزوج ولديه أولاد؟!

رغم دلالة ظاهر بعض الأخبار على وجود الزوجة و الأولاد للإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرَجَه ) إلا أنه لدى التحقيق و الرجوع إلى المصادر المعتبرة يتضح أن هذا الموضوع ليس ثابتاً بل هو موضع شك و ريب، فإن بعض العلماء من أمثال المفيد، و الطبرسي، لم يرتضوا ذلك، إذ ليست هناك أدلة صريحة تستحق الاستناد إليها و الاعتماد عليها في إثبات الزوجة و الذرية للإمام المهدي المنتظر ( عليه السَّلام ).[1]

ومع ذلك، بما أن أحوال الإمام المهدي عليه السلام محاطة بالسرية التامة والكتمان الشديد فنحن لا يُعلم أنه عليه السلام كان متزوجاً أو لا، ولو فرض أنه متزوج فلا يُعلم أن عنده أولاداً أو لا، وتزويجه وإنجابه للأولاد وإن كانا أمرين ممكنين إلا أننا لا نجزم فيهما بشيء لم يقم عليه دليل صحيح.

وربما يقول البعض: إن الإمام عليه السلام متزوج؛ باعتبار أن الزواج سُنَّة مؤكَّدة، ومن رغب عنها فقد رغب عن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله، والإمام من شأنه أن يعمل بالسُّنّة، لا أن يرغب عنها، فعلى ذلك ربما يحصل الجزم بأنه عليه السلام متزوّج، وإذا ثبت أنه عليه السلام متزوج فمن الطبيعي أن ينجب أولاداً؛ لأن عدم المقدرة على إنجاب الأولاد يدل على نقص في الخلقة، والإمام عليه السلام كامل في خلقته.

إلا أن هذا الكلام واضح الفساد؛ لأن ترك التزويج لا يقتضي بالضرورة الرغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، بل قد يمنع منه أمر آخر أهم منه، فيلزم تركه، والتزويج وإن كان سُنّة وهو أمر حسن في نفسه، إلا أنه إذا منعه ما هو أهم منه، وهو كتمان أحوال الإمام عليه السلام وإخفاء أموره الخاصة، لئلا يصل إليه الظالمون، لزم تركه.

فإذا لم نجزم بأنه عليه السلام متزوج لم يحصل الجزم بأن عنده أبناء، مضافاً إلى أن عدم إنجاب الأولاد لا يدل على نقص في الخلقة، بل يرجع إلى الحكمة الإلهية التي قد تقتضي حرمان الكامل خلقةً من الأولاد، دون ناقص الخلقة، كما قال سبحانه في كتابه العزيز: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49، 50].

ولعل مقتضى الحكمة الإلهية ألا يكون لدى الإمام المهدي عليه السلام أولاد لو فرضناه متزوِّجاً وإن كانت المقدرة على الإنجاب موجودة عند الإمام عليه السلام وعند زوجه، من أجل إحاطة الإمام بكامل السرية حفظاً له، ووقاية له عن الوقوع في أيدي الظالمين.

ولو سلمنا أن عدم الإنجاب يدل على نقص في الخلقة، فيحتمل أن يكون المانع من الإنجاب من جهة الزوجة لا من جهة الإمام عليه السلام.

[1] مقال للشيخ صالح الكرباسي " هل الامام المهدي المنتظر متزوج ؟ و هل له اولاد ؟".