سرّ من أسرار الله.. لماذا طالت غيّبة الإمام المهدي؟

ما هي أسباب طول غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)؟

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وردت روايات عديدة في بيان الحكمة من غيبة مولانا الحجّة ابن الحسن (عجل الله فرجه)، كالخوف من القتل، وعدم البيعة للظالمين، وامتحان الناس واختبارهم.

منها: ما رواه الشيخ الطوسيّ في كتاب [الغيبة ص335] بالإسناد عن محمد بن منصور، عن أبيه قال: « كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة نتحدّث، فالتفت إلينا، فقال: في أيّ شيء أنتم؟ أيهات أيهات، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتى تميزوا، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يتمحّصوا، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى مَن شقي ويسعد مَن سعد ».

ومنها: ما رواه أيضاً في [الغيبة ص337] بالإسناد عن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: « إذا فُقد الخامس من ولد السابع من الأئمّة فالله الله في أديانكم، لا يزيلنكم عنها أحد، يا بنيّ إنّه لا بدّ لصاحب هذا الامر من غيبة حتّى يرجع عن هذا الأمر مَن كان يقول به، إنّما هي محنة مِن الله امتحن الله تعالى بها خلقه ».

ومن الظاهر أن طول الغيبة وامتدادها يحقّق هذه الغاية والحكمة؛ إذ وقوع الغربلة والتمحيص الشديد بحيث يتميّز السعداء عن الأشقياء، ويظهر معادن الناس وحقائقهم يتناسب مع طول الغيبة وامتدادها؛ إذ قصر مدّة الغيبة لا يحقّق مثل هذه الغاية.

ومنها: روى الشيخ الصدوق في [كمال الدين ص481] بالإسناد عن سدير الصيرفيّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: « إنّ للقائم منّا غيبةً يطول أمدها، فقلت له: يا ابن رسول الله، ولم ذلك؟ قال: لأنّ الله (عزّ وجلّ أبى إلّا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وإنّه لا بدّ له ـ يا سدير ـ من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: {لتركبن طبقاً عن طبق} أي سنن من كان قبلكم ».

كما قد وردت روايات تفيد أنّ الغيبة سرّ من سرّ الله، لا يظهر وجهه إلّا بعد الظهور المقدّس، منها: ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب [كمال الدين ص288] عن ابن عبّاس، قال: « قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):... فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاريّ فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال: إي وربّي، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر إنّ هذا الامر من أمر الله وسرّ من سر الله، مطويّ عن عباد الله، فإيّاك والشكّ فيه، فإنّ الشكّ في أمر الله (عزّ وجلّ) كفر ».

ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق في كتابي [علل الشرائع ج1 ص246، وكمال الدين ص482 ] بالإسناد عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ، قال: « سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: إنّ لصاحب هذا الامر غيبةً لا بدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل، فقلت له: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات مَن تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلّا وقت افتراقهما، يا ابن الفضل، إنّ هذا الامر أمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنّه (عزّ وجلّ) حكيم صدّقنا بأن أفعاله كلّها حكمة وإنْ كان وجهها غير منكشف لنا ».

وهذه الطائفة من الروايات واضحة الدلالة على أنّ علّة الغيبة سرّ من أسرار الله تعالى، لا يكشفه إلّا بعد الظهور المقدّس، والكلام نفسه يجري في طولها وأمدها.

*السيد عبد الهادي العلوي