قصة من مصاديق ’ربيع القرآن’

الرَّبيع هو وقتُ تفتّح الأزهار، واخضرار العشب، وهبوب الريح الطيبة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وقد ورد ما مضمونه (لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان).

ولعلَّ السرَّ في هذا التعبير (ولستُ أجزم) أنَّ القرآن الكريم يحتاجُ إلى صفاء نفسٍ لمعرفة بعضٍ من أسراره.

وقد قيل: إنَّ النَّفس كُلَّما خالفتها صارت أكثر شفافيَّةً وتسامت وترقَّت، ولا ريب أن مخالفة الشهوات من الطعام، والشَّراب، والجنس وغيرها تسمو بها إلى عوالِم رفيعة تجعلها تُدرك بعض الوجودات العالية كالقرآن الكريم.

والصوم عن الحسد والغضب والظلم وغيرها من الآفات الأخلاقية أيضاً يرتقي بها إلى عوالِم أشرف وأرقى.

فصوم الجوانح والجوارح يُهيئان الإنسان لإدراك هذه الحقائق، والقرآن الكريم لا تنقضي عجائبُهُ، فهو يُفيض من سماء عطائه بقدر أوعية القلوب التي تزكَّت بالصوم.

فمنهم من يُدرك لفتةً بلاغية، ومنهم من يُدرك إعجازاً علمياً، ومنهم من يُدرك سراً من كنوزه يصعب دركه على غيره.

وبهذه المناسبة أنقُل ما روي عن آية الله العظمى السيد المحسن الحكيم - رض- في حقائق أصوله عن بعضهم أنه حضر يوما منزل الآخوند (ملا فتح علي - قدس سره- مع جماعةٍ من الأعيان منهم السيد إسماعيل الصدر - قُدِّس سره - والحاج النوري صاحب المستدرك والسيد حسن الصدر - قُدِّس سرهما -  فتلا الآخوند - قُدِّس سره - قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ...) .

ثم شرع في تفسير قوله: تعالى فيها: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ) وبعد بيان طويل فسرها بمعنى لما سمعوه منه استوضحوه واستغربوا من عدم انتقالهم إليه قبل بيانه لهم،!

ثم حضروا عنده في اليوم الثاني ففسرها بمعنىً آخر غير الأول فاستوضحوه أيضا وتعجبوا من عدم انتقالهم إليه قبل بيانه!

ثم حضروا عنده في اليوم الثالث فكان مثل ما كان في اليومين الأولين!

 ولم يزالوا على هذه الحال كلما حضروا عنده يوما ذكر لها معنىً من بعد غير الذي ذكر لهم من قبل.

وتكرَّر ذلك ثلاثين يوما، فذكر لها ما يقرب من ثلاثين معنى وكلما سمعوا منه معنى استوضحوه، وقد نقل الثقات لهذا المفسر كراماتِ - قدس الله روحه-

هذا من أبرز مصاديق ربيع القرآن.