عن ’واقعة الغدير’

إنّ الاستحضار الحيّ لمشهد واقعة الغدير يؤدّي إلى الانتباه إلى طبيعة دلالات هذه الواقعة وحجم تأكّدها ووضوحها في إبراز مكانة الإمام أمير المؤمنين (ع) بعد النبي (ص) لجماهير المسلمين.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وقد روي بألفاظ مختلفة، منها: ما أخرجه جماعة منهم الطبراني بإسناد صحيح عن زيد بن أرقم قال: "خطب رسول الله (ص) بغدير خمّ تحت شجرات، فقال: أيّها الناس، يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤولٌ وإنّكم مسؤولون، فماذا انتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وجاهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً.

فقال: ألا تشهدون أن لا اله الا الله، وأن محمّداً رسول الله (ص)، وأن جنّته حقّ، وأنّ ناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت، وأنّ الساعة آتية لاريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور؟.

فقالوا: بلى، نشهد بذلك.

قال اللهم اشهد.

ثم قال : أيّها الناس، إنّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم. فمن كنت مولاه فهذا مولاه ــ يعني علياً ــ، اللهم والِ من ولاه، وعاد من عاداه".

****

إنني أعتقد أنّ التأمّل الصادق من جمهور المسلمين لهذه الواقعة كما لو كانوا قد حضروها في حينه كافٍ في الانتباه لمداليلها ومفهوم الخطبة النبوية فيها.

ولكن الذي سلب دلالتها ودلالة النص الملقى فيها هو ما لحقها من الأحداث الذي مثل غياب أمير المؤمنين (ع) عن مشهد الحكم، بل عن مشهد تعيين الحاكم في السقيفة، حيث إن أهل الحل والعقد من الصحابة ــ كما يعبّر عنهم ــ قد بتّوا بأمر تعيين الخليفة في السقيفة من دون اطلاعه ولا إخباره، وقد نقل الجميع عنه أنّه عاتبهم على ذلك، وامتنع من البيعة إلى عدة أشهر.

وقد يسلب دلالة الوقائع والنصوص التاريخية -حتى اذا كانت واضحة وصريحة - عدم ترتيب الأثر الملائم لها في مسرح الأحداث خارجاً في حينه، فتُحَجَّم دلالاتها بما يلائم ما اتفق من الأحداث لاحقاً.

هذه ظاهرة وقعت كثيراً في شأن النصوص المأثورة في شأن أهل البيت (ع) مثل حديث الثقلين ـ والذي روي في ضمن خطبة الغدير أيضاً ــ، حيث نزّله مدرسة الخلفاء إلى مستوى (محبّة أهل البيت)، بينما يفيد الحديث بوضوح ــ من خلال قرنهم بالكتاب ــ أنهم عصمة من الضلالة، وهو ما يقتضي وجود أفراد محدودين يكونون بهذه الصفة؛ إذ من غير المعقول ضمان صلاح وعلم وهدى عشيرة بكاملها على امتداد الأزمان!!، لكن لم يكن الموقع الذي أُحلّ فيه (أهل البيت) بعد النبي (ص) ملائماً لهذا المعنى، فنزّله الجمهور على مستوى المحبة لعترة النبي (ص) .

لقد أدى تغييب أهل البيت (ع) عن الموقع الملائم من التميز العلمي والمعنوي والتسديد الالهي والسياسي إلى ظاهرة محسوسة بسهولة ويسر، وهو إهمال النصوص المتعلّقة بهم، وقلة طرقها، وتقطيعها، وتخفيف صياغاتها، كما أدّى إلى تأويل مداليلها وتوجيه مفاهيمها بما يلائم سير الوقائع بعد النبي (ص)، على أساس اعتبار ما وقع هو الأصل المحكم الذي ينبغي أن تعرض عليه الأحاديث.

لكن مع ذلك شاء الله سبحانه أن تبقى جملة من تلك الوقائع والنصوص محفوظة لعوامل، من أهمها:

١- إحيائها من قبل أهل البيت (ع)؛ كما فعل ذلك أمير المؤمنين في خطبه المجموعة في نهج البلاغة، ومثل ذلك فعل ذريته (ع) إذ رووا هذه النصوص وأكدوا عليها.

 ٢- وقوع بعضها في وقائع تاريخيّة جماهيريّة كحادثة الغدير، فكانت جزءً مشهوداً من سيرة النبي (ص)، وإن تعسّف بعض أصحاب السير كابن هشام في السيرة النبوية في حذفها.

 ٣- وجود روح الإنصاف في فريق من أهل العلم من الجمهور أبوا معه أن  ينفوا أصل هـذه الحادثـة أو يشككوا فيها؛ لأنهم وجدوه إنـكاراً غـير مـقبول للثرات التاريخي والحديثي المحفوظ عن السيرة النبوية، وخروجاً صارخاً عن الموازين العلمية في رواية الأحاديث وتوثيقها. على أنّهم صرفوها عن مفادها مضطرّين؛ كي لا تمسّ شرعيّة الخلافة على كلّ حال.

٤- إنّ نصب الأمويين العداء لأهل البيت (ع) مبكراً ــ من خلال سبهم، وتكفيرهم، وسعيهم إلى إكراه الصحابة على ذلك ــ أدّى إلى ردّ فعلٍ من بعض الصحابة لاحقاً، كما نلاحظ ذلك فيما روي عن سعد بن أبي وقاص في شأن فضائل أمير المؤمنين (ع)، كما رواه مسلم في الصحيح.

ولنتأمَّل دلالة الحديث: فالحديث يتضمن دلالتين مؤكدتين:

الدلالة الأولى: دلالة بالغة للغاية من خلال ما تضمنته الخطبة من حديث الثقلين، وحديث الثقلین حدیث تكررت روايته مستقلة في أخبار متعددة محكوم بصحتها واعتبارها - بمعنى أنه لم يُذكر في تلك الأخبار أنه (ص) ألقاه في سياق خطبة محددة ، ولكنه جاء أيضا في سياق الخطبة الغديرية وفق ما رُوي في أحاديث محکوم بصحتها واعتبارها حيث إنه (ص) قال: " أما بعد أيها الناس: فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيبه، وإني تارك فيكم ثقلين"، ثم ذكر (کتاب الله تعالى وعترته أهل بيته) .

وهذا المضمون ينبئ عن مكانة عظيمة لأهل البيت (ع) للغاية؛ لأن القرآن الكريم هو أس الإسلام ورسالة الله تعالى في هذا الدين إلى الخلق المشتمل على تعاليم الدين وبه كان الرسول (ص) رسولا إلى الأمة، وهو النور المبين، والذكر الحكيم، والآيات البينات، إلى عشرات الأوصاف التي جاءت عنه في القرآن نفسه، فقَرْنُ أهل البيت (ع) به ينبئ عن مكانة عظيمة ويدل على أنهم صفوة الله والمصطفين من هذه الأمة؛ سواء في الجانب العلمي أو المعنوي (أي التسديد الإلهي)، والسياسي. كما يؤيد ذلك شواهد أخرى؛ مثل الصيغة التي علمها (ص) للصحابة في الصلاة عليه كما في الصحيحين: «اللهم صل وترحم وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وترحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم»، وقد عُلم أن صلاة الله سبحانه ورحمته وبركاته على آل إبراهيم كان بإتيانهم الكتاب والحكم والملك، كما قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) النساء: 54 .

ومن المُلفت أنه (ص) لم يذكر نفسه في ضمن الثقلين - مع أن تمسك الأمة بالنبي (ص) ضروري في مماته كما في حياته -، وليس ذلك إلا لأنه ناظر إلى حال وفاته، والتمسك بأهل بيته (ع) يكون تمسكاً به وبسنّته، فهو متمثل فيهم وهم امتداد له.

الدلالة الثانية: أن عليا (ع) هو ولي كل من كان النبي (ص) وليا له.

والولاء معنی معروف في العرف واللغة، ولا يزال يستعمل في العرف العام، كما يقال: إن فلانا مدين بالولاء للدولة أو للجهة السياسية المعنية أو لدولة اخرى.

ومن أوضح موارد إطلاقه قديما وحديثاً الولاء بين أفراد العشيرة الواحدة، ومعناه: أن بعضهم يتولى البعض الآخر، ويكون حمىً وعوناً وظهراً، ومن جملتها الولاء بالتحالف بين العشائر المتعددة، ومن جملتها إطلاق الولاية على من تكفل شوؤن الطفل؛ لأنه يلي أمره ويتصدى له.

ومن هذا الباب ما جاء في آيات القرآن الكريم من الولاء بين المؤمنين كما قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة: 71. فالمراد أنهم كجماعة واحدة يتصل بعضهم ببعض، ويتعاونون على الصلاح المشترك بينهم، ومن هذا الباب أيضا ما جاء من أن أولي الأرحام: (بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ في كتاب اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنينَ والمُهاجِرِينَ) الأحزاب: 6، وبهذا المعنى أيضا جاء: (وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران: 68، كما أن المؤمنين هم أولياء الله تعالی أيضا كما قال تعالى: (ألَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ) يونس: 62 .

ويبدو أن الولاء في أصله من الاتصال، لكنه كان يعني الاتصال الحسّي حيث يقال: (هذا الشيء يلي هذا) إذا كان يقع بعده متصلا، ولكنه عُمِّم إلى الاتصال المعنوي على قاعدة تدرج اللغة من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية، فكأن بعض الأولياء متصل ببعض، فهو يلي أمره، ويكون عونه وظهره وحاميه، وبذلك يكون أولى به من الآخرين.

وعليه فإن معنى الولاء واضح، فهو وشيجة خاصة قائمة بين الطرفين، وهو معنى عام يشمل جميع موارد الولاء، وبذلك يظهر أن ما ذُكر في كتب اللغة من معانٍ متعددة ليست معانٍ له حقيقةً، بل بعضها مصداق له؛ مثل: الحليف، والعم، وبعضها لوازم، مثل: النصرة، والمحبة؛ فإن النصرة والمحبة من لوازم تلك الوشيجة، ومن المعروف أن عادة كتب اللغة تفسير الألفاظ بمصادیق معانيها أو لوازمها. هذا عن أصل معنى الولاء في الحديث.

وعليه فإن الحديث يفيد أن هناك وشيجة قائمة بين الله سبحانه ورسوله (ص) والإمام علي (ع) وبين المؤمنين كافة، وأن على المؤمنين أن يراعوها اعتقادا وسلوكا.

لكن، ما هو نوع الولاء المنظور في ذلك؟ وهذا يحتاج الى زيادة توضيح. ذلك أن الولاء على نوعين:

١- الولاء المتكافئ، والمراد به أن يكون لكلٍ من طرفي الولاء من الولاء للآخر مثل ما للآخر تجاهه، كما في الولاء بين أفراد العشيرة، والولاء بين المؤمنين. وكل الولاءات العامة هي من هذا القبيل؛ لأنها تثبت بصفة مشتركة كالقرابة والإيمان.

٢- الولاء المختلف، والمراد به أن يكون أحد طرفي الولاء أولى بالآخر من نفسه دون العكس، وهذا شأن الولاء الخاص الثابت لأحد الطرفين بصفة خاصة به، وهذا كما في ولاء النبي (ص) على الأمة حيث جاء: (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) الأحزاب: 6 ،ومن المعلوم أن المؤمنين ليسوا كذلك بالنسبة إلى النبي (ص) فهم ليسوا أولى به (ص) من نفسه، وإن كان لهم حقوق ملائمة للولاية عليهم، وإنما كان الولاء معه (ص) مختلفاً من جهة أن ولاء المؤمنين للنبي (ص) إنما هو بصفته الخاصة، وأما ولاء النبي (ص) للمؤمنين فإنما هو لصفة عامة وهي الإيمان، وكذلك الحال في ولاء الله سبحانه على الناس فهو ولاء مختلف وليس هناك ثالث لله ورسوله (ص) في هذا الولاء.

ويترتب على كلا الولاءين حق النصرة ولكن مع تفاوت، ففي الولاء المتكافئ يكون نصرة بعض لبعض على نحو متكافئ، وأما في الولاء المختلف فيكون هناك تناصر أيضا، إلا أنه يكون بمحورية الطرف الأعلى في الولاء کالنبي (ص)، ومن ثم وجب على المؤمنين أن ينصروا النبي (ص) نصرة مميزة مبنية على أولويته (ص) لهم من أنفسهم؛ لأنه (ص) محور جبهة الحق وقيادته وعَلَمه، كما قال تعالي: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ) التوبة: 120 .

كما أن العداء أيضا للأعداء يترتب على كلا الولاءين، ولكن معاداة بعضهم لأعداء بعض يكون بنحو متماثل في الولاء المتكافئ، ومن ثم فإن على المؤمنين أن يعادي بعضهم أعداء بعض آخر ويدفع عدوانهم عنهم، وأما في الولاء المختلف فيكون محور العداء هو معاداة الطرف الأعلى في الولاء، ومن ثم شدد في الآيات على معاداة الله تعالى ورسوله (ص) كما قال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) التوبة: 63، والمحادة - فيما قيل - هي: المشاقة والمحاربة والمعاداة.

وبعد الالتفات إلى ذلك يتضح أن المراد بولاء المؤمنين للإمام علي (ع) في هذه الخطبة هو الولاء الخاص بالله تعالى ورسوله (ص) وليس الولاء العام القائم بين المؤمنين بشكل متكافئ.

وأعتقد أن هذا واضح للغاية، فكل من يقف على هذا المشهد والخطاب يجد بأدنى تأمل أن دلالة هذا الكلام ليس هو إثبات الولاء والإيمان العام بين المؤمنين في شأن علي (ع) مع عامة الناس، بل هو نحو خصوصية له (ع) اشترك فيها مع الله سبحانه والنبي (ص) وتميز بها عن سائر المؤمنين.

ويوضح ذلك قرائن لفظية و مقامية و خارجية منبّهة. فمن القرائن اللفظية:

١- التمهيد لإثبات ولائه بقوله: «ألست أولى بكم من أنفسكم»، فإن الأولوية أفعل تفضيل من الولاء، وليس المولى إلا بمعنی من پلي أمر الشخص دون الآخرين فهو أولى به منهم، وقد أُطلق الأولى في شأن أولي الأرحام في قوله تعالى: (وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّه) الأحزاب: 6 ، وعليه فدل على أن المراد بالولي من كان أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

۲- جعل الملازمة بين الولاءين - ولاء الرسول (ص) وولاء الإمام علي (ع) -: في قوله (ص) «من کنت مولاه فهذا علي مولاه، فإن المفهوم من «مولاه في شأن النبي (ص) هو الولاء الخاص له (ص): «ألستُ أولى بكم من أنفسكم»، فيكون المفهوم جعل الولاء الخاص لأمير المؤمنين (ع) أيضا، كما هو واضح.

٣- وقد ذكر في بعض ألفاظ الحديث الأكثر تفصيلا ولاء الله سبحانه مع ولاء الرسول أيضا، والمفهوم من كونه سبحانه مولى المؤمنين أيضا هو الولاء المختلف، فإنه سبحانه هو محور الولاء مع المؤمنين، فهم يوالون من والاه سبحانه ويعادون من عاداه، وفي ذلك أيضا ما يساعد على فهم الولاء الخاص مع الإمام أمير المؤمنين (ع).

4- ثم قوله: "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" ظاهر في أن الإمام أمير المؤمنين (ع) هو محور الولاء والعداء في هذه العلاقة، وهو الطرف الأعلى فيها، وليست العلاقة بينه وبين المؤمنين هي علاقة التكافؤ كما في ولاء المؤمنين بعضهم مع بعض، فعليهم أن يجعلوه (ع) محورا في العداء والولاء.

5- وقبل ذلك كله ما تقدم ذكره من أن الخطبة بحسب ألفاظها الأكثر تفصيلا قد تضمنت حديث الثقلين المشتمل الأمر بالتمسك بكتاب الله سبحانه وبعترته أهل بيته، وجعل العترة (ع) بعده ثقلا قرينا للكتاب معنى عظيم للغاية كما تقدم؛ لأن القرآن الكريم هو رسالة الله سبحانه إلى الخلق التي هي أساس الإسلام ومداره و محقق الرسالة ودليلها، وهي تحتوي على تعاليم الله سبحانه إلى الخلق، فجعل العترة قرين الكتاب وعصمة من الضلالة يعيِّن الولاء الخاص الذي يتصدر فيه أهل البيت (ع) ويكونون محورا للولاء، ولا يلائم الولاء العام المتكافئ بين المؤمنين، وهذا واضح وضوحا بالغا.

بل ذكرنا أن مفاد هذا القَرْن بين الكتاب والعترة يتجاوز الولاء السياسي إلى ما يستبطن تميز أهل البيت (ع) في العلم والتسديد والحكم جميعا بما يعطي اصطفاءهم من هذه الأمة، فكيف يصح التنزل بمفاد هذا الكلام إلى حد الموالاة العامة بين المسلمين؟

وعليه فيكون ذكر ولاء المؤمنين للامام (ع) وجوب موالاتهم إياه في الحقيقة فرعاً من كون أهل البيت (ع) بعده هم الثقل المتمم للكتاب، وتلك خصوصية لا يشاركهم فيها أحد غيرهم من الأمة، فكيف يلتبس على أي ناظر في هذه الخطبة وفائها بالولاء الخاص للامام علي (ع)؟. (1)

_____

(1) مقتبس بتصرف من سلسلة: اصطفاء اهل البيت (ع) للسيد محمد باقر السيستاني /مخطوط