«لعبة» تسبب الاكتئاب وتدعو إلى الانتحار!!

يجلس حسام (٢٧عاما) على سجادة من الصنع المحلي ممسكا بهاتفه الذكي وعيناه تدوران في محجريه مثل كرتي زجاج.

يتفاعل حسام وهو على هذه الحال مع ثلاثة من اصدقائه على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وهم يمارسون لعبة (بوبجي) ذائعة الصيت هذه الايام.

يقول حسام، وهو جندي في الجيش العراقي، في حديث خاص لموقع الأئمة الاثني عشر، أنه يقضي معظم إجازته العسكرية في ممارسة هذه اللعبة مع أصدقائه في الجيش.

يضيف، أن ما أحببته في هذه اللعبة هو طابعها العسكري الذي يشبه يومياتنا في العمل العسكري.

ويمضي بالقول ، امارس لعبة (بوبجي) حتى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل يوميا طوال الإجازة، حتى صرت احلم بها، وحتى عندما استيقظ صباحا اشعر انني للحظات في موقع اللعبة.

لعبة بوبجي هي اللعبة الاوسع انتشارا في الوقت الحاضر، وهي لعبة يتقمص اللاعب فيها دور جندي في وحدة عسكرية من أربعة مقاتلين تحاول تحرير منطقة معينة وقتل أعضاء الوحدات العسكرية المنافسة، وتمتاز بالتفاعل العال بين المشتركين والمتنافسين فيها.

اغلب مصطلحات هذه اللعبة هي مصطلحات خطرة وغير مألوفة في المجتمع، لكنها مصطلحات معتادة ومألوفة في الحروب وساحات المعارك كـ (اقتله، خذ دمه، خذ اسلحته، حاصروهم)، وغيرها.

الصورة الرئيسية

مضامين تدعو إلى الانتحار!

يقول أستاذ الإعلام في جامعة اهل البيت غالب الدعمي في حديث لموقع الأئمة الاثني عشر، أن هذه الالعاب الالكترونية تحمل "مضامين ترويجية وتهدف إلى إيصال افكار معينة، وجر الشباب إلى اعتناق افكار ومعتقدات بعيدة عن التي يؤمن بها الشعب العراقي، وبعضا تسعى إلى سلخ هؤلاء الشباب من وطنهم وبلدهم، وبعضها الآخر تدعو الشباب إلى الانتحار أو القيام بأعمال عدوانية وتعلم سلوكيات اخرى غير مقبولة في المجتمع الاخر".

ويضيف الدعمي، "نلاحظ أنه بين فترة وأخرى ظهور لعبة معينة تنتشر بين الشباب بشكل كبير وسرعان ما تختفي وتظهر لعبة أخرى وهو ما يرجح وجود اياد خفية تقف خلف هذه الالعاب ونشرها وترويجها".

ويؤكد، أن هذه الألعاب لا تبتعد كثير عن الترويج لأفكار ومعتقدات تؤمن بها بعض الدول وتسعى إلى تحقيقها ومن بين هذه الأهداف ابعاد الشباب العراقي والعربي عن أهدافه وطموحاته، والمشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.

لعب واكتئاب!

وترى المستشارة النفسية والاجتماعية علياء الصافي، أن الالعاب الالكترونية "تؤثر بصورة سلبية على الاطفال ومستقبلهم من نواحي كثيرة سواء كان الضرر من الناحية الصحية، الدراسية، الاجتماعية، النفسية، الثقافية، الدينية".

وتشير الصافي في حديث لموقع "الأئمة الاثنا عشر" ، إلى أن أضرار هذه الألعاب "كثيرة وكبيرة من الناحية النفسية ولها تأثيرات سلبية مثل اضطراب النوم ،القلق ،التوتر ،الاكتئاب،  الانطواء وكذلك زيادة  الأفكار والسلوكيات العدوانية وعدم سماع الإرشاد والتوجيهات من قبل الأهل والتمرد على الأسرة".

وترى ايضا، ان هذه الألعاب قد تكون "أكثر ضرراً من أفلام العنف التلفازية أو السينمائية لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها وتؤثر على الطفل فيصبح عنيفا، فالكثير من الألعاب (القاتل الأول) الموجودة في البلايستيشن تزيد رصيد اللاعب في النقاط كلما تزايد عدد قتلاه، فهنا يتعلم الطفل ثانية أن القتل شيء مقبول وممتع، وإيذاء الإخوة بعضهم بعضاً من خلال تقليد ألعاب المصارعات وتطبيقها في الواقع".

الصورة الرئيسية

وتمضي بالقول، أن هذه الألعاب تؤثر أيضا على الانفعالات "لكونها ترمز إلى التحدي وفي بعض الأحيان إلى الإحباط والإثارة والمفاجأة، ومشاهد الألعاب العنيفة التي تحتوي على القتال والدم والصراع تقدم انموذج مختلف من الشخصيات الإنسانية في المجتمعات المختلفة ومنها (رجل العصابات , المغامر , المقاتل , الشجاع , المجرم العنيف , الرياضي القوي) التي تبهر الأطفال وتجذبهم , لأنها تقدم إليهم كشخصيات بطولية لا تهزم بسهولة".

وتشير الصافي، أن دراسات عديدة أجريت للتعرف على العلاقة بين استخدام أنشطة الكمبيوتر ودرجة التفاعل الاجتماعي لأطفال ما قبل المدرسة، والكشف عن الفروق بين الأطفال مستخدمي الكمبيوتر والأطفال غير مستخدمي الكمبيوتر في درجة التفاعل الاجتماعي، وكذلك الكشف عن الفروق بين أثر استخدام أنشطة الكمبيوتر وأنشطة الروضة على درجات التفاعل الاجتماعي لأطفال ما قبل المدرسة و مدى مناسبة استخدام الكمبيوتر مع هذه المرحلة العمرية.

وتبين ، ان نتائج هذه الدراسات أشارت توصلت الى أن الأطفال مستخدمي الكمبيوتر ضعيفي التفاعل الاجتماعي مقارنةً بالأطفال الآخرين الغير مستخدمي الكمبيوتر.

تحريم الألعاب!!

يقول الباحث الإسلامي السيد هيثم الحيدري لموقع "الأئمة الاثني عشر" ، إنه "لا حرمة في أصل هذه الألعاب، وإنما تحرم لدخولها بعناوين أخرى، من قبيل الإدمان عليها والإخلال بالوظائف الشرعية الالزامية.

ويرى الحيدري، إنه "بما أن كثيرا من الدراسات قد أثبتت أن هذه الألعاب - وإن كانت في عالم افتراضي - لها تأثير خطير على نفسية اللاعب من حيث جعله عدوانياً تجاه الآخرين فلابد من اجتنابها".

وعن الحديث المباشر بين الرجال والنساء في الألعاب الالكترونية،  يقول الحيدري، انه "لا يجوز الحديث بين الرجل والمرأة الأجنبية فيها لما فيه من خوف الوقوع في الحرام ولو بالانجرار اليه شيئاً فشيئاً".

اللعب أثناء الدوام

ويشير الحيدري ايضا الى انه ، لا يجوز للموظف ان يخالف الضوابط القانونية والالتزامات التي تعهد بها بموجب عقد توظيفه، فلا يجوز اللعب إذا كان ممنوعاً عليه بمقتضى عقد التوظيف في اثناء اوقات الدوام الرسمي؛ حتى مع عدم التأثير على سير العمل وفي اثناء وقت الفراغ.

ويوضح ، ان المتخلف عن اداء وظيفته لا يستحق الراتب المقرر له بمقدار التخلف.

ويعتبر، ان دور رجال الدين والخطباء في التوعية الاجتماعية والدينية هو التصدي لببيان الموقف الشرعي منها وبتحذير المجتمع من مخاطرها لما تترتب عليها عواقب دنيوية وأخروية فاسدة، كإهمال الالزامات الشرعية، وتدهور الروابط الاجتماعية، واهدار الوقت الذي ينبغي أن يُنفق للسعادة الحقيقية لا الافتراضية، وخلق الشخصية العدوانية.

علاج فني!

ويؤكد مهندس البرمجيات علي الفاضل في حديث لموقع "الأئمة الاثني عشر"، ان بإمكان الحكومة منع تنزيل العاب معينة من (كوكل بلى) أو أبل ستور بالغرض على الشركات المزودة بمنع التنزيل وهذا يحتاج قرار حكومي وتشريعي.

ومما يسهل ذلك بحسب الفاضل، ان اهم ما تحتاج إليه هذه الألعاب هو الخادم (server) كي يلعب الفريق عليه، وبالتالي يمكن حجب هذا الخادم في البلد.

لكن ذلك يمكن التحايل عليه وتنزيل اللعبة باستخدام برامج الحجب او تنزيلها من مواقع بديلة، كما يقول الفاضل.